ظريف يلوّح باستئناف التخصيب بشكل مكثف

طالب الأوروبيين بتعويض الآثار السلبية للعقوبات الأميركية على إيران

ظريف يلوّح باستئناف التخصيب بشكل مكثف
TT

ظريف يلوّح باستئناف التخصيب بشكل مكثف

ظريف يلوّح باستئناف التخصيب بشكل مكثف

لوّح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف باستئناف طهران بتخصيب اليورانيوم بشكل مكثف، في حال استمرار ما وصفه بـ«سلبية» الدول الأوروبية في التعاطي مع فرض الإدارة الأميركية عقوبات جديدة على بلاده، وطالب ظريف الاتحاد الأوروبي بتعويض آثار هذه العقوبات.
وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية نشرتها أمس السبت، قال ظريف: «يتعيّن على الأوروبيين والأطراف الأخرى الموقعة (على الاتفاق النووي) التحرك لتعويض آثار العقوبات الأميركية»، مضيفاً أن الاختبار الحقيقي في ذلك هو الأمور المتعلقة بـ«النفط والبنوك».
وطالب ظريف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمعاقبة الشركات «إذا انسحبت من صفقات مع إيران بسبب العقوبات الأميركية»، ورأى أنه «يتعين على الأوروبيين أن يقرروا ما إذا كانوا مستعدين لتنفيذ ما يقولون»، مضيفاً أن المسألة تتعلق «بما إذا كانت أوروبا تخضع للإملاءات الأميركية» أم للقانون الدولي.
وفي معرض رده على سؤال حول تصرف إيران في حال اختل «التوازن بين الأخذ والعطاء» نتيجة تردد الأوروبيين في دعم الاتفاق، ذكر وزير الخارجية الإيراني أن رد الفعل قد يكون زيادة تخصيب اليورانيوم، وقال: «المادة 36 من الاتفاقية وقرار مجلس الأمن الرقم 2231 يتيحان ذلك».
وقال: «ليس بالضرورة أن يكون رد فعل إيران في ذلك هو إلغاء الاتفاق النووي، بل من الممكن أن نخفض من تطبيقه»، مشيرا في ذلك إلى إمكانية أن تستأنف إيران تخصيب اليورانيوم على نحو مكثف. وطالب ظريف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بـ«معاقبة الشركات، إذا انسحبت من صفقات مع إيران بسبب العقوبات الأميركية».
أبعد من التهديد بإغلاق هرمز
واعتبر ظريف أن «أميركا لن تتمكن من منع إيران من تصدير النفط، وفي حال تمكنت من ذلك، سنكون أمام ظروف مختلفة تتجاوز التهديد بإغلاق (مضيق) هرمز». واستبعد الوزير الإيراني إجراء محادثات مباشرة بين بلاده وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقال: «لا يوجد أساس لمثل هذه المحادثات»، موضحاً أنه «من الممكن التفكير في إجراء محادثات فقط في حال عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي».
يذكر أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي الدولي (خطة العمل المشتركة الشاملة)، في حين يتمسك الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين بالاتفاق النووي الذي وقعته القوى الدولية مع إيران في عام 2015. ومع انسحابها من الاتفاق النووي، أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على طهران في أغسطس (آب) الماضي، وهددت بإجراءات عقابية تطال كل من يخالف هذه العقوبات. وتستهدف العقوبات الأميركية قطاعي الطاقة والمال الإيرانيين، ويبدأ تطبيقها في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وذكر ظريف أن الاتفاق النووي بين إيران والدول الست، لم يكن خطأ ولم تكن تعتريه نواقص، مشيراً إلى أن ترمب انسحب أيضاً من اتفاقية باريس الدولية لحماية المناخ واتفاقات أخرى، وقال: «عندما يتجاوز شخص الإشارة الحمراء، هل هذا يعني أن إشارة المرور خاطئة؟». وكان الوزير الإيراني يرد بذلك على تساؤلات عبر عنها الأميركيون وتتعلق بمدى انضباط الإيرانيين في سلوكهم الإقليمي أو برنامجهم الصاروخي منذ إبرام الاتفاق مع الدول الست.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».