إسرائيل تبني حول غزة «أطول جدار خرساني في العالم»

يتضمن نصب عوائق برية وبحرية ويستهدف «أنفاق حماس»

أفراد عائلة يهودية يسيرون قرب جدار الفصل الذي تبنيه إسرائيل بجانب «مستوطنة كرم شالوم» (كرم أبو سالم) القريبة من الحدود مع قطاع غزة ومصر الشهر الماضي (إ.ب.أ)
أفراد عائلة يهودية يسيرون قرب جدار الفصل الذي تبنيه إسرائيل بجانب «مستوطنة كرم شالوم» (كرم أبو سالم) القريبة من الحدود مع قطاع غزة ومصر الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تبني حول غزة «أطول جدار خرساني في العالم»

أفراد عائلة يهودية يسيرون قرب جدار الفصل الذي تبنيه إسرائيل بجانب «مستوطنة كرم شالوم» (كرم أبو سالم) القريبة من الحدود مع قطاع غزة ومصر الشهر الماضي (إ.ب.أ)
أفراد عائلة يهودية يسيرون قرب جدار الفصل الذي تبنيه إسرائيل بجانب «مستوطنة كرم شالوم» (كرم أبو سالم) القريبة من الحدود مع قطاع غزة ومصر الشهر الماضي (إ.ب.أ)

كتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن الجدار الذي يجري بناؤه منذ أشهر على طول الحدود مع قطاع غزة سيصبح «أطول جدار خرساني في العالم»، ويمتد على طول 65 كيلومتراً ليطال الحدود البرية والبحرية للقطاع.
وكانت إسرائيل قررت بناء هذا الجدار بعد حرب 2014 لكنها أخذت 3 سنوات من النقاش قبل أن تبدأ في تنفيذه.
ويشكّل الجدار خطاً ثالثاً تبنيه إسرائيل على طول الحدود لمواجهة الفلسطينيين ومنعهم من تنفيذ هجمات. وأقامت إسرائيل بعد اتفاق أوسلو مع بداية التسعينات وبعد قرار الانفصال عن غزة عام 2005، مناطق عازلة حول غزة وجدراناً شائكة، لكنها لم تكن عملية في منع هجمات من تحت الأرض. ويهدف الجدار إلى تأمين حماية فوق الأرض وتحتها من حصول عمليات تسلل من القطاع الساحلي. ومن المقرر أن يشمل الجدار أيضاً حواجز مادية وكذلك أنظمة كشف تكنولوجية متطورة.
واقترح الجيش الإسرائيلي مشروع الجدار لوقف خطر أنفاق «حماس». وخلال 3 حروب سابقة على غزة كانت الأنفاق هي التحدي الأبرز للجيش الإسرائيلي. وكلّفت حملة لهدم 32 نفقاً في الحرب الأخيرة على غزة، عام 2014، الجيش الإسرائيلي خسارة 63 جندياً وخطف اثنين.
واستخدمت إسرائيل حتى الآن مليوني كوب من الباطون (الإسمنت) في بناء الجدار عبر 5 مصانع للباطون تم تجهيزها على طول الحدود. ويعمل في المنطقة 1200 عامل من دول مختلفة، بينها رومانيا والبرازيل. وجهّزت إسرائيل 22 موقعاً في شكل متفرق على أن يجري توصيلها لاحقاً.
وسيشمل الجدار البري، بحسب «يديعوت أحرونوت»، عائقاً تحت الأرض على عمق عشرات الأمتار، مزوداً بأنظمة استشعار يمكن من خلالها كشف أي عمليات حفر للأنفاق براً، أو أي حركة للغواصين عبر البحر. ويشمل الجدار البحري أمواجاً ذكية للإنذار المبكر. وحتى الآن لا تظهر من هذا الجدار سوى أجزاء قليلة من الأرض تخرج منه أنابيب بلاستيكية ويظهر كجدار غبي قبل أن يتحول إلى ذكي بارتفاع 26 متراً. وتصل تكلفة بناء الجدار إلى 3 مليارات شيكل (الدولار يساوي 3.60 شيكل).
وتأمل إسرائيل في أن ينجح الجدار في إنهاء تهديد الأنفاق الهجومية لـ«حماس». واستخدمت «حماس» الأنفاق للمرة الأولى عام 2006. وحينها فوجئ الجنود الإسرائيليون عند معبر كرم أبو سالم، نحو الخامسة فجراً، بهجوم قوي بقذائف هاون، قبل وصول سبعة من مقاتلي «حماس» هاجموا الموقع وقتلوا جنديين وخطفوا آخر هو جلعاد شاليط.
وتستخدم «حماس» الأنفاق العسكرية لأغراض متعددة ومختلفة. فمن خلال الأنفاق نفذت عمليات فاجأت فيها القوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة، كما أنها استخدمتها في تنفيذ عمليات تسلل إلى خارج القطاع داخل مستوطنات إسرائيلية.
وقال الجنرال عيران أوفير، الضابط المشرف على المشروع، إن الجدار «سينجح في كبح هذا التهديد». وأضاف: «أعتقد أنه عند الانتهاء من بناء الجدار ستتم إزالة أكبر تهديد أمني لسكان غلاف غزة، لم تفعل أي دولة من قبل شيئا من هذا القبيل». وتابع أن الجدار سيوفر كذلك الحماية لقوات الجيش من الصواريخ المضادة للدبابات وإطلاق النار المباشر.
وأكد أن هناك وفوداً من مختلف دول العالم تأتي لتشاهد كيف تتم بناء عملية هذا الجدار الضخم.
وشرح عيران كيف أن 1200 عامل يعملون على بناء الجدار خلال فترتي عمل، كل واحدة تمتد لمدة 12 ساعة بمعدل 6 أيام في الأسبوع. وبالنسبة لإسرائيل، فإن عملية بناء الجدار ليست الأولى، إذ بنت جداراً مماثلاً مع مصر وآخر مع سوريا، وثالثا مع لبنان لكنه ليس بضخامة وأهمية وتقنية الجدار مع غزة. كما أنها بنت جداراً ضخماً في قلب الضفة الغربية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.