فلسطيني يقتل مستوطناً يحمل الجنسية الأميركية طعناً ويجرح آخر

اقتحامات في المسجد الأقصى وسط تحذيرات عباس من تقسيمه

قوات من الأمن والشرطة الإسرائيليين في موقع الطعن أمام متجر في مستوطنة غوش عتصيون (أ.ف.ب)
قوات من الأمن والشرطة الإسرائيليين في موقع الطعن أمام متجر في مستوطنة غوش عتصيون (أ.ف.ب)
TT

فلسطيني يقتل مستوطناً يحمل الجنسية الأميركية طعناً ويجرح آخر

قوات من الأمن والشرطة الإسرائيليين في موقع الطعن أمام متجر في مستوطنة غوش عتصيون (أ.ف.ب)
قوات من الأمن والشرطة الإسرائيليين في موقع الطعن أمام متجر في مستوطنة غوش عتصيون (أ.ف.ب)

قالت الشرطة الإسرائيلية إن شاباً فلسطينياً قتل إسرائيلياً طعناً بالسكين أمام مجمع تجاري في مستوطنة «إفرات»، في الضفة الغربية المحتلة، قبل أن يصاب بجروح ويعتقل.
وهاجم الشاب الفلسطيني مستوطناً كان يقف أمام مجمع تجاري بالقرب من «إفرات»، في مفرق كتلة «عتصيون» الاستيطانية قرب بيت لحم. وظهر المهاجم في لقطات صورتها كاميرات مراقبة أمنية، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يطعن المستوطن في ظهره. وبعد مقاومة لفترة وجيزة، فر المهاجم يتبعه رجال يلوحون بمسدسات، ثم يقع أرضاً بعد ذلك على الرصيف.
وقال مستشفى في القدس إنه استقبل جثة إسرائيلي يبلغ من العمر 45 عاماً، وأشار إلى أنه كان قد فارق الحياة بالفعل عند وصوله.
وقال متحدث باسم الشرطة إن الفلسطيني أصيب برصاص أطلقه مستوطن في موقع الحادث، وهو حالياً محتجز لدى السلطات الإسرائيلية.
واتضح لاحقاً أن منفذ الهجوم يدعى خليل جبارين (17 عاماً)، من قرية يطا، بالقرب من الخليل.
وقال قريب له من عائلة جبارين لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن الشاب أخبر والديه، اليوم صباحاً، بأنه يخطط لتنفيذ عملية في منطقة الحرم الإبراهيمي، وإن عائلته أخبرت الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي لم تنجح في العثور عليه في منطقة الحرم الإبراهيمي.
أما القتيل، فهو آري فولد، البالغ من العمر 40 عاماً، من سكان مستوطنة إفرات، وكان يعمل في الأمن الخاص.
وقد عمل فولد في «نقف معاً»، وهي منظمة غير حكومية توفر الدعم للجنود الإسرائيليين، وقد وصف نفسه أيضاً على موقعه بـ«مدافعاً عن إسرائيل».
وفوراً، نعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القتيل، وقال إنه منع كارثة. كما نعاه سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، قائلاً إنه أظهر الروح الحقيقية للشعبين الأميركي والإسرائيلي، فيما تعهد وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بـ«مواصلة محاربة الإرهاب بقبضة من حديد»، معرباً عن أسفه لـ«مقتل المواطن، وبعث بتعازيه إلى عائلته».
ويحمل فولد الجنسية الأميركية، وقد جاء مهاجراً من الولايات المتحدة.
وحدثت العملية في توقيت حساس جداً؛ في الفترة التي بلغت فيها الأزمة بين السلطة الفلسطينية وإدارة ترمب ذروتها.
وقد التزمت السلطة الفلسطينية الصمت، وهي عادة لا تدين عمليات ضد مستوطنين في الضفة، لكن حركة حماس باركت عملية الطعن، وقال عضو مكتبها السياسي حسام بدران إن «العملية البطولية تؤكد أن المساس بالمسجد الأقصى خط أحمر».
واعتبر بدران العملية «استجابة لكل التحذيرات من خطورة ما يقوم به الاحتلال الآن، وما ينوي القيام به في المسجد الأقصى»، وشدد القول على أن «شعبنا لن يصمت إزاء الانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها المسجد الأقصى».
كان عشرات المستوطنين قد اقتحموا المسجد الأقصى، أمس، مستغلين فترة الأعياد اليهودية.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية (وفا) إن 157 مستوطناً، و28 من طلبة المعاهد الدينية اليهودية، وعنصرين من سلطة آثار الاحتلال، قد اقتحموا المسجد الأقصى المبارك من باب المغاربة، وسط حراسة مشددة ومعززة من قوات الاحتلال الخاصة.
وأَضافت: «إن عدداً من المستوطنين أدوا شعائر وصلوات تلمودية في منطقة باب الرحمة، بين باب الأسباط والمُصلى المرواني داخل المسجد المبارك، بشكل علني، وبحراسة قوات الاحتلال، في الوقت الذي نظم فيه المستوطنون جولات استفزازية في المسجد المبارك، قبل الخروج منه من جهة باب السلسلة».
وتأتي الاقتحامات قبل أيام من عيد الغفران اليهودي، الذي يليه عيد المظلة (العُرش).
وكانت «منظمات الهيكل» قد دعت إلى تكثيف دعواتها لجمهور المستوطنين من أجل اقتحام المسجد الأقصى، وإقامة شعائر وصلوات تلمودية فيه، خلال فترة الأعياد اليهودية، إضافة إلى المشاركة في المسيرات والأمسيات والأيام الدراسية في البلدة القديمة، والصلوات في ساحة البراق، عند الجدار الغربي للمسجد الأقصى.
ويفترض أن يمتنع المستوطنون عن أداء أي صلوات دينية داخل الأقصى، وفق الوضع القائم هناك، الذي يسمح بزيارة أعداد قليلة من المستوطنين، ضمن برنامج الزيارات المقرر للأجانب، لكن من دون أن يؤدوا أي طقوس دينية. لكن عادة ما يستغل المتطرفون فترات الأعياد من أجل تنفيذ اقتحامات أوسع للمسجد، وأداء صلوات فيه. وطالما أدت مثل هذه الاقتحامات إلى مواجهات محدودة في المكان، تطورت لاحقاً إلى مواجهات أوسع.
وجاءت الاقتحامات فيما حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس من مخططات إسرائيلية تستهدف تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود.
وقال عباس: «إسرائيل ربما ستقرر، وهناك أدلة كثيرة على ذلك، أن يكون هناك صلوات مسموح بها لليهود في المسجد الأقصى كالمسلمين، وهذا يعني أنهم يسعون لتكرار تجربة المسجد الإبراهيمي الشريف».
وأكد عباس أنه يجري مشاورات مع الأردن «لنكون موقفاً موحداً للذهاب إلى الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية».
وتتولى الأردن، بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية، الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس، وتقوم بدفع رواتب العاملين فيها من سدنة وحراس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».