موسوعة «ألف ليلة وليلة»... من الشراب والمأكل إلى البنية السردية

ألفها البريطانيان «مارزوف» و«فان ليفن»... وترجمها سيد إمام للعربية

لوحة مستوحاة من ألف ليلة وليلة
لوحة مستوحاة من ألف ليلة وليلة
TT

موسوعة «ألف ليلة وليلة»... من الشراب والمأكل إلى البنية السردية

لوحة مستوحاة من ألف ليلة وليلة
لوحة مستوحاة من ألف ليلة وليلة

صدرت عن المركز القومي للترجمة بمصر، موسوعة ألف ليلة وليلة، أو الليالي العربية، بمقدمة ضافية لمؤلفيها البريطانيين أورليش مارزوف وريتشارد فان ليفن، رصدا فيها الليالي، وخطوات ترجمتها للإنجليزية، وتحدثا عن فريق البحث الذي ساعد على وصولها ليد القارئ والباحث المهتم بتراث الشرق قبل أربعة عشر عاما من الآن.
الموسوعة التي تتكون من جزأين، ترجمها الناقد سيد إمام، وتعتبر معجما شارحا لمفردات الليالي وألفاظها، من الشراب والمأكل والملبس والعادات والتقاليد، وصولا لبنيتها السردية والفضاء الذي تتحرك الحكايات في إطاره، وعلاقة نصوصها بالعالم.
وقال المؤلفان في مقدمة الموسوعة «لم يكن لأي عمل من أعمال التخييل من أصول غير غربية أثر أقوى في الثقافة الغربية من الليالي العربية. فإلى جانب كونها مصدرا للسمر القائم على المتعة بالنسبة لأجيال من القراء والمستمعين على مر العصور، فإن هذا العمل كان بمثابة معين لا ينضب للإلهام لكل أنواع الأنشطة الإبداعية». وذكرا أن الليالي أسهمت في الوقت ذاته وبشكل حاسم في فهم الغرب للشرق بوصفه الآخر الأساسي، ومن ثم في تعرف الغرب على هويته الثقافية الخاصة.
وذكرا أن الغرب لم ينظر إلى الليالي العربية ولم يتعامل معها بوصفها عملاً أجنبياً، وإنما على العكس من ذلك تماماً، فقد قام بإدماجها في طبقات كثيرة من الثقافة الغربية، واستطاعت البقاء والازدهار والانتشار واكتساب زخم إضافي على مر العصور منذ أن تم تقديمها للوعي الغربي لأول مرة منذ ثلاثمائة عام.
وحول أهمية الموسوعة، قال مترجمها السيد إمام: «إن نص ألف ليلة وليلة هو النص الأكبر والأعظم في الثقافة العربية كلها، وليس أدل على ذلك من عدد الترجمات التي حظي بها إلى كل لغات العالم، منذ أن قام أنطوان جالان بنقله إلى اللغة الفرنسية ما بين عامي 1704 و1717. فضلاً عن الدراسات والأبحاث التي دارت في مداره والتي يصعب حصرها، وجاءت بكل اللغات أيضاً، منذ ذلك الوقت وحتى الآن».
وأشار إمام أن هذا النص ظل في الثقافة العربية مهجور بل ومستهجن من قبل المؤسستين الرسميتين الأدبية والدينية لأسباب تتعلق بعدم ملاءمته للمعايير التي حددتاها لما ينبغي أن تكون عليه النصوص.
وتأتي أهمية الموسوعة، كما قال سيد إمام «باعتبارها حلقة في سلسلة الدراسات التي كرست نفسها لإضاءة نص «ألف ليلة» في كل جوانبه، مع التركيز على ما يتعلق به من نصوص لشعراء وروائيين ورسامين وموسيقيين وكتاب مسرح، نصوص وإبداعات شغلت الدنيا ولا تزال تشغلها، استمدها مؤلفوها، وكتبوها من وحي هذا الأثر، ومن هؤلاء جوته، ريمسكي كورساكوف، توفيق الحكيم، بورخس، ماركيز، بل تيار تيار الواقعية السحرية ولأدب الفانتازي برمته».
وذكر إمام أن سبب اهتمام الأجانب والمستعربين بنص الليالي في غياب المتخصصين من النقاد العرب يجب أن تجيب عنه مؤسسة الثقافة العربية الكسولة والمتراخية، وفي المقدمة منها نقادنا وباحثونا الذين اعتادوا منذ زمن طويل على استيراد بضاعتنا من الغرب نفسه، بعد أن يزيل الأخير ما علق بها من غبار الإهمال وأتربة النسيان ويفتح عيوننا على كنوزها المضمرة.
