إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان و«المقاومة السنية البديلة» على إسرائيل

الأجهزة الأمنية تشدد قبضتها.. والخارجية تعتزم الشكوى لمجلس الأمن

إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان  و«المقاومة السنية البديلة» على إسرائيل
TT

إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان و«المقاومة السنية البديلة» على إسرائيل

إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان  و«المقاومة السنية البديلة» على إسرائيل

عزز لبنان الرسمي، أمس، إجراءاته الأمنية في المنطقة الجنوبية الحدودية مع إسرائيل، بمواكبة سياسية ودبلوماسية، تسير على خطين متوازيين، يتمثلان في رفض استخدام لبنان منصة للرد على ما يجري في غزة، كما قال وزير الخارجية جبران باسيل، تزامنا مع التحضير لتقديم شكوى دبلوماسية إلى الأمم المتحدة ضد إسرائيل.
لكن الرفض اللبناني لعمليات إطلاق الصواريخ على إسرائيل من جنوب لبنان، والإجراءات الأمنية التي يتخذها الجيش اللبناني وقوات «يونيفيل»، لم يمنع تجدد إطلاقها للمرة الرابعة على التوالي، مما يحمل عدة رسائل، بينها «الإعلان عن وجود عمل مقاوم رديف لفصائل المقاومة المعروفة في لبنان»، كما قال النائب عن جنوب لبنان في كتلة التنمية والتحرير قاسم هاشم، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قبل يومين، فضلا عن رسائل التأييد لحركة حماس في غزة، و«نصرة أطفال غزة»، كما قالت قوى إسلامية لـ«الشرق الأوسط».
وفي حين يجمع لبنان الرسمي على رفض إطلاق الصواريخ، قصفت إسرائيل موقعا لإطلاق الصواريخ في جنوب لبنان ليل الاثنين الماضي، مما دفع سكان المنطقة للفرار، وذلك انتقاما لإطلاق صاروخ واحد على الأقل من الموقع على شمال إسرائيل، في حادثة هي الرابعة على مدى أربعة أيام متتالية.
وأعلن الجيش اللبناني، أمس، أن مجهولين «أقدموا على إطلاق صاروخين من جنوب مدينة صور باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وكثف الجيش اللبناني دورياته البرية وعلى الشواطئ مدعوما بقوات غير اعتيادية من «يونيفيل»، التي قامت بمسح جوي، بواسطة طوافات ومروحيات، بينما كانت تجوب الزوارق التابعة لـ«يونيفيل»، في البحر قبالة الشاطئ، حسبما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام»، الرسمية في لبنان.
وأكد وزير الخارجية اللبناني أن لبنان سيتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة ضد إسرائيل، بعد ورود كل المعطيات لاكتمال الملف. وشدد على أننا «لن نسمح بجر لبنان إلى دهاليز من الظلامية والحروب من دون طائل، وأن لبنان عنده ما يكفي من القوة لردع إسرائيل عن قيامها باعتداءات عليه».
وإذ رأى أن «هناك من يحاول استعمال أرض لبنان منصة للرد على إسرائيل وعلى ما يجري في غزة»، أكد أن هذه «ليست سياسة الدولة، لذلك هي تتخذ الإجراءات الأمنية اللازمة بهذا الخصوص».
وإذ عد مطلقي الصواريخ «عناصر متفلتة»، قال: «بالوقت نفسه، هذا لا يعني أن تعتدي إسرائيل على لبنان، ومن هنا باب الشكوى».
لكن قوى إسلامية لا ترى في إطلاق الصواريخ مضرة على لبنان، ويؤيدونها، كونها «تناصر القضية الفلسطينية». ونفى الداعية الإسلامي الشيخ نبيل رحيم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون إطلاق الصواريخ يحمل رسالة سياسية بأن «مقاومة بديلة تنشأ في لبنان»، قائلا إن العلماء المسلمين «يؤيدون أي فعل يصب في مواجهة العدوان دون أن يترتب عليه ضرر وطني أكبر».
واستند رحيم في قراءته إلى أنه «في الحسابات الدولية، لن تتوغل القوات الإسرائيلية في لبنان، كما لن توسع دائرة القصف الإسرائيلي أكثر مما نفذته».
وعليه، أكد أن إطلاق الصواريخ على مدى أربعة أيام باتجاه شمال إسرائيل «يحمل رسالة التأييد للمقاومة في غزة، ونصرة للشعب الفلسطيني».
وكانت السلطات اللبنانية يوم الجمعة الماضي اعتقلت رجلا يُشتبه بأنه وراء إحدى الهجمات الصاروخية، ليتبين فيما بعد أنه عنصر في الجماعة الإسلامية يدعى الشيخ حسين عطوي، وهو دكتور محاضر في الشريعة، وأصيب أثناء إطلاقه لصاروخ باتجاه إسرائيل.
وأكد رئيس المكتب السياسي في «الجماعة الإسلامية» عزام الأيوبي لـ«الشرق الأوسط» أن «أي مواجهة مع إسرائيل نحن نؤيدها، لكن ما قام به الشيخ عطوي لم يكن صادرا عن قرار تنظيمي في الجماعة بإطلاق الصواريخ، رغم أننا نصنف هذا الفعل في إطار المقاومة».
وشدد على أن العملية «كانت تعبيرا شخصيا عن ردة فعل على ما يجري في غزة، نظرا لأن الشيخ يحمل تجاه هذا العدو مكنونات كثيرة»، مشيرا إلى أن الجماعة «تصنف هذا الفعل في إطار المقاومة»، برغم تأكيده أنه ليس قرارا تنظيميا من الجماعة.
غير أن عملية مشابهة، دفعت إلى الاعتقاد بأن هناك طرفا آخر يريد أن يوجه رسالة بأن المقاومة في لبنان ليست حكرا على «حزب الله»، الذي يعد أبرز الفصائل المقاومة ضد إسرائيل، ويكتفي حاليا بإدانة «العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين»، من غير أن يتطور إلى مؤازرة عملية وعسكرية.
ولم ينفِ الأيوبي أن إطلاق الصواريخ «وجه رسالة بأن الفصائل المقاومة السنية أيضا موجودة في لبنان، وأن المقاومة ليست حكرا على أحد».



