عباس يقرر التوجه إلى «العدل الدولية» ضد ترمب

غضب ويأس فلسطيني من إدارته... وعريقات: سنلتقي جميعاً في جحيم العنف

عباس خلال ترؤسه اجتماع اللجنة التنفيذية للمنظمة في رام الله (أ.ف.ب)
عباس خلال ترؤسه اجتماع اللجنة التنفيذية للمنظمة في رام الله (أ.ف.ب)
TT

عباس يقرر التوجه إلى «العدل الدولية» ضد ترمب

عباس خلال ترؤسه اجتماع اللجنة التنفيذية للمنظمة في رام الله (أ.ف.ب)
عباس خلال ترؤسه اجتماع اللجنة التنفيذية للمنظمة في رام الله (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن القيادة الفلسطينية توجهت إلى محكمة العدل الدولية، بشأن قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ضد الشعب الفلسطيني والمتعلق بموضوع القدس، وستتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد ممارسات إسرائيل. جاء ذلك في وقت وجّه فيه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، رسالة غير مسبوقة إلى الإسرائيليين والأميركيين مفادها أنهم سيدفعون ثمن الانهيار المرتقب.
وأكد عباس أن القيادة ستتوجه إلى المحاكم الدولية بعد خطابه المرتقب في الـ27 من الشهر الحالي في الأمم المتحدة.
وقال عباس: «سنذهب للأمم المتحدة لنواجه العالم بالقضايا التي يعاني منها شعبنا، ونبلغ رسالته للعالم حول كل القضايا دون استثناء، خصوصاً الموقف الأميركي الأخير، والمواقف الإسرائيلية».
وأضاف: «ستكون هناك جلسة للمجلس المركزي بعد العودة من الأمم المتحدة، لنقدم كل ما رأيناه وسمعناه، والقرار النهائي سيكون للمجلس».
وتابع: «هناك قضايا مهمة؛ قضية الخان الأحمر والاعتداء عليه وترحيل سكانه، من أجل إزالة كل العقبات التي تعترض طريق تقطيع الضفة الغربية، وهي قضية في منتهى الأهمية والخطورة، بالإضافة إلى وتيرة الاستيطان المرتفعة. وهناك قضية المسجد الأقصى، حيث إن إسرائيل ربما ستقرر، وهناك أدلة كثيرة على ذلك، بأن تكون هناك صلوات مسموح بها لليهود في المسجد الأقصى كالمسلمين، وهذا يعني أنهم يسعون لتكرار تجربة المسجد الإبراهيمي الشريف، كل هذه القضايا سنطرحها في الأمم المتحدة، كما سبق أن طرحناها في المجلس المركزي، لكن أهم ما في هاتين القضيتين أننا سنذهب لمحكمة الجنايات الدولية».
وفوراً باركت اللجنة التنفيذية قرار عباس بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية والجنايات، حول قرارات الرئيس الأميركي بشأن القدس، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين، والخان الأحمر.
ويخطط عباس لإعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال، متحللاً بذلك من اتفاق أوسلو بما يشمل تعليق الاعتراف بإسرائيل.
وخطوات عباس المرتقبة، تأتي وسط غضب ويأس حاد من إمكانية صنع السلام في ظل الإدارة الأميركية الحالية والحكومة الإسرائيلية.
وقال صائب عريقات، وهو كبير المفاوضين الفلسطينيين، موجهاً حديثه إلى الإسرائيليين والأميركيين: «حين ينهار كل شيء ستدفعون الثمن ونلتقي جميعاً في جهنم. في نار العنف».
واتهم عريقات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالانتقام من الفلسطينيين، قائلاً: «إنه يؤذي الناس الأبرياء، ويقوم بإبادة جماعية غير مسبوقة».
ولمح عريقات إلى أهمية القرارات المرتقبة في اجتماع المركزي الشهر المقبل، بقوله: «الرئيس أبو مازن فعل كل ما بوسعه من أجل تحقيق السلام وانتهى الأمر».
وتابع: «مواقفنا معروفة، تجسيد استقلال دولة فلسطين على حدود 1967، وبعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين استناداً إلى القرار 194، والإفراج عن جميع الأسرى، ولا وجود إسرائيلي على أي شبر من أراضي دولة فلسطين، السيدة ذات السيادة على أجوائها ومياهها الإقليمية ومعابرها الدولية، والاستيطان الاستعماري الإسرائيلي غير شرعي وإلى زوال».