وعن ترجمته الموسوعة، قال سيد إمام: «محاولة استنطاق النص الأجنبي إلى لغة عربية تعكس الروح الأصلية للنص العربي، استغرقت مني جهدا غير هينٍ، وقراءة أخرى لألف ليلة وليلة في طبعاتها العربية المختلفة والمتعددة. وكان علي أن أتعايش من جديد مع أجوائها وأتشرب أساليبها، لكي لا يغيب عن نص الترجمة ما غيبه النص الأجنبي نتيجة لاختلاف الأساليب واختلاف اللغة. كان علي أن أرجع للعناوين الأصلية في النص العربي ومفرداته التي تشكل جزءاً من جوهره، حتى تضاهي لغة النصوص الملخصة لغة النص الأصل كاشفة عن روح إبداعها، وفي النهاية كانت ترجمة الموسوعة عملاً شاقاً بكل تأكيد ومجهداً، ولكنه كان على أي حال عملاً بهيجاً وممتعاً. فلا تخلو أي ولادة جديدة وظهور مخلوق جديد إلى الوجود من بعض المعاناة والألم. ألم ومعاناة يبدد أثرهما في الحال بكاء الطفل الذي خرج تواً من رحم أمه معلناً احتفاءه بالحياة وبالعالم الجديد الذي أتى إليه من عالم العدم».
ورتب المؤلفان الموسوعة إلى عدة أقسام، مستهدفين ذلك تقديم معلومات واسعة وموثوق بها حول موضوعها. وذكرا في تقديمها أن تأليفها تم على أساس كونها فكرة لا تشكل عملاً فردياً من أعمال الأدب بقدر ما تشكل ظاهرة تضم تجليات متباينة تتخذ أشكالاً مختلفة للتعبير الإبداعي. فكان الهدف من القسم الأول الذي يضم أربعة عشر مقالاً حول الليالي هو أن يكون «غذاءً للفكر». إنه يقدم استعراضات قصيرة، يعالج كل منها مجالات لموضوعات محددة أو أسئلة بعينها ذات صلة بدراسة الليالي العربية، وقد كتب مقالاته التي وردت فيه باحثون معروفون عالمياً بأبحاثهم في الدراسات الإسلامية ومتخصصون في دراسة الليالي العربية. ولا يهدف هؤلاء الباحثون والمتخصصون إلى تقديم معالجة شاملة لموضوعهم، بقدر ما يهدفون إلى إثارة حب الاستطلاع لدى القراء، بل ومواجهتهم في بعض الأحيان ببعض العبارات المثيرة للاستفزاز.
ويضم القسم الثاني المعنون بـ«ظاهرة الليالي العربية» استعراضا مرتباً لـ551 حكاية (تشمل عدداً من القصص المطابقة) المدرجة في الكثير من المخطوطات والنسخ والمطبوعة والترجمات الأوروبية لليالي العربية. ومع أن هذا القسم لا يكفل معالجة كل حكاية وكل الحكايات في كل مخطوطة وكل المخطوطات الباقية، والنسخ المطبوعة والترجمات الأوروبية لليالي العربية الموجودة حتى الآن، فقد بذلت كل الجهود الممكنة لإنجاز معالجة شاملة لحكايات الليالي العربية التي نشرت باللغة الإنجليزية. إن مداخل هذا القسم ثنائية عادة، تضم ملخصاً مبدئياً لمحتوى كل حكاية، يتبعها استعراض بحثي مكثف للحكاية المعنية. لقد تم اهتمام خاص بالمعلومات ذات الصلة بالبحث الحكائي الفولكلوري المقارن، ويشمل هذا الذِّكر الانتقائي موتيفات حكائية (وفقاً لفهرس الموتيفات عند ستيث طومسون، 1955 – 1958)، وقائمة كاملة بأنماط الحكايات العالمية المقابلة (وفقاً لـأنماط الحكايات الفولكلورية [1961] عند أنتي آرن وستيث طومسون، أما القسم الثالث من الموسوعة، الذي جاء تحت عنوان «عالم الليالي العربية»، فيضم مسحاً أبجدياً لـ270 مدخلاً تتعلق بالأصل، والشخصية، والسياق وما أعقب الليالي من آثار. وتشمل الموضوعات المتناولة أبطالاً رئيسيين، وطبعات، وترجمات، وجوانب من التاريخ النصي؛ معالجات الليالي العربية والأعمال التي اتخذت منها مصدراً للإلهام؛ جوانب النظرية؛ والكثير من الموضوعات الأخرى.
وقد وضعت مداخل هذا القسم القارئ العام في اعتبارها. وذلك بسعيها إلى شرح وتوسيع النقاط التي يرغب أو يحتاج إلى خلفية معلوماتية حولها حتى يتمكن من تذوق معانيها في بيئتها الثقافية الأصلية. ويرقى هذا القسم في بعض نواحيه لأن يكون موسوعة صغرى حول العالم الإسلامي، ويضم القسمان الثاني والثالث إسنادات ترافقية بالحروف المميزة طباعياً، ويمكن العثور على معلومات مفصلة حول الموضوعات المزودة بالمراجع في المداخل الفردية فقط. وتضم الأقسام النهائية للكتاب ببلوغرافيا شاملة لدراسات متاحة منشورة وعدداً من الملاحق وفهرساً يسهل عملية استعادة المعلومات المتعلقة بموضوعات أقل أهمية وبروزاً.



دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
TT

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

ويعتبر ذلك تطوراً آخراً في التهديد الناشئ لفيروس H5N1، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره السبب الأكثر ترجيحاً للوباء المقبل.

اكتشف علماء من جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة أجساماً مضادة للفيروس في عينات دم مأخوذة من خيول تعيش في منغوليا.

وقال البروفسور بابلو مورسيا، الذي قاد البحث، لشبكة «سكاي نيوز» إن النتائج تشير إلى أن الخيول في جميع أنحاء العالم قد تكون عرضة للإصابة في المناطق التي يوجد بها إنفلونزا الطيور، وقد تنقل الفيروس إلى البشر.

وتابع: «من المهم للغاية، الآن بعد أن علمنا أن هذه العدوى يمكن أن تحدث في الطبيعة، أن نراقبها لاكتشافها بسرعة كبيرة... تعيش الخيول، مثل العديد من الحيوانات المستأنَسة الأخرى، على مقربة من البشر. وإذا استقر هذا الفيروس في الخيول، فإن احتمالية الإصابة البشرية تزداد».

ويعتقد الفريق في مركز أبحاث الفيروسات التابع لمجلس البحوث الطبية بجامعة غلاسكو أيضاً أن الخيول قد تكون وعاء خلط لسلالات جديدة من الإنفلونزا.

من المعروف بالفعل أن الخيول يمكن أن تصاب بإنفلونزا الخيول، التي يسببها فيروس H3N8. ولكن إذا أصيب الحصان في نفس الوقت بفيروس H5N1، فقد يتبادل الفيروسان المادة الوراثية ويتطوران بسرعة.

كان فيروس H5N1 موجوداً منذ عدة عقود، ويتسبب في تفشّي المرض بين الدواجن إلى حد كبير. ولكن في السنوات الأخيرة انتشر نوع جديد من الفيروس في جميع أنحاء العالم مع الطيور المهاجرة، وقفز مراراً وتكراراً بين الأنواع ليصيب الثدييات.

ينتشر الفيروس بين الأبقار في الولايات المتحدة؛ حيث أُصيب أكثر من 700 قطيع من الأبقار الحلوب في 15 ولاية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وقال الدكتور توليو دي أوليفيرا، مدير مركز الاستجابة للأوبئة والابتكار في جنوب أفريقيا، الذي اكتشف لأول مرة متحور «أوميكرون»، في جائحة «كوفيد - 19»، إنه يراقب الأحداث في أميركا بخوف.

وشرح لشبكة «سكاي نيوز»: «آخر شيء قد يحتاجون إليه في الوقت الحالي هو مسبِّب مرض آخر تطور وتحور... إذا أبقي فيروس H5N1 منتشراً لفترة طويلة عبر حيوانات مختلفة وفي البشر، فإنك تمنح الفرصة لحدوث ذلك. لا أحد يريد جائحة محتملة أخرى».