انسحاب القوات من تكريت يبرز المصاعب التي تواجهها الحكومة العراقية

انسحبت القوات العراقية من مدينة تكريت بعد أن واجهت مقاومة عنيفة من المسلحين الذين يسيطرون على المدينة، في ضربة لمساعي الحكومة للتصدي للمسلحين الذين سيطروا على مساحات شاسعة في العراق.
ويبرز الانسحاب المصاعب التي تواجه بغداد لاستعادة الاراضي الخاضعة للمسلحين في الموصل وتكريت ومدن أخرى، إثر هجوم مباغت يهدد بتقطيع أوصال العراق.
وتأتي الانتكاسة بعد انتخاب السياسيين العراقيين سليم الجبوري لرئاسة مجلس النواب أمس الثلاثاء؛ في خطوة أولى تأخرت كثيرا نحو تشكيل حكومة لتقاسم السلطة، وهناك حاجة ماسة اليها للتصدي للمسلحين بقيادة "تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)" الذي كان تابعا لـــ"القاعدة".
ولم يتضح اذا كان انتخاب سليم الجبوري سيسهم في انهاء خلاف اوسع نتيجة سعي رئيس الوزراء نوري المالكي للبقاء في منصبه لولاية ثالثة. ويتولى المالكي منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء منذ ابريل (نيسان).
وقال جندي من الجيش العراقي شارك في القتال، ان القوات الحكومية والمقاتلين المتطوعين تراجعوا قبل الغروب أمس الثلاثاء الى قاعدة تبعد أربعة كيلومترات الى الجنوب، بعد تعرضهم لقصف عنيف بقذائف المورتر ونيران القناصة.
وقال السكان ان المدينة لم تشهد أي معارك صباح اليوم (الأربعاء).
وتقع تكريت على بعد 160 كيلومترا شمالي بغداد، وهي معقل لمؤيدي الرئيس العراقي السابق صدام حسين ولضباط جيش سابقين تحالفوا مع "الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)" للسيطرة على أجزاء واسعة من شمال وغرب العراق في الشهر الماضي.
وهاجمت القوات الحكومية تكريت من قرية العوجة -التي تبعد ثمانية كيلومترات الى الجنوب - أمس الثلاثاء، ولكنها واجهت مقاومة عنيفة في الجزء الجنوبي من المدينة.
ونشر مؤيدون لتنظيم ـ"داعش" صورا على "تويتر" لأحد المسلحين يرفع علمه التقليدي بلونيه الابيض والاسود، الى جانب مركبة مدرعة سوداء خلفتها قوات التدخل السريع، فضلا عن مركبات مموهة للتخفي في الصحراء تفحمت احداها، قالت ان القوات المنسحبة تركتها.
ويمثل التقدم المذهل الذي حققه المسلحون خلال الشهر المنصرم في شمال وغرب البلاد، تهديدا لبقاء العراق مع استمرار انقسام الساسة بشأن تشكيل حكومة للتصدي للمتشددين.
وربما يكون الاستياء الواسع إزاء أسلوب حكم المالكي الذي يقول منتقدوه انه همش السنة والاكراد، قد ساهم في نجاح هجوم "داعش" الشهر الماضي.
من جهة اخرى، يواجه المالكي تحديا داخل الائتلاف الوطني وهو تكتل شيعي يضم ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي ومنافسين له.
وبعد اختيار الجبوري لرئاسة البرلمان بعد ظهر أمس دخل النواب في جدل مرير لساعات بشأن نائبه الشيعي، فيما يشير الى أنهم ما زالوا بعيدين عن التوصل الى اتفاق بشأن الحكومة الجديدة أو اتخاذ قرار بشأن مصير المالكي.
وبعد اختيار رئيس البرلمان سيكون أمام المجلس 30 يوما لانتخاب الرئيس، الذي سيكون أمامه مهلة 15 يوما ليرشح رئيسا للوزراء.
وقال مسؤول من ائتلاف دولة القانون ان الائتلاف يدرك انه لن يستطيع الضغط لترشيح المالكي لولاية ثالثة، وان هناك حاجة للتغيير ولكنه لم يذكر كيفية حدوث ذلك.
ولم تصدر اي اشارة من المالكي تفيد رغبته في التنحي.
وقال المسؤول لرويترز "لا يمكن الضغط على رئيس الوزراء نوري المالكي للتنحي ولا ينبغي فعل ذلك"، مضيفا انه لم تجر مناقشات رسمية بشأن مرشح محتمل لمنصب رئيس الوزراء.
على صعيد آخر، قالت الشرطة وشهود عيان ان تسعة أشخاص على الاقل قُتلوا في انفجار سيارتين ملغومتين في نفس الوقت تقريبا في سوق شعبية في بغداد أمس الثلاثاء. وأُصيب أكثر من 26 مدنيا كذلك في الانفجار الذي وقع في حي مدينة الصدر الشيعي وأسفر عن تدمير عدد من المتاجر ومنصات البيع في الشارع.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرين.
وتشهد بغداد هجمات قليلة مقارنة بالعنف الذي تشهده مناطق أخرى. فيما تخوض حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يقودها الشيعة معركة مع المتشددين المسلحين الذين سيطروا على مناطق شاسعة من شمال وغرب البلاد، وهددوا بالزحف الى العاصمة.
من جهتها، تقدر الأمم المتحدة أن ألف شخص على الاقل قُتلوا معظمهم من المدنيين وأُصيب مثلهم في قتال وأعمال عنف أُخرى بالعراق في شهر يونيو (حزيران) مع اجتياح مُتشددين مُسلحين من لشمال البلاد.