مدارس مدمَّرة وتسرُّب تلاميذ في الجنوب السوري

في أول موسم دراسي بعد سيطرة قوات النظام

طفلان سوريان داخل أحد الصفوف في مدرسة تعرضت للدمار بشدة وتحولت ملجأ للنازحين في بلدة حمورية (غيتي)
طفلان سوريان داخل أحد الصفوف في مدرسة تعرضت للدمار بشدة وتحولت ملجأ للنازحين في بلدة حمورية (غيتي)
TT

مدارس مدمَّرة وتسرُّب تلاميذ في الجنوب السوري

طفلان سوريان داخل أحد الصفوف في مدرسة تعرضت للدمار بشدة وتحولت ملجأ للنازحين في بلدة حمورية (غيتي)
طفلان سوريان داخل أحد الصفوف في مدرسة تعرضت للدمار بشدة وتحولت ملجأ للنازحين في بلدة حمورية (غيتي)

بعد سيطرة النظام السوري على مناطق جنوب سوريا، ينتظر الأهالي البدء بالخدمات الأساسية وفي مقدمتها قطاع التعليم، حيث تشهد القطاعات التعليمية سوءاً بالخدمات بعد تدمير معظم المدارس، والموجود منها يعاني نقصاً حاداً في المستلزمات والوسائل التعليمية.
يرى «جهاد» أحد المسؤولين السابقين في مؤسسة تعليمية مدعومة من منظمات المجتمع المدني، أن «المنظمات التعليمية سابقاً حاولت النهوض بالواقع التعليمي للطلاب، حيث عملت على إنشاء الروضات والمراكز التعليمة ومراكز الدعم النفسي الخاصة بالأطفال، وتأهيل بعض المدارس، ونشر وسائل التعليم المتقدمة، خصوصاً مع خروج عدد كبير من المدارس من الخدمة نتيجة القصف والعمليات العسكرية التي كانت تشهدها مناطق المعارضة سابقاً، إضافة إلى فصل عدد كبير من المدرسين من مدارس الدولة، الذين وجدوا في المراكز التعليمية التي تشرف عليها منظمات المجتمع المدني سبيلاً لاستمرار عملهم وتوفير الدخل».
لكنه يوضح أن «ما كان عليه القطاع التعليمي سابقاً يبقى محدوداً ومحفوفاً بمخاطر ولم يؤدِّ دوره الوظيفي على أكمل وجه، حيث إنه رغم سعي الحكومة السورية المؤقتة (المعارضة) فإنها لم تنجح في تحقيق اعتراف دولي بالشهادات الثانوية والتعليم الأساسي الصادرة عنها، وبقيت مراكز التعليم البديلة التي انتشرت خلال سيطرة المعارضة، مرهونةً باستمرار الدعم لهذه المجمعات التعليمية، ومراراً تعرضت مراكز تعليمية ومراكز دعم نفسي للتوقف عن العمل نتيجة توقف الدعم عنها، أو أنها أنهت برنامجها المحدد، وكانت للمؤسسات الداعمة سياسة أقرب للمزاجية في تقديم دعم ضخم لمناطق دون أخرى، يعتمد على عدد السكان ودرجة الخطر في المنطقة التي سينفّذ بها المشروع التعليمي، ما كان يعرّض مناطق للافتقار إلى مراكز التعليم والدعم النفسي».
وأكد أن العملية التعليمية في مناطق سيطرة المعارضة جنوب سوريا سابقاً، كانت تسير ضمن مؤسسة تعليمية مدنية، دون تدخل فصائلي أو عسكري فيها، مضيفاً: «النظام استهدف المدارس بالقصف في المناطق التي كانت خارجة عن سيطرته في جنوب سوريا، بهدف الضغط على المدنيين وعلى المعارضة، للوصول إلى حالة من التفريق بين الماضي والحاضر، وإظهار ضعف مؤسسات المعارضة التي كانت غير قادرة على إثبات نفسها كمؤسسات بديلة عن مؤسسات الدولة في المنطقة، وغير قادرة على إدارة العملية التعليمية في المنطقة دون رعاية النظام».
