«التقدمي الاشتراكي» يحسم معارضته للعهد سواء من داخل السلطة أو خارجها

جنبلاط يقارن بين «الصهرين»... كوشنر وباسيل

زعيم «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط (الأنباء)
زعيم «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط (الأنباء)
TT

«التقدمي الاشتراكي» يحسم معارضته للعهد سواء من داخل السلطة أو خارجها

زعيم «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط (الأنباء)
زعيم «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط (الأنباء)

في الوقت الذي لا يزال معظم الفرقاء يحافظون على علاقتهم بالعهد ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون ويصرون على الفصل ما بينها وبين علاقتهم بـ«التيار الوطني الحر» ورئيسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، كان الحزب «التقدمي الاشتراكي» أول من أعلن صراحة الطلاق مع الطرفين وفتح المواجهة السياسية معهما معتبراً إياهما فريقاً واحداً.
ويبدو أن قيادة «التقدمي الاشتراكي» وعلى رأسها الوزير وليد جنبلاط حسمت أمرها بـ«معارضة العهد» سواء تمثلت في الحكومة الجديدة أو قررت البقاء خارج السلطة في حال لم تلب مطالب جنبلاط بالحصول على الحصة الدرزية كاملة المتمثلة بـ3 وزراء. واعتبر مصدر قيادي في «التقدمي الاشتراكي» أن «الحزب أعطى العهد فرصة ومهلة سنة ونصف لتغيير الصورة والنمط الذي كان معتمداً، وكنا أول من طالبنا بتسوية رئاسية لإنقاذ البلد، وعندما تبلورت تسوية مماثلة لم نقف بطريقها وإن كنا ندرك سلفاً أن السنوات الماضية قدمت دلائل كثيرة على أداء التيار الوطني الحر ومقاربته للأمور الوطنية التي لا نعتبرها مناسبة». ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «وبعد سنة ونصف بات يمكن القول أن الأمور وصلت على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى مستوى من الترهل غير المقبول، أضف إلى أن العقدة التاريخية التي عاشها ويعيشها التيار من اتفاق الطائف باتت تفعل فعلها اليوم سواء على المستوى السياسي الداخلي، سواء عبر الاستقواء على هذا الاتفاق من خلال القول بأن رئيس الجمهورية استعاد صلاحياته بالممارسة وعدّل الطائف عبر هذه الممارسة، أو عبر اقتناص صلاحيات رئيس الحكومة المكلف». وقال المصدر: «هذا الانقضاض على اتفاق الطائف مغامرة خطيرة على المستوى الوطني وتؤدي إلى توتر العلاقات السياسية الداخلية».
ولطالما كانت العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» متوترة، ولطالما تواجدا في محاور سياسية مختلفة ومتصارعة. وانفجر مؤخرا الخلاف بينهما داخل الوزارات بعد اتخاذ وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة قرارا بنقل رئيسة دائرة الامتحانات هيلدا خوري، المقربة من «التيار الوطني» من منصبها، وهو ما اعتبره العونيون «قرارا سياسيا انتقاميا ظالماً بحقها»، فسارعوا لرد «الصاع صاعين» من خلال الإقدام على نقل موظفين مقربين من «الاشتراكي» في وزارة البيئة ومؤسسة كهرباء لبنان.
ويتحدث مفوض الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» رامي الريس عن «سياسة من الكيدية والانتقام يمارسها وزراء التيار الوطني الحر في وزاراتهم»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنهم «يرفضون القبول بأي إجراءات علمية وتقنية لمعالجة مشكلة الكهرباء، ويصرون على الخيارات الأكثر كلفة والأقل استدامة، أضف إلى كل ذلك محاولاتهم الحثيثة لانتزاع حقوق الأحزاب والقوى السياسية التي حققت فوزاً في الانتخابات من خلال محاولة اقتناص مقاعد من تمثيلها الوزاري».
ويدعم الرئيس عون و«التيار الوطني الحر» رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان في إصراره على الحصول على أحد المقاعد الدرزية الـ3 في الحكومة المقبلة، ما يشكل أحد أبرز العقد التي تؤخر تشكيل الحكومة. وأكد نواب وقياديون عونيون مراراً إصرارهم على وجوب عدم حصر التمثيل الدرزي بجنبلاط، «لأنه خلاف ذلك يكون يتحكم بمصير الحكومة، فإذا قرر سحب وزرائه الدروز الـ3. يطيح بميثاقية الحكومة».
ويدرس «التقدمي الاشتراكي» جدياً الانضواء في صفوف المعارضة في حال عدم الاستجابة لمطالبه الوزارية، وإن كان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عبّر أكثر من مرة عن تمسكه بتمثيل جنبلاط حكومياً. وفي هذا المجال، تقول مصادر قيادية في الحزب «التقدمي الاشتراكي» بأن «الانتقال إلى صفوف المعارضة الكاملة، خيار لم يتبلور بعد».
وتجمع رئيس الحزب وليد جنبلاط، الذي لم يترشح إلى الانتخابات النيابية الأخيرة وقرر ترشيح نجله تيمور، علاقة «ممتازة» برئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يُعتبر حليفه الرئيسي منذ سنوات طويلة، وإن كانا لا يتفقان على الرؤى الاستراتيجية سواء بملف العلاقة مع سوريا أو بموضوع سلاح حزب الله وقتاله خارج الحدود اللبنانية. أما العلاقة بين جنبلاط والحريري فـ«جيدة»، وفق تعبير المصادر الاشتراكية، و«متقدمة» مع «القوات اللبنانية».
وقد نجح جنبلاط طوال الفترة الماضية بتنظيم خلافه الاستراتيجي مع حزب الله خاصة بعد أحداث السابع من مايو (أيار) 2018، وهو يحاول منذ مدة تفادي أي مواجهة سياسية مباشرة مع أي من الفرقاء، لكن محاولاته هذه لم تفلح مع «التيار الوطني الحر».
وفي إطار التراشق السياسي المستمر أمس، اعتبر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن «نظرية معاقبة الفلسطينيين وإقصائهم وقتلهم تساعد في عملية السلام، عجيبة من بنا أفكار جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب». وقال: «النظرية نفسها يطبقها الصهر في لبنان (وزير الخارجية جبران باسيل) لتثبيت هيمنته». وأضاف: «ما من أحد يعارضه سوانا ويدفع الثمن سوانا والبقايا مجموعة أصنام وجيف همها تقاسم المصالح». وختم قائلاً: «لا تلعبوا بالنار».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.