الجزائر: مقري يعرض مبادرة لتحقيق توافق وطني

رئيس «حركة مجتمع السلم» دعا إلى أن تنظم الانتخابات «شخصيات نظيفة»

TT

الجزائر: مقري يعرض مبادرة لتحقيق توافق وطني

اشترط الحزب الإسلامي الجزائري المعارض (حركة مجتمع السلم)، مشاركته في رئاسية 2019 بإطلاق «لجنة مستقلة»، تشرف على تنظيم الاستحقاق، بدءا من مراجعة اللائحة الانتخابية إلى إعلان النتائج. غير أنه تخلى عن فكرة سابقة روَج لها، تتمثل في دعوة الجيش إلى «رعاية المسار الانتخابي»، على أساس أنه المؤسسة الوحيدة في البلاد التي بإمكانها ضمان نزاهة الانتخابات، بحكم أن كل الأطراف السياسية تحترمها.
وتناول عبد الرزاق مقري، رئيس «مجتمع السلم»، في مؤتمر صحافي عقده أمس بالعاصمة، مشروع «التوافق الوطني»، الذي عرضه في وقت سابق على كل الأحزاب الموالية للحكومة والمعارضة. وحاول إقناع السلطة، وخاصة الجيش، بجدوى الأخذ به. وذكر مقري أن مشروعه «جاء ليوفر بيئة مناسبة وظروفا مواتية لخروج البلاد من الأزمات، التي تمر بها، والمخاطر التي تتربص بها، ثم الانطلاق في تنمية الوطن ليكون ضمن الدول الصاعدة والناهضة في مختلف المجالات».
وقال مقري إن حزبه «ارتأى أن يدعو إلى التوافق الوطني للتعاون على حل الأزمات، التي تتمثل في عجز بلادنا عن تحقيق التنمية، وفشل الحكومة في الاستفادة من تجارب الدول الصاعدة، التي كانت في مستوانا اقتصاديا خلال سبعينات القرن الماضي، سواء في العالم الإسلامي، أو على مستوى الكتلة الاشتراكية التي كنا ننتمي إليها».
كما لاحظ مقري «غياب الثقة بين الفاعلين السياسيين في مختلف القطاعات، وبين الشعب والطبقة السياسية، واستفحال العزوف الانتخابي، وانتشار ظاهرة المال السياسي، وتراجع هيبة المؤسسات المنتخبة بسبب التزوير الذي يعترف به الجميع».
وفي معرض اقتراحاته، وضع مقري شرطا لتنظيم انتخابات رئاسية نزيهة، يتمثل في اختيار شخصيات من المجتمع «مشهود لها بالنزاهة ونظافة اليد» للإشراف عليها، بدل أن تعهد العملية إلى الحكومة، التي تتهم دائما بالتزوير.
وتقوم فكرة «التوافق الوطني»، حسب صاحبها مقري، على إقصاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من المشاركة في الانتخابات، وفسح المجال لكل الأطراف السياسية لدخول المعترك الرئاسي. ويدعم مقري هذا التوجه بكون أن الاستحقاق سيكون محسوم النتيجة إذا شارك فيه الرئيس.
أما في حال رفض بوتفليقة ذلك، فإن مقري يطالب من الجيش أن «يقف على مسافة واحدة من كل المترشحين المحتملين». وبعبارة أكثر وضوحا، يدعو مقري قيادة الجيش ورئيس أركانها الفريق أحمد قايد صالح إلى التخلي عن دعمه سياسيا للرئيس، ولهذا السبب يحمله مسؤولية ضمان نزاهة الاستحقاق، ويقحمه في مشروع «التوافق»، أو ما يسميه «الانتقال الديمقراطي».
لكن صالح رفض هذه الفكرة عندما أطلقها مقري لأول مرة في يوليو (تموز) الماضي، وقال إنه «من الغريب وغير المعقول أن يتم الزج بالجيش الوطني الشعبي في الصراعات السياسية مع اقتراب كل استحقاقات وطنية». ودعا الأحزاب إلى «الاهتمام بمتابعة قضايا الشعب»، محذرا كل من ينصب نفسه ناطقا باسم الجيش، بقوله: «لا وصاية على الجيش الذي يتلقى التوجيهات من رئيس الجمهورية وزير الدفاع». غير أن مقري رفض أمس الخوض في موقف صالح من مبادرته.
ويقترح زعيم «مجتمع السلم» في مشروعه أن «يقود التوافق الوطني رئيس الجمهورية المتوافق عليه، بعد نجاحه في رئاسية 2019». وحدد أطراف «التوافق»، وهي السلطة والأحزاب والشخصيات السياسية «بكل توجهاتها»، والنقابات والنخب الوطنية وتنظيمات المجتمع المدني، زيادة على السلطة ممثلة في الحكومة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».