لطالما حملت عروض فن التهريج في طياتها رسائل إنسانية كثيرة تحفز مشاهدها على استيعاب مشكلة ما بطريقة سلسة لا تخدش المشاعر. ومن هذا المنطلق، تنظم جمعية «كلاون مي إن»، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، يوماً توعوياً في بلدة إهدن الشمالية، يخصص لتطويق موضوع العنف بطريقة مرحة غير مخيفة. فالتحضيرات لإقامة هذا اليوم الطويل هي على قدم وساق، حيث يلتقي المهرجون مع نحو ألف شخص، ليشاركوا في برنامج غني بالفنون والألعاب وأنشطة أخرى. وتدور عناوينها حول كيفية القضاء على مشكلة العنف ضد الأولاد، فيتفاعل معها الأهالي وأولادهم بشكل مباشر، من خلال عروض مسرحية وحلقات حوارية وألعاب مسلية.
المهرجون أصحاب هذه المبادرة سيستقبلون الزوار من على مدخل الحدث (أهالي وأطفال)، فيمضون معهم ساعات طويلة، يتشاركون فيها بنشاطات مختلفة.
وتتألف هذه النشاطات من مسرح تفاعلي، يقدم خلاله نحو 10 مهرجين اسكتشات توعوية، يتخللها وقفات قصيرة مع الجمهور تصب في خانة الفنون التفاعلية. فيستعرضون معاً مشكلات العنف، وكيفية الحد منها، بناء على أسئلة وأجوبة يتواصل الطرفان من خلالها. وفي قسم ألعاب الصحون الطائرة، والمشي على الحبال، التي عادة ما يجيد مهرجو السيرك تقديم عروضها، سيحاول المهرجون لفت انتباه الأهالي إلى ضرورة دعم أولادهم في أثناء تعرضهم لمواقف حرجة، بدل تعنيفهم وتأنيبهم.
«أهم ما في الموضوع هو أننا نوصل رسالتنا إلى الآخر بأسلوب مرح، فلا يمل منه الطفل، ولا يشكل معضلة عند الأهل، لا سيما هؤلاء غير المتنبهين إلى أدائهم اليومي مع أولادهم. فيتلقفون المعلومة من خلال هذه الأنشطة التي نستخدم فيها أدوات أجسام صغيرة عادة ما يعبر فيها الأهل عن غضبهم تجاه أولادهم، ولكن من ناحية توعوية»، تقول سابين شقير مؤسسة جمعية «كلاون إن» ورئيستها، وتضيف في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «فكم من مرة حاول أحد الأهالي إجبار ولده على تناول طعام معين لا يحبه، فيرمونه بالصحن في نهاية المطاف، تعبيراً عن رفضهم لعناده، وهو ما يدخل في أساليب العنف ضد الأطفال. وإننا من موقعنا نضيء على هذه الأساليب بمشهدية غير مخيفة، نلقي الضوء من خلالها على أداء تربوي غير صالح في المعاطاة بين الأهل والأولاد». وسيمارس أيضاً الأولاد هواية الرسم على طريقتهم، فيعبرون من خلالها عن مشكلاتهم التي لا يتجرأون على البوح عنها في يومياتهم العادية لأهاليهم، وعن ذلك تقول شقير: «هذه الرسومات على لوحات كبيرة ستتضمن وعوداً من قبل الطرفين عليهما الالتزام بها في علاقتهما سوياً في المستقبل».
وتوضح شقير التي تخصصت في مجال التهريج في لندن، وعادت به إلى لبنان كي تستخدم فنونه في مجالات اجتماعية كثيرة: «لقد نظمنا نشاطات كثيرة في هذا الإطار في مختلف المناطق اللبنانية، سعياً وراء توعية مجتمع مكبل بتقاليد بالية تتحكم في العلاقة بين الأولاد وأهاليهم».
وعشية هذا اليوم الطويل، سيتوزع الحضور على منطقة المطاعم في إهدن، ليلتقوا بمهرجين مطليين بالأبيض، يقفون في أركانها كالتماثيل، فتتغير أشكالها في كل مرة أرادوا التعبير عن وسيلة تحد من العنف ضد الأطفال.
وتؤكد شقير أن تقديم نشاطات تفاعلية، كمسرحيات وعروض سينمائية تحكي عن هذه المشكلة في الشوارع والساحات العامة، من شأنه استقطاب أكبر عدد من الناس بطريقة غير مباشرة، فلا يشعرون بأنهم مجبورون على حضورها.
مبادرة «كلاون مي إن» في لبنان لتوعية الأطفال عن طريق التهريج
عروض تفاعلية تهدف إلى الحد من مشكلة العنف
مبادرة «كلاون مي إن» في لبنان لتوعية الأطفال عن طريق التهريج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة