Aga
• إخراج: ميلكو لازاروف
• تمثيل: ميخائيل أبروسيموف، فيدوسيا إيفانوفا.
• دراما | بلغاريا، فرنسا - 2018
• تقييم: (جيد)
لا شيء على ما يرام في حياة نانوك (أبروسيموف) وسدنا (إيفانوفا) حتى وإن بدت حياتهما تلك بسيطة للغاية وبيئتهما متواضعة ومعتاد عليها. هناك شيء كامن وسط الجماد يتحدث من دون صوت. ينطلق من دون كلمات. شيء يعرفه المخرج لازاروف كونه كتب السيناريو وتخيل الحبكة وما تحويه.
هناك في إحدى أكثر المناطق الشمالية من روسيا يعيش نانوك وإيفانوفا فوق صقيع كامل ينسبط في كل اتجاه. لا حياة بشرية أخرى حولهما ولا بلدة قريبة أو حتى خيمة واحدة منصوبة في الجوار. هما زوج وزوجة انزويا، لسبب غامض، عن العالم ويشهدان حالياً كيف بدأ هذا العالم بتضييق الخناق عليهما.
الصيد لم يعد متوفراً كما كان سابقاً والثلوج لم تعد بسماكتها السابقة ما يعني أن الدفء قد يزيل أسباب الثروة السمكية أو الطبيعية. الغزلان (باستثناء واحد) هاجرت والغربان ازدادت. المكان عاصف برياح شديدة والبرد يجمد الأطراف والحياة صعبة، لكنها الحياة الوحيدة المتاحة لهما في هذا الفيلم الذي نال، قبل أسابيع، الجائزة الأولى في مهرجان سراييفو.
نانوك لم يعد قوياً كما كان ولو أنه يداوم الصيد. زوجته تحمل جرحاً مؤلماً في خاصرتها تداويه بالأعشاب لكن هذا لم يعد كافياً. لديه كلب وحيد يجر له العربة بصعوبة. هو أيضاً لم يعد قادراً على القيام بوظيفته ويموت. على أن نانوك، رغم كل هذا لديه مهمّـة أخيرة: سينتقل مئات الأميال إلى حيت تعمل ابنته أغا (غالينا تيخونوفا) في منجم للماس. لم يرها منذ سنوات بعيدة نتيجة وضع يختار المخرج عدم البوح به. يسير إلى تلك الجبال التي تحيط بالمنجم ويجد ابنته تتابع عملها. تلتفت إليه وقد فاجأها بحضوره. ينتهي الفيلم عند هذا الموقف وتتراجع الكاميرا إلى حيث تتبدى وحشة المكان والمحيط كاملة.
يعمد المخرج إلى معالجة فيلمه كما لو كان تسجيلياً، لكن الفيلم روائي كامل رغم تلك المعالجة وما يتخللها من التقاط تفاصيل الحياة اليومية وما تعرضه من لقطات للطبيعة المحيطة بكل قسوتها.
وهو فيلم قليل الكلام يتطلب إمعاناً رغم أن حكايته ليست متشابكة أو ذات أحداث فعلية. ما يفتقر إليه الفيلم من أحداث تعوّضه الكاميرا بنجاح مهمتها الإحاطة بتلك الحياة كما هي ومن دون إضافات. فجأة لا يعود مهماً أن يطرأ فعل ما أو أن يتطوّر السيناريو حدثياً ليعرض جانبا إضافياً يثري الحكاية. مع منتصفه (إثر مجيء شاب اسمه شينا ويقوم به سيرغي إيغوروف) تتعالى موسيقى مولر. في البداية تتبدى وظيفتها كإضافة ثرية، لكن مع استمرارها تأخذ من قوّة الصورة حتى وإن لم يكن ذلك هدفها.