هدوء حذر عشية جلسة حاسمة للبرلمان العراقي

احد متاجر الحبوب والكسرات في بلدة قراقوش (رويترز)
احد متاجر الحبوب والكسرات في بلدة قراقوش (رويترز)
TT

هدوء حذر عشية جلسة حاسمة للبرلمان العراقي

احد متاجر الحبوب والكسرات في بلدة قراقوش (رويترز)
احد متاجر الحبوب والكسرات في بلدة قراقوش (رويترز)

في وقت يستمر فيه الجدل بشأن شرعية جلسة البرلمان العراقي غدا برئاسة أكبر الأعضاء سناً، يسود هدوء حذر بانتظار حسم الكتل أسماء مرشحيها للرئاسات الثلاث.
وأعلن الرئيس الأكبر سنا للبرلمان العراقي محمد علي زيني أن الجلسة ستكون حاسمة في اختيار مرشحي هيئة رئاسة المجلس بعد الاتفاق الذي حصل مع ممثلي الكتل بشأن الموضوع. وقال في تصريح صحافي أمس إن «الكتل السياسية معنية باختيار مرشحين لهيئة رئاسة البرلمان من أجل البدء بحسم منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لأن الوضع العام في البلد لا يتحمل تصعيدا أكثر، خصوصا مع الاضطرابات في البصرة».
وفي وقت فرضت رؤية المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني بشأن اختيار المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة نفسها داخل البيت الشيعي باستبعاد بعض كبار المرشحين المحتملين للمنصب بمن فيهم رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الذي يعد الأوفر حظا لولاية ثانية، فإن البيت السني المعني باختيار رئيس البرلمان وصل إلى مراحله النهائية في حسم أسماء مرشحيه.
المرشحون السنة لمنصب رئاسة البرلمان والبالغ عددهم 9 خضعوا على مدى اليومين الماضيين إلى مراجعة شاملة بين الكتل السياسية، سواء داخل تحالف القوى السنية أو مع الشركاء من الشيعة والأكراد، ما قلل فرص كثيرين منهم للفوز بالمنصب.
وفيما يخص الجدل بشأن دستورية جلسة البرلمان غدا لاختيار رئيس سُنّي ونائب أول شيعي ونائب ثان كردي، أكد الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس السن مضطر إلى الاستمرار في ترؤس الجلسات في ظل عدم حصول توافق بين الكتل السياسية التي تتحمل الخرق الدستوري». وأضاف أن «الكتل الفائزة هي التي لم تلتزم بالسياقات والتوقيتات الدستورية الحاكمة على صعيد انتخاب الرئاسات بدءا من رئيس أصلي للبرلمان ونائبين له ومن ثم فتح الترشيح لانتخاب رئيس للجمهورية وإعلان الكتلة الكبرى». وأوضح أن «رئيس السن يتولى عمله في ضوء المادتين 54 و55 من الدستور».
وطبقا لما أعلنه النائب عن «بيارق الخير» محمد الخالدي، أحد المرشحين التسعة لرئاسة البرلمان، فإن اليوم سيكون حاسما بشأن التوافقات لاختيار اسم الرئيس الجديد. وقال الخالدي في تصريح صحافي أمس إن «الاجتماعات والمفاوضات مستمرة بين الكتل السنية ولم نصل إلى نتيجة بعد، فجميع المرشحين لديهم أسهم من حيث الأصوات».
لكن النائب عن محافظة الأنبار محمد الحلبوسي الذي يعد الأوفر حظا على صعيد رئاسة البرلمان قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المتوقع أن نصل سواء في البيت السني أو بالاتفاق مع الشركاء الآخرين من الشيعة والأكراد إلى توافق بشأن المرشح لمنصب رئيس الوزراء». وأضاف أن «أمر رئاسة البرلمان سيحسم خلال جلسة السبت». واعتبر أن «المؤشرات كلها تصب في صالح ترشيحي لوجود توافق شبه كامل سواء داخل البيت السني أو الفضاء الوطني».
وفاجأ رئيس «ائتلاف النصر» في محافظة نينوى وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، أحد المرشحين التسعة السنة لرئاسة البرلمان، الأوساط السياسية بلقاء جمعه مع زعيم «تحالف القرار» أسامة النجيفي، أحد المرشحين الأقوياء للمنصب، وحصول توافق بينهما، ما يعني الاتفاق في اللحظات الأخيرة على قطع الطريق أمام منافس ثالث.
وقال بيان بعد الاجتماع إن النجيفي والعبيدي بحثا «الملفات السياسية والنازحين وإعمار المدن المحررة بحضور جمع من الزعماء والسياسيين على رأسهم صالح المطلك»، مبينا أنهما «اتفقا على أهمية تضافر الجهود باتجاه تشجيع الشركات الاستثمارية العربية والعالمية للإسهام في إعادة إعمار المدن المحررة وفي مقدمها الموصل والأنبار». وثمن النجيفي، بحسب البيان «المواقف الوطنية الثابتة وروح المثابرة التي يتحلى بها العبيدي»، متمنيا له «مزيدا من النجاح في مساعيه لتقديم الخدمة والعون اللازمين لجميع أبناء العراق».
من جانبه، أثنى العبيدي على «الجهود الخيرة والروح العراقية التي يتسم بها النجيفي»، مؤكدا «تطابق وجهات النظر إزاء القضايا الراهنة والتنافس الشريف فيما يخص الترشح للفوز لقيادة مجلس النواب في المرحلة المقبلة». واعتبر العبيدي أن «أي شخصية وطنية مخلصة ستقود البرلمان ستكون كسبا للبلاد وستجد كل الدعم من قبل الخيرين الوطنيين، خلافا فيما لو اعتلى منصة الرئاسة أحد التابعين لمؤسسات صناعة الفساد التي تتحين الفرص للإضرار بمصلحة الشعب والوطن».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم