عباس يسعى لإقناع فرنسا بعقد مؤتمر دولي للسلام

الفلسطينيون مصدومون من حجم الإجراءات الأميركية

TT

عباس يسعى لإقناع فرنسا بعقد مؤتمر دولي للسلام

يسعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مجددا إلى إقناع فرنسا بإطلاق مؤتمر دولي للسلام، ردا على الخطة الأميركية المعروفة بصفقة القرن.
وتأتي محاولات عباس في وقت تتزايد عليه الضغوط من أجل اتخاذ قرارات مصيرية متعلقة بمصير السلطة وإعلان الدولة وسحب الاعتراف بإسرائيل، ردا على الهجوم الأميركي المنظم ضد السلطة، الذي ينذر في النهاية بانهيارها، نتيجة الحصار السياسي وقطع الدعم المالي.
وقال وزير الخارجية رياض المالكي، إن الرئيس سيتوجه إلى باريس للقاء نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبيل توجهه إلى نيويورك، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في السابع والعشرين من الشهر الحالي.
وأكد المالكي أن عباس سيزور كذلك آيرلندا، ويبحث في البلدين كيفية الرد الأوروبي والعالمي على «صفقة القرن».
وأوضح المالكي أن عباس سيطلب من ماكرون التحرك واتخاذ موقف واضح من هذه «الصفقة»، بما في ذلك إطلاق النسخة الثانية من المؤتمر الدولي للسلام، الذي عقد في دورته الأولى في باريس في يناير (كانون الثاني) من العام المنصرم.
وكانت فرنسا عقدت مؤتمرا للسلام، لم يخرج بأي نتيجة تذكر على الأرض، بسبب رفض الولايات المتحدة وإسرائيل للفكرة.
ولا يعرف لماذا تصر السلطة على عقد مؤتمر دولي ثان، في ظل رفض الولايات المتحدة وإسرائيل.
وعقد المؤتمر هو طلب فلسطيني بالأساس.
وقال المالكي إن فكرة عقد المؤتمر الدولي للسلام، تتقاطع تماما مع رؤية عباس للسلام، التي تقوم على مؤتمر دولي تنتج عنه آلية دولية لرعاية مفاوضات ضمن سقف زمني محدد ومرجعية محددة هي حل الدولتين.
ووافق عباس على أن تكون الولايات المتحدة جزءا من هذه الآلية، وليس راعيا منفردا بسبب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
وساءت العلاقة الأميركية الفلسطينية إلى أبعد حد بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل، ثم وقف كل تمويل تدفعه واشنطن للفلسطينيين قبل إغلاق مكتب منظمة التحرير وطرد السفير وعائلته.
وأكد رئيس مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن حسام زملط، الموجود في رام الله، إن الولايات المتحدة ألغت تأشيرات عائلته في أحدث تفاقم للعلاقات بين الإدارة الأميركية والقيادة الفلسطينية.
وقال زملط، إن عائلته، بما في ذلك طفلاه، غادروا الولايات المتحدة بعد إبلاغها بأن تأشيرات أفرادها ستصبح غير سارية عند إغلاق مكتب البعثة الشهر المقبل. وكان من المقرر أن ينتهي العمل بالتأشيرات في عام 2020. وانتقدت حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الإدارة الأميركية ووصفتها بأنها «انتقامية».
وأضافت في بيان «وكأن إعلان أميركا إغلاق مكتبنا في واشنطن العاصمة لم يكن كافيا. هذا السلوك الانتقامي من قبل إدارة ترمب بغيض».
ووصف زملط ما جرى بأنه «يتنافى مع الأعراف الدبلوماسية». مضيفا «لا علاقة للأطفال والزوجات والعائلة بالخلافات الدبلوماسية».
وفوجئت رام الله من حجم الهجوم الأميركي الذي استهدف السلطة حتى أنه طال مستشفيات فلسطينية في القدس ومنظمات تعنى بالتعايش مع إسرائيل، إلى الحد الذي أجبر كتاب وصحافيين إسرائيليين على السؤال، حول الجدوى الذي يتوخاها ترمب من وقف مخصصات تستخدم في علاج مرضى السرطان، ومن وقف أموال مخصصة لبناء مستقبل أفضل للأطفال.
وفي محاولة لتخفيف حدة المواجهة مع الإدارة التي يعتقد الفلسطينيون أنها فقدت عقلها، أمر الرئيس عباس بوقف أي هجوم شخصي ضد ترمب، وتخفيف حدة الانتقادات للولايات المتحدة.
ولم يخف المالكي بأن القيادة الفلسطينية تتوقع مواجهة شرسة في الفترة المقبلة. وقال: «واشنطن تشن حربا على الشعب الفلسطيني وقضيته، وبالتالي علينا كقيادة الفلسطينية، التحضير للدفاع عن الشعب الفلسطيني أمام هذه الحرب غير المبررة».
ويخطط عباس لإعلان دولة تحت الاحتلال، والتخلص من اتفاق أوسلو، وسحب الاعتراف بإسرائيل، إذا لم تتحرك الدول الكبيرة لإنقاذ عملية السلام.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».