«المركزي» التركي يتمرد على إردوغان رافعاً الفائدة 625 نقطة

الرئيس حمل البنك مسؤولية التضخم بـ«قراراته الخاطئة»

البنك المركزي التركي (رويترز)
البنك المركزي التركي (رويترز)
TT

«المركزي» التركي يتمرد على إردوغان رافعاً الفائدة 625 نقطة

البنك المركزي التركي (رويترز)
البنك المركزي التركي (رويترز)

في خطوة تشكل تحديا لموقف الرئيس رجب طيب إردوغان، رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي 625 نقطة أساس خلال اجتماع لجنته للسياسة النقدية أمس (الخميس).
وأسفرت هذه الخطوة عن دعم الليرة التركية، وربما تهدئ - من وجهة نظر الخبراء والمحللين - مخاوف المستثمرين من تأثير إردوغان على السياسة النقدية وإعلانه موقفا عدائيا من أسعار الفائدة.
وصعدت الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي، في أعقاب بيان البنك المركزي عن رفع سعر الفائدة، والذي جاء فيه أن البنك رفع سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء «الريبو» لمدة أسبوع، إلى 24 في المائة مقارنة مع 17.75 في المائة سابقا.
وأضاف البنك أن التطورات الأخيرة المتعلقة بتوقعات التضخم، تشير إلى وجود مخاطر في استقرار الأسعار، نتيجة تحركات أسعار الصرف.
وأظهرت الليرة التركية قوة أمام الدولار بعد قرار رفع الفائدة، وصعدت إلى 6.1 مقابل الدولار من مستوى يزيد على 6.4176 قبل القرار.
وبالمستوى الجديد الذي وصل إليه سعر الفائدة، يكون البنك المركزي التركي رفع أسعار الفائدة بمقدار 11.25 نقطة مئوية منذ أواخر أبريل (نيسان) الماضي في مسعى لوقف انهيار الليرة.
وجاء القرار رغم إعادة تأكيد إردوغان معارضته أسعار الفائدة المرتفعة، مستبقا إعلان المركزي أمس، وقائلا إن التضخم نتج عن خطوات خاطئة اتخذها البنك المركزي.
وقال البنك المركزي التركي، الذي يسعى لأن يوازن بين المخاوف من ضعف الليرة والقلق من تباطؤ اقتصادي، إنه قرر تطبيق سياسة نقدية مشددة بقوة لدعم استقرار الأسعار. وأضاف في بيان «إذا اقتضت الضرورة، سيتم تشديد السياسة النقدية أكثر».
وخسرت الليرة التركية 42 في المائة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري، متضررة من مخاوف تأثير إردوغان على السياسة النقدية، والنزاع الدبلوماسي بين تركيا والولايات المتحدة في الآونة الأخيرة بشأن قضية القس أندرو برانسون.
وفي السياق ذاته أصدر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مرسوما يلزم باستخدام الليرة التركية في جميع عقود بيع وشراء وتأجير العقارات والأملاك المنقولة، وذلك ضمن جهود دعم الليرة التركية.
وشمل المرسوم الرئاسي، الذي نشر في الجريدة الرسمية أمس (الخميس)، عقود بيع وشراء العقارات والأملاك المنقولة، واستئجار جميع الأملاك بما فيها وسائل النقل والتمويل والأعمال والخدمات المنفذة عن طريق التأجير.
وشدد المرسوم على أن العقود «المبرمة بين الأشخاص المقيمين على أراضي الدولة التركية، والالتزامات المالية الناجمة عنها، لن تحدد بالعملات الصعبة أو بما يعادلها، باستثناء حالات محدودة تقررها وزارة المالية. أما العقود المبرمة سابقاً والمحدد بدلها بالعملات الأجنبية، فيُعاد تحديد بدلها بالليرة التركية بين أطراف العقود باستثناء حالات تقررها الوزارة المعنية، وذلك خلال 30 يوما من دخول المرسوم حيز التنفيذ».
وصدر القرار قبل ساعات من اجتماع للبنك المركزي التركي الذي اتخذ قرارا طال انتظاره بشأن أسعار الفائدة وسط توقعات واسعة برفعها.
وقبل الاجتماع، قال إردوغان إن بلاده ستتخذ المزيد من الخطوات للحد من تقلبات سعر صرف العملات الأجنبية. وأضاف، في اجتماع لاتحاد الصنّاع والحرفيين، بالعاصمة أنقرة أمس، أن تركيا تعمل من أجل حل جميع المشاكل التي أثرت بشكل سلبي على اقتصادها، وفي مقدمتها التقلبات في أسعار الصرف، دون الخروج عن إطار السوق الحرة.
وتابع أن «الفترات العصيبة تتطلب اتخاذ قرارات وإجراءات حاسمة، ولن نتردد أبدا في اتخاذ أي قرارات تتلاءم مع أهمية المرحلة التي يمر بها بلدنا... نرى أن استخدام العملات الأجنبية يجب أن يقتصر على من له عمل مع الخارج مثل الاستيراد والتصدير».
وأكد الرئيس التركي أن موقفه من مسألة رفع الفائدة كما هو لم يتغيّر، مستدركا «لكن يبقى البنك المركزي مستقلا ويتخذ قراراته بنفسه». وانتقد إردوغان ارتفاع معدل الفائدة في تركيا قائلا: «الحكومة لن تساهم مطلقا في دعم هذا التوجه الاستغلالي».
وأشار إلى أن تركيا تشهد منذ 5 أعوام هجمات متعددة، تتمثل في إحداث الفوضى ومحاولة الانقلاب والعمليات الإرهابية والهجمات الاقتصادية... «ورغم كل الأحداث التي شهدناها، لم يتضرر استقرارنا السياسي ولا قوتنا الاقتصادية ولا حتى وحدتنا الاجتماعية».
واعتبر أن بعض الأطراف (لم يسمها) تتعمد دائماً ربط اسم تركيا بالأمور السلبية، لافتا إلى أن حزبه قام بتقوية وتطوير ومأسسة اقتصاد السوق الحر من خلال ضمان انفتاح تركيا على العالم، ونجح في جذب الاستثمارات الدولية اللازمة لتنمية وإثراء البلاد.
وأضاف: «حققنا نمواً بزيادة 3.5 ضعف، وأصبح اقتصادنا في المرتبة الـ13 عالمياً من حيث تعادل القدرة الشرائية، والـ17 من حيث الدخل القومي».
ولفت إردوغان إلى أن الميزة الأكبر في تركيا حالياً هي أن المشاكل ليست ناجمة عن القطاع المالي، وأن المصارف ما زالت قوية بجميع مؤشراتها، واعتبر أن القطاع المالي سيتصرف بشجاعة أكبر كلما تحقق الاستقرار في أسعار الصرف والفائدة والتضخم.
وقال إنه عندما تولى حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا كان معدل الفائدة 63 في المائة وجرى خفضه حتى 4.6 في المائة، وكذلك التضخم كان 30 في المائة وانخفض إلى نحو 7 في المائة (يبلغ معدل التضخم في تركيا حاليا 17.9 في المائة). ورأى إردوغان أن ما تشهده تركيا اليوم ليس بأزمة، وإنما عبارة عن تلاعب مرتبط بالخارج، داعيا إلى عدم الانخداع في هذا الصدد، مؤكدا أن تركيا ستتجاوز هذه المرحلة.
من جانبه، قال رئيس البرلمان التركي بن علي يلدريم إن الأزمة التي تواجهها بلاده في هذه الأيام عرضية وقابلة للعلاج.
وأضاف، في كلمة خلال مشاركته باجتماع اتحاد الصنّاع والحرفيين، بالعاصمة أنقرة، أنه بفضل التدابير التي تتخذها الحكومة التركية، سيتم تبديد الغيوم المخيمة على الاقتصاد، من خلال التهديدات والمضاربات.
وأشار إلى أهمية مواصلة الجميع الثقة بالحكومة التركية ومؤسسات الدولة، وعدم الإصغاء إلى الراغبين في استغلال الأزمة الحالية، قائلا إن بلاده ستتقدم بخطوات ثابتة نحو أهدافها المستقبلية.



مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
TT

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين رداً على زيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) المقبل.

وأشارت النتائج إلى أن 61 في المائة من الشركات تتوقَّع انخفاضاً في الأرباح، و54 في المائة تخطِّط لزيادة الأسعار، و53 في المائة تتوقَّع تقليص العمالة، في حين تعتزم 39 في المائة منها تقليص زيادات الأجور؛ نتيجة لزيادة التأمين الوطني، التي تم إعلانها في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد أظهرت استطلاعات أخرى انخفاضاً في معنويات الأعمال وتراجعاً في نوايا التوظيف والاستثمار، منذ إعلان وزيرة المالية، راشيل ريفز، زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في ضرائب الرواتب. وقد أسهم تباطؤ الاقتصاد في إثارة القلق في الأسواق المالية بشأن مستويات الدين العام في المملكة المتحدة، مما دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع بشكل حاد هذا الأسبوع. كما أظهرت أرقام منفصلة، يوم الخميس، من «جمعية وكالات التوظيف» انخفاضاً في الطلب على الموظفين الجدد، وهو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس (آب) 2020.

ومن جانبه، يراقب «بنك إنجلترا» - الذي يدرس احتمالية خفض أسعار الفائدة مجدداً - تأثير تكاليف التوظيف المرتفعة على التضخم من خلال زيادة الأسعار أو تقليص الوظائف، وانخفاض الاستثمار، ونمو الأجور، مما قد يبطئ من النشاط الاقتصادي.

وعلق روب وود، كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة في «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، قائلاً إن مسح بنك إنجلترا يشير إلى أن الزيادات الضريبية تؤدي إلى دفع الأسعار للأعلى بشكل أكبر، بينما التأثير في التباطؤ أقل مما أظهرته استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.