وأردف: «أقول بصوت مرتفع، كل ما قامت به إدارة الرئيس ترمب لن يخلق حقاً ولن ينشئ التزاماً».
والعلاقة بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية وصلت إلى طريق مسدود، بعد تصاعد الخلاف والاتهامات بسبب إعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل.
واتخذت الإدارة الأميركية خلال الأسابيع القليلة الماضية، سلسلة قرارات مالية لمحاصرة السلطة الفلسطينية، من بينها إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وقطع استحقاقات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا»، ووقف المساعدات لمستشفيات القدس الشرقية المحتلة، والمساعدات التي تقدمها وكالة التنمية الدولية الأميركية.
وقالت منظمة التحرير إن هذه الخطوات هي تمهيد عملي لصفقة القرن، بما يشمل إسقاط ملفات القدس واللاجئين والحدود والاستيطان من على طاولة المفاوضات، وفرض الحلول والإملاءات التي تهدف إلى تدمير خيار الدولتين، واستبدال تكريس الاحتلال وإقامة نظام أبرتهايد به.
ووصل الضغط الأميركي على الفلسطينيين إلى حد تجميد أموال كانت مخصصة لمنظمات أهلية تعنى بالتعايش السلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبعضها يركز على تطوير العلاقات بين الأطفال في الجانبين.
وأكد موفد الرئيس الأميركي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، أن إدارته قررت تجميد 10 ملايين دولار من المساعدات التي أقرها الكونغرس سابقاً. وكان الكونغرس الأميركي، قد أقر بداية العام الحالي، دعماً لمنظمات تشجع التعايش بين الإسرائيليين والفلسطينيين، عن طريق فعاليات مثل أنشطة رياضية بين الأطفال والمراهقين، ورحلات مشتركة لأطفال مصابين بأمراض مزمنة. وقال غرينبلات: «السلطة الفلسطينية تتحمل المسؤولية عن ذلك».
وبهذا القرار الجديد تكون واشنطن قد أغلقت آخر قناة من المساعدات الأميركية للمدنيين الفلسطينيين. والميزانية الوحيدة التي تقدمها الولايات المتحدة للفلسطينيين ولم تتضرر هي الميزانية التي تقدمها لأجهزة الأمن الفلسطينية، وتقدّر بـ60 مليون دولار.
ودافع صهر الرئيس الأميركي ومستشاره القريب جاريد كوشنر، عن هذه الخطوات العقابية، قائلاً إنها تعزز فرص السلام مع إسرائيل لا العكس. وأضاف كوشنر: «إدارة ترمب تعزز فرص السلام لأنها تبدد الأوهام التي تعلق بها الكثيرون في المنطقة بشأن صنع السلام في الشرق الأوسط، وكانت يجب أن تتغير، حسب رأينا».
كما دافع كوشنر عن قرار الرئيس ترمب الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، قائلاً إنه «عزز مصداقيته»، بغض النظر عما أثاره من غضب واستياء لدى الفلسطينيين.
ورد مسؤول فلسطيني على كوشنر قائلاً إن تصريحاته تعبر عن «جهل وعدم فهم».
ولكن حتى في إسرائيل، ثمة غضب من بعض قرارات ترمب. وقد كشف مقرب من مركز «بيرس للسلام» في يافا، أن الإدارة الأميركية، وضمن عقوباتها للسلطة الفلسطينية، ألغت تمويلاً لمشروع كان قد بادر إليه الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيرس، لإجراء مباريات رياضية للأطفال الفلسطينيين واليهود.
وقال المصدر: «بنوع من الاستياء الشديد والاستهجان، إن هذا المشروع وُضع في حينه لتشجيع العلاقات بين البشر وهم أطفال، بهدف غرس مشاعر إنسانية لديهم تجاه الآخر، للمساهمة في بناء الإنسان المؤيد للسلام منذ الصغر». وأضاف: «هذا مشروع إنساني من الصعب وصف أهميته لمن لا يرى ذلك بعينيه. فالأولاد اليهود والفلسطينيون يلعبون معاً في فرق مختلطة، وليس الفلسطينيون وحدهم والإسرائيليون مقابلهم. يتعاونون في الملعب، ويتصادقون، ويتصرفون كأطفال أبرياء. فما الذي يزعج الإدارة الأميركية في ذلك؟».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».