وقال أحد المدرسين في مدارس النظام السوري في درعا إن «الواقع التعليمي في جنوب سوريا لم يشهد أي تحسن ملحوظ رغم بدء العام الدراسي الجديد وسيطرة النظام على المنطقة الجنوبية وتعهده بإدخال الخدمات ومؤسسات الدولة إلى المناطق التي سيطر عليها مؤخراً، حيث إنه لم يتم ترميم أي مدرسة تعرضت للقصف أو التدمير حتى الآن»، مرجحاً أن تبقى العملية التعليمية في المراكز السابقة التي كانت تديرها المعارضة والمدارس المتضررة بشكل جزئي في المدن والبلدات التي كانت تتعرض للقصف، مضيفاً أن مديرية التربية في منطقة درعا أكدت أنه سوف يتم تزويد المدارس بمقاعد جديدة، وبمادة الديزل في فصل الشتاء للتدفئة، ولوازم القرطاسية الخاصة بالمدرسة وليس بالطلاب، ورفع كتاب إلى الوزارة المختصة بعدد المدارس المدمَّرة والتي تحتاج إلى إعادة إعمار وتأهيل.
وأوضح أن «التحديات التي ستواجه الواقع التعليمي في جنوب سوريا تتجلى باكتظاظ الأقسام الدراسية وغياب اللوازم اللوجيستية في المؤسسات التربوية، ونقص المدارس والمراكز التعليمية، ما يولّد ضغطاً كبيراً في أعداد الطلاب بالمدرسة الواحدة، وهذا ما يؤثر على التلاميذ أنفسهم، حيث تجد في الصف الواحد ما يقارب من 50 إلى 70 طالباً في المرحلة الابتدائية، ومثلهم في الإعدادية والثانوية، إضافة إلى نقص الكوادر المختصة، أو ضعف التكوين البيداغوجي لكثير من المؤطرين التربويين سواءً كانوا أساتذة أو مفتشين تربويين أو مديري مؤسسات مدرسية، فمنهم من هاجر أو فُصل من وظيفته خلال السنوات السابقة».
وأشارت نهاد العبد الله باحثة في علم الاجتماع، من درعا، إلى أن أبرز المشكلات وأهمها التي تواجهها العملية التعليمية، هي «مشكلة التسرب المدرسي، حيث تعد هذه المشكلة إحدى المشكلات الدراسية الأكثر انتشاراً بين التلاميذ، منذ القديم، وتضاعفت خلال سنوات الحرب التي تمر بها البلاد، ولا تزال مستمرة رغم فرض الحكومة السورية قانون التعليم الإلزامي، لكن عدة ظروف مجتمعة في البلاد كانت سبباً في زيادتها أهمها النزوح الداخلي والنزوح المتكرر، واستهداف المدارس، وضعف الحالة المادية، وارتفاع الأسعار، ما تطلب وجود أكثر من معيل في الأسرة الواحدة، للمساعدة في مصروف العائلة، ومواجهة الظروف المعيشية الصعبة، حيث إن كثيراً من التلاميذ وجدوا أنفسهم خارج المدرسة والتعليم وانخرطوا في ورشات العمل للنهوض بواقع أسرهم المعيشي، أو لفقدان الأب، وغيرها من الأسباب التي فاقمت من المشكلة».
وأردفت: «أينما ولّيت النظر في شوارع سوريا، تجد أطفالاً بعمر الدراسة قد تركوا مدارسهم وانخرطوا في مجال العمل، حيث إن الشريحة العمرية التي ينبغي أن تكون في مرحلة التعليم الأساسي، هي المتضرر الأكبر من هذه الظاهرة (التسرب المدرسي)، وبخاصة الذكور منها، حيث يعمل كثير منهم في الورشات الفنية (إصلاح المركبات، أعمال صيانة الميكانيكا، والحدادة) أو في المساعدة بأعمال البناء، وللأطفال الإناث نصيبهم من الظاهرة أيضاً، إذ يعمل عدد غير قليل منهن في الحقول وجني المحاصيل الزراعية، وتكثر هذه المظاهر في أرياف درعا والقنيطرة والسويداء».
