«الكتائب» و«المردة»... باسيل يجمعهما و«حزب الله» يفرّقهما

الوزير فرنجية ونجله طوني في استقبال النائب نديم جميل (موقع المردة)
الوزير فرنجية ونجله طوني في استقبال النائب نديم جميل (موقع المردة)
TT

«الكتائب» و«المردة»... باسيل يجمعهما و«حزب الله» يفرّقهما

الوزير فرنجية ونجله طوني في استقبال النائب نديم جميل (موقع المردة)
الوزير فرنجية ونجله طوني في استقبال النائب نديم جميل (موقع المردة)

لم تعرف العلاقات بين حزبي «الكتائب اللبنانية» و«المردة» هذه الحرارة التي شهدتها مؤخرا، وإن كانت الاجتماعات التي عُقدت في الأيام الماضية انطلقت من واجب تقديم التعازي لرئيس «المردة» سليمان فرنجية بوفاة عمه السيد روبير فرنجية. إذ بدا واضحا في البيان الصادر عن «الكتائب» بعيد لقاء النائب سامي الجميل على رأس وفد بفرنجية في دارته في منطقة بنشعي (شمال لبنان)، أن الاجتماع كان مخصصا بالأصل لبحث الأوضاع والتطورات، وقد تخلله تقديم واجب العزاء.
ولم يقتصر الحراك بين الحزبين على هذا اللقاء، إذ تبعته زيارة قام بها النائب الكتائبي نديم الجميل إلى بنشعي، أكد خلالها أنه «بعد إجراء الانتخابات النيابية أصبح هناك علاقة جديدة بيننا وبين النائب طوني (سليمان) فرنجية»، معتبراً أنه «في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، علينا أن نتوحد ونتضامن من أجل مواكبة ومواجهة كل الصعوبات مع بعضنا البعض من أجل مصلحة كل لبناني ومصلحة لبنان».
ولطالما كانت النظرة الاستراتيجية للملفات السياسية تفرق بين «المردة» و«الكتائب». فالخلاف بين عائلتي فرنجية والجميل قبل الحرب وخلالها، تمدد في السنوات الماضية مع تمترس كل من الفريقين في محور، «الكتائب» في صفوف «14 آذار» و«المردة» في صفوف فريق «8 آذار».
ولا تزال الخلافات حول العلاقة مع سوريا وسلاح «حزب الله» تظلل العلاقة بين الحزبين وتمنع تطورها باتجاه تحالف سياسي، إلا أن عملية خلط الأوراق التي بدأت مع تبني تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» ترشيح العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية وما تبعها من تحالف سياسي بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، تم تعليقه مؤخرا، كلها تطورات دفعت مختلف الفرقاء لمحاولة فتح قنوات تواصل مع باقي القوى السياسية خوفا من إقصائها أو استبعادها عن الحكم.
ولعل ما تم تسريبه قبل مدة قصيرة من اتفاق «معراب» الذي وقعه «القوات» و«الوطني الحر» في العام 2016. والذي لحظ عملية تقاسم للمواقع المسيحية بين الحزبين من دون أن يلحظ أي حصة أو دور لباقي الأحزاب المسيحية، جعل هذه الأخيرة تستنفر وتعيد ترتيب أوراقها للتصدي لمحاولات تهميشها. وهو ما أشارت إليه مصادر مطلعة على الحراك الحاصل على خط بنشعي – الصيفي (مقر الكتائب)، مؤكدة أن «التواصل دائم بين الطرفين والتطورات والمستجدات الأخيرة بطبيعة الحال تفرض على الجميع التلاقي والحوار بسبب سياسة الغائية يمارسها وزير الخارجية جبران باسيل، أضف أن العهد لم يتمكن من استيعاب أي طرف مسيحي، وهو ما بدا جليا مع انهيار حتى حلفه مع «القوات».
وأشارت المصادر إلى أنّه «حتى في ملف كملف صلاحيات رئاستي الجمهورية والحكومة، لم يتمكن العهد من اجتذاب أي من القوى المسيحية إلى صفه، لأن هذه القوى تدرك تماما أن العهد يدافع عن نفسه وليس عن صلاحيات المسيحيين»، مشددة على أن «هذه الصلاحيات لا تستعاد بالتهجم على الآخر بل عن طريق الحوار والنقاش». وأضافت المصادر: «يتبين أن يد المردة ممدودة إلى الجميع، لذلك نحن اليوم نشهد تطورا مستمرا ولافتا في علاقته مع القوات، كما تطور في علاقته مع «الكتائب»، وحدها العلاقة مع «التيار الوطني الحر» غير موجودة لأن مشكلته مع كل الفرقاء دون استثناء، وقد بدأ ذلك يهدد بنية البلد، وهو أمر خطير يستوجب النقاش».
ورغم انتهاج حزب «الكتائب» في المرحلة الماضية وبالتحديد بعيد الانتخابات النيابية سياسة تهدئة لإعطاء فرصة للعهد، فإن ذلك لم يمنع تواصله مع «المردة» الذي يعد حاليا أبرز خصوم «التيار الوطني الحر». ويؤكد عضو المكتب السياسي في «الكتائب اللبنانية» سيرج داغر أن «التواصل دائم مع «المردة» ولا يقتصر على اللقاءات التي تتم بين رئيسي الحزبين، فالنقاش مفتوح معهم حول كل الملفات المطروحة، فنحن نتلاقى معهم مثلا على الأداء الجدي لوزرائنا في الحكومات إضافة لعدم انخراطنا في الفساد وإصرارنا على الحضور المسيحي في الدولة»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الخلاف حول العلاقة مع النظام السوري أو على سلاح «حزب الله» لا يعني عدم قيام علاقة مبنية على الاحترام والصراحة، بعيدا عن علاقات المصلحة التي أدت إلى تداعي أحلاف سياسية مؤخرا». وأضاف داغر: «أوراق اتفاق معراب أظهرت صراحة أن هناك نية بالاستئثار بالساحة المسيحية، وهو آخر ما نسعى إليه مع «المردة» بحيث نرفض الثنائيات ونتطلع دائما لتقديم رؤى وأفكار جديدة تغني الساحة المسيحية المتميزة بتعدديتها».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».