انتشار للمعارضة السورية في مناطق التماس مع إدلب

«الوحدات الكردية» تنفي انخراطها في التحضير للمعركة

وقفة للعاملين في القطاع الصحي ببلدة أطمة للمطالبة بحماية المستشفيات في التصعيد العسكري المقبل على إدلب (أ.ف.ب)
وقفة للعاملين في القطاع الصحي ببلدة أطمة للمطالبة بحماية المستشفيات في التصعيد العسكري المقبل على إدلب (أ.ف.ب)
TT

انتشار للمعارضة السورية في مناطق التماس مع إدلب

وقفة للعاملين في القطاع الصحي ببلدة أطمة للمطالبة بحماية المستشفيات في التصعيد العسكري المقبل على إدلب (أ.ف.ب)
وقفة للعاملين في القطاع الصحي ببلدة أطمة للمطالبة بحماية المستشفيات في التصعيد العسكري المقبل على إدلب (أ.ف.ب)

لم يسجل ناشطون سوريون أي تحرك ميداني لأرتال قوات النظام السوري في الشمال السوري أمس، رغم القصف المتقطع الذي تستهدف به مناطق في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وريف إدلب الغربي، وذلك عشية الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان في سوتشي اليوم الاثنين.
وفيما أتمت قوات المعارضة استعداداتها لمعركة محتملة في الشمال، أعلنت «وحدات حماية الشعب» الكردية أنها لا تشارك في المعركة التي تستعد قوات النظام السوري لإطلاقها في محافظة إدلب آخر معاقل المسلحين في البلاد.
وقال نوري محمود، الناطق الرسمي باسم «وحدات حماية الشعب»، «نؤكد أنه ليس هناك أي وجود لقواتنا في إدلب، ولم نشارك في هذه المعركة». وأوضح محمود، في بيان أورده الموقع الإلكتروني لـ«الوحدات»: «مع تزايد الحديث عن احتمال بدء حملة عسكرية على مدينة إدلب وريفها، تداولت بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عناوين إخبارية حول احتمالية مشاركة قواتنا في (وحدات حماية الشعب) في هذه الحملة... وإننا نؤكد أنه ليس هناك أي وجود لقواتنا في إدلب، ولم نشارك في هذه المعركة». وأضاف: «إننا في (وحدات حماية الشعب) و(وحدات حماية المرأة)، نؤكد للرأي العام بأن قواتنا مستمرة في حربها ضد تنظيم داعش، كما نحارب ضد جيش الاحتلال التركي الذي يرى وجوده مشروعاً».
وعاد التصعيد إلى إدلب، أمس، بعد هدوء نسبي استمر يومين، بالتزامن مع تلميح صدر عن قاعدة حميميم العسكرية الروسية، بأن العمل العسكري ضد إدلب، قد أوشك، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.
في السياق، يعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعاً مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان الذي سيزور سوتشي اليوم الاثنين، لبحث العلاقات الثنائية والوضع السوري.
يأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه تركيا إرسال التعزيزات العسكرية إلى حدودها مع إدلب تحسباً لانطلاق المعركة. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال مؤخراً إن بلاده لن تقف موقف المتفرج على إطلاق عملية ضد المحافظة المتاخمة لها.
وتستعد قوات المعارضة لمعركة محتملة مع قوات النظام في الشمال في حال سجلت أي محاولة من قوات النظام للتقدم، بحسب ما قال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط». وأضاف المصدر: «آلاف المقاتلين باتوا على جهوزية تامة للانخراط في المعركة فور حدوثها. سيتم التصدي لأي قوات تحاول التقدم، ونمتلك القدرة على ذلك»، مشيراً إلى أن انتشاراً عسكرياً معارضاً نفذ في مناطق خطوط التماس التي تمتد من غرب مدينة حلب، وحتى الريف الجنوبي لإدلب شرقاً، إضافة إلى انتشار على تماس مع سهل الغاب، وآخر مع ريف اللاذقية الشرقي.
وفي المقابل، لم يسجل ناشطون أي تقدم ميداني لقوات النظام التي أتمت استعداداتها منذ الشهر الماضي للانطلاق في معركة عسكرية محتملة في الشمال السوري، رغم أن النظام استأنف خروقاته للهدنة التركية - الروسية التي مضى شهر على التوصل إليها.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الخروقات تمت بشكل متصاعد، وشملت غالبية المحافظات التي تعهد الضامنون بضبطها، حيث رصد «المرصد» استهداف قوات النظام لمناطق في جبل الأكراد وتلال كبانة بريف اللاذقية، أعقبها قصف لمناطق قرب خطوط التماس في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وتزامن ذلك مع استهداف قوات النظام مناطق في محيط بلدة اللطامنة، وأماكن في محيط قرية الزكاة، الواقعة في الريف الشمالي لحماة، أعقبه استهداف الفصائل الإسلامية، تمركزات قوات النظام في منطقة جورين بريف حماة الشمالي الغربي، فيما قضى مقاتل من تلك الفصائل، متأثراً بجراح أصيب بها، جراء قصف قوات النظام مناطق في محاور جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي.
في غضون ذلك، تواصلت التفجيرات التي تستهدف الأفراد في محافظة إدلب، حيث دوى انفجار ناتج عن عبوة ناسفة على الطريق الواصلة بين بلدتي كفرنبل وكنصفرة في القطاع الجنوبي من ريف محافظة إدلب، غداة انفجار عبوة ناسفة في بلدة سرمين شرق مدينة إدلب، كما رصد «المرصد السوري» اغتيال عنصر يرجح أنه من «هيئة تحرير الشام» بإطلاق النار عليه في ريف إدلب الشمالي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.