الادعاء في محكمة الحريري: الهجوم نفذ بفضل مصطفى بدر الدين

TT

الادعاء في محكمة الحريري: الهجوم نفذ بفضل مصطفى بدر الدين

أنهى الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس، مرافعاته الختامية بعد تقديم كل الحجج والبراهين، واعتبر المتهمين الأربعة مذنبين في القرار الموحد، قبل أن يبدأ فريق المتضررين بتقديم مرافعاته، بحضور 6 عائلات من المتضررين من عملية اغتيال رفيق الحريري. ورأى الادعاء أن الهجوم نفذ بفضل قيادي عسكري متطور، أي مصطفى بدر الدين، وذلك بعد تحليل ظروف الاعتداء والاستناد إلى معلومات عن «حزب الله» وأمينه العام حسن نصر الله وجنازة بدر الدين وإمكانيات الحزب وعمله في سوريا، وفي الخطابات العلنية، والخبرة العسكرية لثلاثين عاما.
وكشف الادعاء أن توقيت الاتصال بقناة «الجزيرة» للحصول على شريط أحمد أبو عدس الذي «تبنى زوراً عملية الاغتيال»، تطابق مع الاتصالات المتتالية لخلايا المتهمين، وأن تأخر «الجزيرة» في الوصول إلى الشريط ومن ثم عدم بثه مباشرة، أدى إلى كثافة في الاتصالات بين هواتف المتهمين، فقد استعمل عنيسي هاتفه خلال وجوده لمراقبة الشريط، واعتبر الادعاء ذلك دليلا واضحا.
وأشار المدعي العام إلى أن هواتف المتهمين أسد صبرا وحسين عنيسي وحسن مرعي «أقفلت في 15 و16 فبراير (شباط)» أي بعد اغتيال الحريري، موضحا أن «هاتف صبرا استخدم في السابق بشكل متواصل لثلاث سنوات متتالية، فيما هاتف عنيسي لسنتين أما هاتف مرعي فاستخدم لسنوات طويلة». وسأل: «هل هذه صدفة؟».
وواصل الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس مرافعاته الختامية، وحضرها المتضررون من عملية اغتيال الحريري: جوزيف عون ليليان خلوف سحر كلاوي وسام ناجي وسناء الشيخ. ورد الادعاء على أسئلة القضاة.
ولفت الادعاء إلى إفادة اللواء وسام الحسن عن الشبكة الخضراء التي تضم 3 هواتف خليوية لـ«حزب الله». كما لفت إلى بينات أعطاها الأمين العام للحزب حسن نصر الله إلى قوى الأمن الداخلي، وإفادات الحسن إلى لجنة التحقيق، وتحليل هواتف لعناصر من «الموساد».
وقال: «كانت هناك ثلاثة أرقام، رقمان لعياش وبدر الدين ورقم لعنصر زعم أنه من «الموساد» كانت تتنقل معاً في الفترة الزمنية من 9 إلى 21 يناير (كانون الثاني) 2005»، موضحا أن الرقم المزعوم لـ«الموساد» كان يقيم في زوق مكايل.
وردا على سؤال عن الرحلة المزعومة إلى عنجر في 18 يناير، قال الادعاء بأن الرحلة كانت غير مألوفة حيث مقر المخابرات السورية في لبنان لرستم غزالة، وذكر أن الهاتف عمل في الساعات الأولى من الصباح، ولا نزعم أنه التقى غزالة، ولكنه كان جزءا من التحضير للعملية السرية.
وعن شريط اعتراف أحمد أبو عدس، أشار الادعاء إلى أن الهواتف التي بحوزة المتهمين، أكدت التنسيق اللافت بين بدر الدين وعياش ومرعي، وأن عنيسي استعمل الخلايا في منطقة الجامعة العربية، ومرعي كان المنسق المسؤول عن إعلان شريط التسجيل وتسجيله وتسليمه. وأوضح أن الاتصال بمنزل أبو عدس كان من منطقة الجامعة العربية من هاتف عمومي حيث يمكن تحديد موقعه ولإعطاء الانطباع أن أبو عدس متطرف.
وأكد أن أبو عدس استدرج وفهم الخطة وبدا خائفا في التسجيل. ولفت إلى انعدام نشاط الهواتف ما بين 48 إلى 72 ساعة في 16 يناير (كانون الثاني) 2005 للمشاركة في إعداد الشريط. وهذا يتزامن مع فترة الاختطاف. وأفاد أنه في 20 يناير كان هناك اتصالان عند السادسة صباحا في وقت غير اعتيادي وهو مؤشر بأن حدثا مهما حصل.
وأعلن أن وحدة الاغتيال بدأت بتتبع الحريري نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2004، مشيرا إلى أن شراء شبكات الهواتف وتكوين مجموعة من 15 هاتفا ليست صدفة مع نشاط مكثف لمجموعتين، عملتا بتنسيق تام ومتواز. الشبكة الخضراء للإشراف على المؤامرة والتنسيق والإعداد للاعتداء وتحضير الشاحنة وتركت آثارا مضللة في كل مرحلة.
وأنهى الممثلون القانونيون للمتضررين الإدلاء بمرافعاتهم الختامية، وتستأنف المرافعات الختامية يوم الثلاثاء المقبل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.