وبدأ العام الدراسي الجديد، في جنوب سوريا، في ظروف مغايرة شهدتها المنطقة، وسيطر عليها النظام السوري، كما تزامن قدومه مع تحضيرات الأهالي لفصل الشتاء، وتجهيز المؤن.
يرى «جمال» أحد سكان ريف درعا جنوب سوريا، أن الأعباء لم تختلف عن السابق، حيث إن أسعار اللباس المدرسي ولوازم القرطاسية وغيرها من أدوات المدرسة لم تشهد أي هبوط بالأسعار، بل منها ما بقي على حاله أو ازداد سعره.
وأضاف أن الحكومة السورية طرحت قروضاً بقيمة 50 ألف ليرة سورية، لمساعدة العائلات لشراء اللوازم المدرسية كافة من صالات «السوق السورية للتجارة»، ويشترط سداد المبلغ على شكل دفعات شهرية لمدة عشرة أشهر، كما يشترط وجود كفيلين اثنين من الموظفين في إحدى مؤسسات الدولة، لضمان تسديد المبلغ في الوقت المحدد، واقتطاع المبلغ من أحدهما في حال تخلّف المستفيد عن الدفع بعد الإنذار. مشيراً إلى أن الحصول على القرض كان صعباً بالنسبة إلى الكثيرين بسبب إقبال الناس الكبير، والخوف من عدم قدرتهم على تأمين المبلغ الشهري إذا ما استمر الركود الاقتصادي في المنطقة.
وأوضح: «كحال اللباس المدرسي الذي فرضته وزارة التربية مؤخراً قبيل بدء العام الدراسي الجديد، فإن سعر الزي المدرسي الكامل صاحب درجة الجودة العادية يصل إلى 10 آلاف ليرة سورية، بينما الزي ذو الدرجة الجيدة يصل سعره إلى 20 ألف ليرة، ناهيك بأسعار الحقائب المدرسية التي وصل سعر الحقيبة الواحدة منها إلى 2000 - 5000 آلاف ليرة سورية، إضافة إلى ارتفاع أسعار القرطاسية كالدفاتر والأقلام وغيرها التي يصل سعرها مجتمعة من الدرجة عادية الجودة إلى 5000 ليرة سورية لكل طالب»، ومع انعدام فرص العمل ومحدودية الحركة التجارية، وغلاء الأسعار، وضعف أجرة اليد العاملة، وجد رب الأسرة نفسه أمام تحديات كبيرة تحول دون قدرته على تلبية كل احتياجات أولاده من اللوازم المدرسية، ومنهم من اضطر إلى إرسال أولاده إلى المدرسة وهي لا تملك أي مقومات التعليم ووسائله أو أنها تحمل النقص في وسائلها، مؤكداً أن معظم الأهالي استعانت باللوازم المدرسية القديمة المتوفرة سابقاً لدى أولادها كاللباس أو القرطاسية.
وشددت الباحثة نهاد العبد الله على أن «المنظومة التعليمية يجب توجيهها نحو تكريس ثقافة السلام وبناء المجتمع المدني، وهذه ليست مهمة الكتب المدرسية وحسب، بل هي مهمة على عاتق المدرسين في المدرسة وعلى الأهل في المنزل باعتبارها سمات تتطلب التأثير على السلوك وتعزيز أخلاق الطلاب، نحو حب العيش بسلام واحترام وقبول الآخر، وعدم الإحساس بالظلم أو الإقصاء أو التهميش، ويجب أن تلقى هذه الثقافة قبولاً من الحكومة وأن تتماشى معها، كي لا نصيب الطلاب بحالة الانفصام عن الواقع وفقد الثقة بالأنظمة السياسية، خصوصاً بعد المرحلة الجديدة التي باتت الحكومة السورية تدّعيها عن عودة الاستقرار والإصلاحات في مناطق سورية».



«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.


مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.