9 مرشحين سنة لرئاسة البرلمان العراقي ومساعٍ لحسمها اليوم

الكتلتان الشيعيتان تنتظران اختيار الرئيس قبل إعلان «الكتلة الأكبر»

مظاهرة ضد الفساد في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)
مظاهرة ضد الفساد في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

9 مرشحين سنة لرئاسة البرلمان العراقي ومساعٍ لحسمها اليوم

مظاهرة ضد الفساد في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)
مظاهرة ضد الفساد في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ف.ب)

فيما أعلن المحور الوطني (أحد التشكيلات السنية في البرلمان العراقي) عن اختيار محمد الحلبوسي، محافظ الأنبار السابق لرئاسة البرلمان، فإن محمد الخالدي، عضو البرلمان عن حزب «بيارق الخير» وأحد المرشحين التسعة لرئاسة البرلمان أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمور لم تحسم بعد لأي مرشح من المرشحين لهذا المنصب».
وكانت الكتل السياسية الفائزة بالانتخابات خاضت خلال الشهور الأخيرة صراعات حادة من أجل الوصول إلى صيغة مناسبة لتشكيل الحكومة عبر تشكيل الكتلة الأكثر عددا. لكن استمرار الصراعات الشيعية - الشيعية حول المرشح لرئاسة الوزراء والسنية - السنية بشأن المرشح لرئاسة البرلمان والكردية - الكردية لرئاسة الجمهورية حال دون التوصل إلى اتفاق، وهو ما أدى إلى إبقاء الجلسة الأولى للبرلمان عائمة ومن دون سند دستوري.
وكان المحور الوطني أعلن عن حسم ترشيح محمد الحلبوسي لرئاسة البرلمان. وقال الناطق باسم المحور ليث الدليمي في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «لقد حسم المحور الوطني مرشحه الوحيد لرئاسة مجلس النواب ضمن الكتلة السنية الأكثر عددا مع الكتل المتحالفة معها البالغة أكثر من 50 نائبا، والمرشح هو النائب محمد الحلبوسي».
وفي السياق نفسه، أكد عضو البرلمان عن محافظة الأنبار محمد الكربولي القيادي في المحور الوطني لـ«الشرق الأوسط» أن «ترشيح الحلبوسي للمنصب جاء بعد لقاءات مكثفة عقدتها قيادة المحور الوطني مع الشركاء لا سيما الشيعة والكرد، حيث حظي ترشيحه بموافقة على نطاق واسع من قبلهم». وردا على سؤال بشأن النواب السنة المنافسين له وعددهم ثمانية بالإضافة إلى الحلبوسي يقول الكربولي إن «الحلبوسي هو الأوفر حظاً لكون عليه شبه إجماع بينما المنافسون الآخرون لا يحظون بنفس فرصته لأسباب مختلفة، وبالتالي ليس هناك منافس قوي له من داخل الساحة السنية، لا سيما أن عدد النواب الذين رشحوه من السنة هم الغالبية».
إلى ذلك، أكد القيادي في حزب بيارق الخير والمرشح عنه لرئاسة البرلمان، محمد الخالدي، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» إن «الآلية التي تم الاتفاق عليها بين المرشحين السنة التسعة وبسبب عدم وجود انسحابات أو تنازلات هي أن يجري التصويت عليهم داخل قاعة البرلمان». وأضاف أن «من يحصل منهم على 165 صوتاً سوف يفوز في رئاسة البرلمان، وفي حال لم يحصل أحد على هذه النسبة فإن التنافس سوف يكون بين أكثر اثنين حصلا على الأصوات عبر جولة ثانية».
إلى ذلك تستمر اللقاءات الشيعية - الشيعية لحسم المرشح لمنصب رئاسة الوزراء بعد الشروط التي وضعتها المرجعية وإعلان رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي عدم حماسه للولاية الثانية والصدر تهديده بالذهاب إلى المعارضة في حال لم تتشكل الحكومة بعيدا عن المحاصصة العرقية والطائفية. وفي هذا السياق، وطبقا لسياسي مطلع أبلغ «الشرق الأوسط» فإن «الكتلتين الشيعيتين، (الإصلاح والإعمار) التي تضم الصدر والعبادي و(البناء) التي تضم العامري والمالكي، لن تطرحا موضوع الكتلة الأكبر خلال جلسة السبت (اليوم)»، مبينا أن «السبب في ذلك يعود إلى رغبتهما في حسم رئاسة البرلمان من قبل السنة، ومن ثم التحرك لحسم الأمر، إما عبر الذهاب للمحكمة الاتحادية عن طريق رئيس البرلمان الجديد، أو حسم الموقف بالتوافق بعد طرح اسم عادل عبد المهدي من قبل الصدر كمرشح تسوية مع آخرين، وهو ما أدى إلى حصول خلافات شيعية - شيعية ستبقى لفترة مستترة لأن الجميع يخشى الجهر بها بسبب الموقف الحاد للمرجعية من الأسماء المتداولة لتولي المنصب ومن بينهم من تولى المنصب سابقا».
ويرى السياسي المطلع أنه «بصرف النظر عما إذا كان تهديد الصدر بالذهاب إلى المعارضة لأغراض المناورة أمجديا فإن كتلة (الفتح) لا سيما زعيمها هادي العامري يصر على مشاركة كتلة سائرون المدعومة من الصدر في الحكومة المقبلة مع (الفتح)».
من جهته، فقد قلل سعد المطلبي، عضو ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، من تداول الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة حاليا. ويقول المطلبي إن «ما يطرح من أسماء حول مرشحي رئاسة مجلس الوزراء عبر وسائل الإعلام لا تتعدى كونها بالونات اختبار أو فحص لمعرفة رد فعل الشارع واستبيان رأي المرجعية في هذه القضية على اعتبار أنها وضعت شروطا للمرشحين، كما أن بعض الأسماء التي ذكرت بالإعلام سبق لها وأن طرحت للمنصب، والبعض الآخر بعيد كل البعد عن الحوارات، ومنهم من اتصلنا بهم وأبدوا استغرابهم من ذكر أسمائهم كمرشحين». ويضيف المطلبي أن «الحوارات مستمرة والموضوع ليس بسيطا وهناك أقفال بحاجة إلى مفاتيح غالية الثمن، بالتالي فإن هناك حاجة لإيجاد المفاوض أرضية وسطية للتقريب بين التحالفين المتنافسين بما يخدم مصلحة الشعب ويخرج البلد من أزمته»، لافتا إلى أن «هناك مشكلة وهي بحاجة إلى المزيد من الزمن والجهود والحوارات يقابلها التزامات ومواقيت دستورية قصيرة جدا».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.