وأضاف: «لا تزال الأسئلة الأساسية للمسح تشير إلى تضخم مستمر وزيادة في الأجور، مع ضعف أقل حدة في سوق العمل مقارنة بالمسوحات النوعية، وهو ما يستدعي أن تتبنى لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي فقط».

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين البريطاني إلى أعلى مستوى له في 8 أشهر ليصل إلى 2.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقعات من «بنك إنجلترا» بأن التضخم سيواصل الارتفاع في 2025، ولن يعود إلى هدفه البالغ 2 في المائة حتى عام 2027، مما يحد من احتمالية خفض أسعار الفائدة عن مستواها الحالي، البالغ 4.75 في المائة.

وأظهر مسح «بنك إنجلترا»، الذي أُجري بين 6 و20 ديسمبر (كانون الأول)، أن الشركات تخطط لرفع الأسعار بنسبة 3.8 في المائة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن التوقعات في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر. وظل نمو الأجور المتوقع للعام المقبل ثابتاً عند 4 في المائة على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أشهر في ديسمبر.

على صعيد آخر، هبطت أسهم شركة «ماركس آند سبنسر» البريطانية وبعض شركات التجزئة الأخرى يوم الخميس، حيث فقد القطاع مليارَي جنيه إسترليني (2.45 مليار دولار) من قيمته، مع تأثر التجارة الجيدة خلال موسم عيد الميلاد بتراجع ثقة المستهلك والضعف الاقتصادي.

ويستعد تجار التجزئة، الذين يواجهون أصلاً ضعفاً في معنويات المستهلكين، لتكاليف أعلى اعتباراً من أبريل المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباب العمل والحد الأدنى للأجور. كما ألقت قفزة في تكاليف اقتراض الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة بظلال من القلق على التوقعات الاقتصادية، مما ضاعف الضغوط على المالية العامة، ودفع المحللين إلى التحذير من احتمال الحاجة إلى زيادات ضريبية إضافية. ومع التوقعات بارتفاع التضخم، يتوقَّع تجار التجزئة عاماً صعباً.

وقال ستيوارت ماشين، الرئيس التنفيذي لشركة «ماركس آند سبنسر»، للصحافيين بعد إعلان تحقيق الشركة أعلى مبيعات للأغذية خلال موسم عيد الميلاد: «هناك ثقة حذرة من جانب العملاء». وعلى الرغم من النمو الأعلى من المتوقع بنسبة 8.9 في المائة في مبيعات المواد الغذائية و1.9 في المائة في مبيعات الملابس والمستلزمات المنزلية، فإن أسهم الشركة تراجعت بنسبة 6.5 في المائة. في المقابل، سجَّلت «تيسكو»، أكبر مجموعة سوبر ماركت في البلاد، زيادة في مبيعاتها بنسبة 4.1 في المائة، لكن أسهمها انخفضت بنسبة 1.3 في المائة.

وقال مات بريتزمان، محلل الأسهم في «هارغريفز لانسداون»: «لن يكون العام المقبل سلساً تماماً لشركات التجزئة الكبرى، حيث يستعد القطاع لمواجهة الزيادات الضريبية الوشيكة».

وبينما ساعدت مبيعات المواد الغذائية المزدهرة على دعم أداء «ماركس آند سبنسر» و«تيسكو»، إلا أن فئات أخرى شهدت تراجعاً. فقد تباطأ نمو شركة «غريغز» المتخصصة في الأطعمة السريعة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، بينما سجَّلت شركة «بي آند إم» للتخفيضات انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.8 في المائة؛ مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبتَي 10 في المائة و12 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي شهدت فيه شركات التجزئة تراجعاً، ارتفع مؤشر الأسهم القيادية البريطانية الذي يركز على الأسواق العالمية بنسبة 0.5 في المائة.

وتستمر التحديات، إذ تقول الرئيسة التنفيذية لشركة «غريغز»، رويسين كوري، إن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً بشأن الإنفاق. وأضافت أن «النصف الثاني من عام 2024 كان مليئاً بالتحديات، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن هذا الأمر سيستمر حتى عام 2025».

وعلى الرغم من أن شركة «غريغز» قد حققت أداءً جيداً في السنوات الأخيرة، فإن نمو مبيعاتها الأساسي انخفض إلى 2.5 في المائة في الرُّبع الأخير من عام 2024، مقارنة بـ5 في المائة في الفترة السابقة.

من جانبها، حذَّرت أكبر شركة لتجارة الملابس في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية، يوم الثلاثاء، من أن نمو المبيعات سيتباطأ في عام 205 - 2026؛ نتيجة لتأثير زيادة الضرائب الحكومية على مستويات التوظيف ورفع الأسعار.

وفيما يخص «تيسكو»، أظهر كين مورفي، رئيس الشركة، تفاؤلاً ملحوظاً. وأوضح أنه على الرغم من أن المستهلكين الذين «احتفلوا فعلاً بعيد الميلاد» سيكونون أكثر حرصاً على القيمة في يناير (كانون الثاني)، فإن هذه الظاهرة تُعدّ سمة تقليدية دائماً في بداية العام.