يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره التركي رجب طيب إردوغان اليوم (الاثنين) وسط تصاعد القلق الدولي من هجوم متوقع لقوات نظام بشار الأسد على محافظة إدلب، آخر معاقل فصائل المعارضة المسلحة في سوريا.
ويجتمع الرئيسان في مقر بوتين في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قبيل المحادثات إن "الوضع في إدلب حرج". وأقر بوجود "بعض الاختلافات في الرؤية" للحل بين الرئيسين.
وعمل النظام السوري المدعوم من روسيا وإيران على حشد قواته حول محافظة إدلب في الأسابيع الماضية مما يثير المخاوف من هجوم جوي وبري وشيك لاستعادة السيطرة على المعقل الأخير للفصائل المعارضة.
وكثفت تركيا محادثاتها مع روسيا لتفادي هجوم محتمل، ودعت مرارا إلى وقف إطلاق النار. وكان إردوغان وبوتين قد التقيا في السابع من سبتمبر (أيلول) في طهران حيث عقدا قمة مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، أخفق فيها الرئيسان الروسي والتركي في التفاهم على حل سلمي لإدلب المحاذية لتركيا.
وأدت عمليات القصف الجوي الروسية والسورية ونيران المدفعية والبراميل المتفجرة إلى مقتل أكثر من 30 مدنيا في أنحاء المحافظة الشهر الماضي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
غير أن وتيرة القصف تراجعت الاسبوع الماضي، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة إن النظام السوري لا يستعدّ لشن هجوم واسع على إدلب، مضيفا إن موسكو ستبذل كل ما بوسعها لحماية المدنيين.
ونقلت صحيفة "حريت" التركية اليوم عن إردوغان قوله إن دعوات بلاده لوقف إطلاق النار تؤتي ثمارها وإن "الوضع في إدلب هادئ منذ ثلاثة أيام. يبدو أننا حصلنا على نتيجة للجهود التي بُذلت"، مستدركاً: "لكننا ما زالنا غير راضين".
وأضاف إردوغان أن تركيا التي تستضيف 3.5 مليون لاجئ سوري تحملت "العبء السياسي والإنساني" للحرب المستمرة في سوريا منذ سبع سنوات وإن أي موجة نزوح جديدة ستتوجه إلى بلاده. وتابع: "نحاول حماية الأبرياء هناك من خلال مواقع المراقبة، لكن حاليا بوسع الجميع أن يروا قسوة النظام والإرهاب الذي ينشره. هناك دولة إرهابية".
وختم الرئيس التركي: "لنتخذ جميعا خطوات وإجراءات ضد الجماعات الإرهابية بين المعارضة في إدلب. لكن دعونا لا نختلق عذرا ونتخذ خطوة مثل قصف المنطقة".
في غضون ذلك، أرسلت تركيا تعزيزات عسكرية إلى أحد مراكز المراقبة التابعة لها في محافظة إدلب. وقالت صحيفة "حرييت" إن هذه التعزيزات التي تشمل دبابات ومعدات عسكرية أخرى، هي الأكبر التي تُنقل إلى إدلب منذ مطلع سبتمبر، وتحديدا إلى مركز المراقبة التركي في جسر الشغور في جنوب غرب المحافظة حيث تملك تركيا 12 مركز مراقبة.
ملاجئ
ومع تزايد الاستعدادات والقلق، يعمل مدنيون في إدلب على تحضير أنفسهم للأسوأ، عبر تجهيز المغاور للاحتماء فيها من قصف الطائرات السورية والروسية.
وتفيد معلومات المرصد السوري لحقوق الانسان بأن حوالى 50 قتيلا سقطوا منذ منتصف أغسطس (آب) في القصف الجوي والمدفعي الذي استهدف محافظة إدلب والمناطق المجاورة.
ويقول عبد المنعم، وهو والد لأربع بنات وصبيين، في قرية كفرعين في ريف إدلب الجنوبي: "منذ نحو عشرة أيام، عدنا الى الحفر في المغارة لتوسيعها، كما نقوم بتجهيزها في حال عودة القصف".
وتقع المغارة في حديقة منزله، ومدخلها غير واضح المعالم وسط أشجار. وهو يؤكد أنه نجا مع عائلته من موت محقّق لأنهم كانوا داخل المغارة عندما دمّر برميل متفجر المنزل.
وخلال جولة العنف الاخيرة، أجبر أبو محمد (25 عاما) على البقاء عشرة أيام داخل مغارة مع عمه وأبناء عمه في جنوب محافظة إدلب.
وعملت العائلة على بناء هذا الملجأ منذ سنوات الحرب الاولى. وقد دعّمت الجدران والأرضية بالإسمنت، في حين بقي قسم من أرض الملجأ من الصخر.
وتوزعت في هذه المغارة التي تُنار بواسطة مصباح صغير، الفرش وكراسي البلاستيك والمراوح.
ويقول أبو محمد: "خلال الفترة الأخيرة، اشتد القصف على المنطقة لأنها على الحدود مع مناطق النظام في ريف حماة الشمالي... سارعنا الى تنظيف المغارة ووضعنا فيها بعض المؤن وكل ما يمكن ان نحتاج إليه لتجنب الخروج خلال فترات القصف".
ويقول الطفل عمران البالغ الثمانية أعوام، وهو إبن عم أبو محمد، إنه لم يذهب الى المدرسة خلال الأيام العشرة الماضية. ويضيف: "العديد من رفاقي أصيبوا بجروح وبعضهم قتل. كل ما أتمناه هو أن أتمكن من الذهاب الى المدرسة يوميا لتعلّم القراءة والكتابة".
ويعتمد العديد من السكان في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة في محافظة إدلب والمناطق المجاورة، الاستراتيجية نفسها. فقد أقاموا مستشفيات وأحيانا مدارس تحت الأرض، إضافة الى الملاجئ قرب المنازل لحماية عائلاتهم من القصف.
وفي الثامن من سبتمبر، أصيب مستشفى ميداني تحت الأرض بأضرار نتيجة قصف جوي استهدفه في بلدة حاس في محافظة إدلب، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتفيد الامم المتحدة بأن نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم من النازحين، يعيشون في محافظة إدلب وبعض المناطق المجاورة في محافظات حماه وحلب واللاذقية.