الجزائر تعلن طي أزمتها السياسية مع العراق

على إثر الهتاف بحياة صدام حسين في مباراة كروية

TT

الجزائر تعلن طي أزمتها السياسية مع العراق

قالت الخارجية الجزائرية إن «العلاقات المتميزة بين الجزائر والعراق، لا يمكن لأي شيء أن يعكر صفوها». جاء ذلك بمثابة إعلان عن طي أزمة دبلوماسية، نشبت بسبب مباراة في كرة القدم جرت في إطار منافسات كأس العرب للأندية البطلة.
وأفاد بيان لوزارة الخارجية بأن محادثات جمعت الوزير عبد القادر مساهل بوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في القاهرة، أمس، على هامش أشغال الدورة العادية الخمسين بعد المائة، لمجلس جامعة الدول العربية المنعقدة. مشيرا إلى أن «الجانبين أشادا بعمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وأعربا عن تمسكهما بسبل تعزيزها المستمر». وأضاف البيان أن الجعفري وجه لنظيره الجزائري دعوة لزيارة بغداد، وأن مساهل من جهته: «أعرب عن ترحيبه بهذه الدعوة التي تأتي تعزيزا للعلاقات المتميزة القائمة بين البلدين، التي ليس بإمكان أي شيء المساس بها وبالتالي غلق الطريق أمام كل من يحاول تعكير صفو هذه العلاقات».
ولم يأت، في البيان، على ذكر الأزمة التي نشأت عن خلافات كروية حادة، وقعت ليلة الأحد الماضي، لكن يفهم من إثارة «صفو العلاقات» بين البلدين، والتنديد بـ«من يحاول تعكيرها» بأن سبب تنظيم لقاء بينهما كان لإنهاء الخلاف، كما أن توزيع صورة عن اللقاء لوسائل الإعلام، يوحي برغبة في وقف تفاعل الإعلام مع الحادثة.
وخلفت المباراة التي جمعت نادي اتحاد العاصمة الجزائري، بنادي القوة الجوية العراقي، أزمة سياسية حادة بين بغداد والجزائر. فقد هتف مشجعو أعرق الأندية الجزائرية للرئيس الراحل صدام حسين، وتم في الملعب ترديد شعارات عدَت مسيئة للطائفة الشيعية، ما دفع الفريق العراقي إلى الانسحاب من المقابلة في الدقيقة 75. وحينها كان الجزائريون متفوقين بهدفين لصفر، وبالتالي فهم متأهلون للدور المقبل. وشجبت الصحف الجزائرية الصادرة أمس، قرار الفريق العراقي بالانسحاب. واعتبرت ما صدر عن المشجعين الجزائريين «لا يعدو كونه تعاطفا مع رئيس بلد تربطه بالجزائر مشاعر الود والتضامن». وصرح مدرب النادي العراقي باسم قاسم، لصحيفة محلية بأن لاعبيه «كانوا يودون لو أنهوا المباراة في وقتها الرسمي، لولا الاستفزازات التي تعرضنا لها من طرف الجمهوري الجزائري، الذي أساء لنا ولشعب العراق». وكتبت صحيفة «الخبر»، إحدى أكبر الصحف في البلاد، بالصفحة الأولى «صدام حسين يشعل أزمة بين الجزائر والعراق!».
وأعرب مصطفى براف رئيس «اللجنة الأولمبية الجزائرية» في بيان عن «أسفه على تمجيد الرئيس العراقي الراحل». وقال إنه نقل هذا الموقف إلى سفير العراق بالجزائر، مشيرا إلى أنه «لا يمكن لروابط الأخوة القوية بين البلدين، أن تلطخها تصرفات بعض الأشخاص». وأوضح أنه قدم لرئيس البعثة الدبلوماسية العراقية «اعتذار كل الرياضيين الجزائريين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.