أفلام يوسف شاهين المرممة تجتذب المصريين مرة أخرى

تشهد سينما «زاوية» في مقرها الجديد، بدار «سينما كريم»، بشارع عماد الدين، وسط القاهرة، إقبالاً كثيفاً من محبي السينما، ممن حرصوا على مشاهدة النسخ المرممة لأفلام المخرج المصري الكبير الراحل، يوسف شاهين. بعدما تم افتتاح السينما الجديدة مساء الثلاثاء الماضي، في خطوة انتظرها عُشاق السينما في مصر، وبخاصة محبو المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين. وشهد حفل الافتتاح عرض النسخة المرممة من فيلم «باب الحديد»، بحضور عدد من النقاد، والصحافيين، ونجوم الفن المصري، بينهم الفنانة يسرا اللوزي، والمنتج محمد حفظي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والمنتج محمد العدل، والفنان أشرف مصيلحي، وغيرهم، إضافة إلى السفير البرازيلي بالقاهرة.
ونال إقبال الجماهير الكثيف على عروض أفلام شاهين إعجاب النقاد السينمائيين، والمتابعين، ولا سيما أن عدداً كبيراً منهم شاهد هذه الأفلام في السينما عند عرضها لأول مرة، إضافة إلى حرصهم على مشاهدتها مرة أخرى بتذاكر جديدة، رغم إتاحة بعضها على شبكة الإنترنت، واحتفاظ الكثيرين من الجمهور بنسخها على أجهزة الحاسوب.
من جانبه، قال يوسف الشاذلي، مدير عام سينما «زاوية»، إنه تم تخصيص 10 أيام لعرض 20 فيلماً من أفلام المخرج الراحل بعد ترميمها، تزامناً مع مرور الذكرى العاشرة لرحيله، وكانت البداية بفيلم «المصير» الذي، وستكون نهاية هذه الفعالية يوم 22 سبتمبر (أيلول) الحالي بعرض 3 أفلام، هي «صراع في الوادي»، و«اليوم السادس»، و«الوداع يا بونابرت»، وأضاف بكلمته في حفل الافتتاح أنه سيتم عقد مناقشة مفتوحة مع بعض المشاركين في تلك الأفلام، للحديث عن ذكرياتهم مع يوسف شاهين، منهم الفنان محسن محيي الدين، الذي شارك في الكثير من أفلام يوسف شاهين، حيث سيحضر عرض فيلم «إسكندرية ليه»، ثم يتحدث في ندوة مفتوحة عن الفيلم.
في السياق نفسه، لفتت المخرجة والمنتجة ماريان خوري، ابنة شقيقة المخرج الراحل، إلى صدفة طريفة خاصة بـ«سينما كريم» ويوسف شاهين، حيث شهدت السينما قبل 60 عاماً العرض الأول لفيلم «باب الحديد»، الذي لاقى حينها هجوماً واسعاً ضد شاهين، حتى من أفراد أسرته، لتعود السينما بعد كل هذه السنوات، وتعرض الفيلم بعد ترميمه، وينال إعجاب الجمهور.
وعن أسباب اختيار تلك الأفلام تحديداً لترميمها وعرضها في الذكرى العاشرة لرحيله، قالت خوري لـ«الشرق الأوسط»، «هناك عوامل كثيرة ساهمت في هذا الاختيار، أولها أننا شعرنا بأن هذه الأفلام تعد الأكثر أهمية في مشوار شاهين، كما كان هناك اهتمام خاص بالأفلام ذات الإنتاج المشترك بين يوسف شاهين وشركات إنتاج أخرى، كما أن الأولوية في الترميم كانت للأفلام التي أُنتجت قبل عام 2000، مثل (اليوم السادس)، (المهاجر)، (الآخر)، (المصير)، و(إسكندرية كمان وكمان)»، ولفتت خوري إلى أن تلك الأفلام ليست الوحيدة التي ستخضع للترميم، فهذه مجرد بداية لمشروع ضخم سيتم استكماله بأفلام المخرج الراحل التي لا تمتلكها شركة مصر العالمية، ثم سيتم ترميم الأفلام التي تمتلكها الشركة، لكنها ليست ليوسف شاهين.
وبعيداً عن مشروم ترميم الأفلام، نوهت ابنة شقيقة المخرج الراحل إلى أن فعاليات تكريم شاهين مستمرة داخل مصر وخارجها، حيث يتم تكريمه في مهرجاني الجونة والإسكندرية السينمائي، كما تقام فعاليات خاصة في فرنسا وألمانيا، حيث سيتم عرض جميع أفلامه وليست المرممة فقط، وذلك ضمن برنامجين لمدة 3 أشهر، إضافة لمعرض صور سيظل لمدة 6 أشهر.
يذكر أن سينما «زاوية» بدأت منذ أربع سنوات، وأطلقتها شركة مصر العالمية التي أسسها المخرج الراحل يوسف شاهين، بهدف نشر الثقافة السينمائية في مصر من خلال عرض مجموعة من الأفلام البديلة، منها عربية ومنها إنتاج جنسيات أخرى متنوعة، كما تسلط «زاوية» الضوء على لأفلام المحلية المستقلة، وذلك من أجل تشجيع شباب المخرجين المصريين والعرب وتسويق أعمالهم وإتاحتها لجمهور السينما، مع تقديم فعاليات خاصة بالتزامن مع عروض الأفلام تتمثل في ورش عمل وندوات حول الأفلام المعروضة، وتشكل سينما «زاوية» استمراراً لنجاح بانوراما الفيلم الأوروبي، التي أصبحت من أهم الفعاليات السينمائية منذ افتتاحها عام 2004.
وعلق سيد أمجد، الذي حرص على حضور عروض أفلام شاهين المرممة على الحدث بقوله «لحسن حظي، حضرت فيلم (المصير) بـ(سينما زاوية) إحياءً لتراث يوسف شاهين، وكانت تجربة لطيفة جداً، وأكثر شيء أسعدني هو اكتمال صالة العرض بالحضور».
وأضاف على صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»، أنه سيحرص على حضور كل العروض حتى الأسبوع المقبل بقوله «للأسف، لم يتح لي مشاهدة أي فيلم لشاهين»، مشيراً إلى أن «عرض أفلامه بسينما (زاوية) سيتيح له فرصة الدخول إلى عقل وفكر يوسف شاهين، وبخاصة بعد نصيحة أحد محبيه له (إن أردت تعلم السينما جيدا... فعليك بمشاهدة أفلام يوسف شاهين)».
«الأفكار لها أجنحة محدش يقدر يمنعها توصل للناس»، إحدى أشهر الجمل السينمائية، التي صاغها المخرج يوسف شاهين في تتر فيلمه «المصير»، تتردد حالياً بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع عرض الفيلم بسينما زاوية مرة أخرى. وتكمن أهمية الفيلم في سرده شخصية ابن رُشد، الذي عُرف عنه ميله الواضح إلى الفلسفة، التي لا تقل أهمية عن العلوم الفقهية والطبية، اللتين أجادهما ابن رُشد، لكن شاهين سلّط الضوء أكثر على الجانب الفسلفي والفكري وعلاقته بالسلطة، التي لم تكن على وفاق.