حفتر يتقارب مع إيطاليا... ويتهم قطر بمحاولة «إشعال فتنة» مع الجزائر

البعثة الأممية تكشف عن خطة لانسحاب تدريجي للميليشيات من طرابلس

حفتر رفقة وزير الخارجية الإيطالي مساء أول من أمس بمقره فى الرجمة (القيادة العامة للجيش الوطني الليبي)
حفتر رفقة وزير الخارجية الإيطالي مساء أول من أمس بمقره فى الرجمة (القيادة العامة للجيش الوطني الليبي)
TT

حفتر يتقارب مع إيطاليا... ويتهم قطر بمحاولة «إشعال فتنة» مع الجزائر

حفتر رفقة وزير الخارجية الإيطالي مساء أول من أمس بمقره فى الرجمة (القيادة العامة للجيش الوطني الليبي)
حفتر رفقة وزير الخارجية الإيطالي مساء أول من أمس بمقره فى الرجمة (القيادة العامة للجيش الوطني الليبي)

أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، أنه بحث بمقره مساء أول من أمس مع إنزو ميلانيزي، وزير خارجية إيطاليا، الانتخابات الليبية المقبلة، ووسائل تأمين سيرها بشكل يضمن نزاهتها وحمايتها من التزوير.
وقال مكتب حفتر، في بيان، إن الاجتماع المفاجئ تناول أيضاً ملف التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، والعمل على إيجاد حلول على مستوى الدول الأوروبية، بما يكفل القضاء على الظاهرتين، مشيراً إلى أن الجانب الإيطالي تعهد بدعم أي اقتراح من الأمم المتحدة يضمن استقرار ليبيا.
وعلى الرغم من أن ميلانيزي قال إن محاور إيطاليا الرئيسي في ليبيا هو حكومة السراج، المعترف بها دولياً، فإنه رأى أيضاً أن «حفتر محاور لا يمكن تجنبه»، وقال في تصريحات نقلتها وكالة «أكي» الإيطالية إنه «كان هناك توضيح للمواقف مع حفتر» الذي «أثبت أنه شخص منفتح على الحوار، ويبدي اهتماماً ببلادنا، ويدرك الدور الذي يمكنه أن يقوم به».
بدورها، قالت وزارة الخارجية الإيطالية، في بيان، إن المسؤول الليبي والإيطالي «أجريا لقاءً مطولاً وودياً، شكل استئنافاً للعلاقات الوثيقة مع إيطاليا، في أجواء من تعزيز الثقة».
ونقل البيان عن الوزير الإيطالي تأكيده أن بلاده، التي تدعم حكومة السراج في طرابلس، تريد «الحفاظ على حوار حي» مع كل الفاعلين من أصحاب النيات الحسنة في ليبيا.
واكتفى الوزير الإيطالي لاحقاً بمكالمة هاتفية مع رئيس حكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، قدم خلالها تعازيه في ضحايا الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مقر المؤسسة الوطنية للنفط، وضحايا الاشتباكات المسلحة التي شهدتها أخيراً الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس.
وبحسب بيان لمكتب السراج، فقد جدد ميلانيزي دعم بلاده لحكومة السراج، الذي عبر في المقابل عن شكره لما تبذله الحكومة الإيطالية من جهد لدعم المسار الديمقراطي في ليبيا.
ومن جهة ثانية، سعى المشير حفتر لإخماد فتنة اتهم قطر، وقناة الجزيرة التابعة لها، بمحاولة إشعالها مع الجزائر، وذلك بعد تحريف تصريحات صحافية له أخيراً، أثارت جدلاً حاداً في الجزائر.
ونقل خليفة العبيدي، مسؤول الإعلام في مكتب حفتر، بالإضافة إلى العميد أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر والجيش الوطني، عن المشير حفتر قوله أول من أمس إنه «لا صحة لما أشيع عن تهديده للجزائر بنقل الحرب الليبية إلى أراضيها»، وتأكيده أن «علاقة ليبيا بدول جوارها، ومن بينها الشقيقة الجزائر، رفيعة المستوى».
وقال العبيدي، في تصريح بثته وكالة الأنباء الليبية، إن «قناتي (الجزيرة) القطرية، و(النبأ) التابعة للإخوان المسلمين التي تبث من تركيا، تحاول دس السم في العسل من خلال تشويهها لحديث حفتر المتلفز، في ما يتعلق بالجزائر، وذلك خلال لقائه بأعيان ومشايخ وحكماء ليبيا في الأيام الماضية».
ولفت العبيدي إلى أن حفتر أوضح أن قوات الجيش لاحظت دخول مجموعات مسلحة إلى الأراضي الليبية عبر الحدود مع الجزائر، دون أن تتم معرفة هويتها أو تبعيتها، مشيراً إلى أن حفتر أوفد أحد مساعديه إلى الجزائر قصد الاستفسار عن ماهية هذه المجموعات المسلحة، وإن كانت تابعة لحرس الحدود الجزائري أم أنها مجموعات إرهابية تتسلل عبر الحدود، وأوضح أن الجانب الجزائري تفهم الأمر، وتعهد بمعالجة هذه المسألة.
من جهته، تحدث المسماري عما وصفه بـ«الدور الخبيث» الذي حاولت الدوحة لعبه للوقيعة بين ليبيا والجزائر، وقال إن «العلاقات الليبية - الجزائرية أكبر من قناة الجزيرة، ومن دولة قطر، التي تروج للشائعات، ولن نرضى أن نكون مصدر تهديد لأي دولة شقيقة».
إلى ذلك، أعلنت حكومة الوفاق الوطني أن ما وصفته بالعملية الإرهابية الغادرة التي استهدفت مقر المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس، أول من أمس، كانت من تنفيذ 3 إرهابيين أفارقة، ينتمون إلى تنظيم داعش المتطرف الذي تبنى العملية.
وقال محمد السلاك، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أول من أمس، إن التقارير الأولية تشير إلى أن المهاجمين، وهم من أصول أفريقية، قاموا بتفجير أنفسهم بواسطة أحزمة ناسفة، في الهجوم الذي أسفر عن مصرع 4 أشخاص، بالإضافة إلى جرح 10 آخرين.
وعرضت «قوة الردع» الخاصة، التابعة لحكومة السراج، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، صوراً فوتوغرافية قالت إنها من الكاميرات الخاصة بمؤسسة النفط، حيث أظهرت «3 مهاجمين فقط من ذوي البشرة السمراء، يرتدون سُتر متفجرة (أحزمة ناسفة)، قاموا بالرماية داخل المؤسسة، وتفجير أنفسهم».
من جهة أخرى، كشفت بنود اتفاق وقف إطلاق النار في طرابلس، الذي رعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، عن خطة لانسحاب الميليشيات المسلحة من المواقع السيادية والحيوية، وإحلالها تدريجياً بقوات نظامية (جيش وشرطة)، بالإضافة إلى «تخزين كل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة داخل مقرات التشكيلات المسلحة».
ووزعت البعثة الأممية، مساء أول من أمس، نسخة من الاتفاق، تتضمن أن «تبدأ الخطة بمطار معيتيقة بطرابلس، ومقرات رئاسة الوزراء وميناء طرابلس والمصرف المركزي، ومواقع شركات النفط وشركة الكهرباء، والهيئتان العامة للاتصالات والاستثمار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».