تصعيد صومالي جديد ضد إثيوبيا يُعمق التوتر في «القرن الأفريقي»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود معلناً أمام برلمان بلاده رفض اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» (أرشيفية- الرئاسة الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود معلناً أمام برلمان بلاده رفض اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» (أرشيفية- الرئاسة الصومالية)
TT

تصعيد صومالي جديد ضد إثيوبيا يُعمق التوتر في «القرن الأفريقي»

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود معلناً أمام برلمان بلاده رفض اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» (أرشيفية- الرئاسة الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود معلناً أمام برلمان بلاده رفض اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» (أرشيفية- الرئاسة الصومالية)

في تصعيد جديد للخلاف بين مقديشو وأديس أبابا، قررت الحكومة الصومالية «طرد» دبلوماسي بالسفارة الإثيوبية لدى الصومال، بداعي «القيام بأنشطة لا تتفق مع دوره الدبلوماسي»، في خطوة رأى مراقبون أنها «تعمِّق التوتر في منطقة القرن الأفريقي».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض من الحكومة الصومالية ودول الجامعة العربية.

وفي مواجهة تلك التحركات، حشد الصومال، دعماً دولياً وإقليمياً، لمواقفه، ضد المساعي الإثيوبية، وأبرم بروتوكول تعاون عسكري مع مصر، في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو.

ومساء الثلاثاء، طلبت الخارجية الصومالية من المستشار الثاني في سفارة إثيوبيا لدى الصومال، علي محمد آدم، مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة، واتهمته بممارسة «أنشطة لا تتفق مع دوره الدبلوماسي، وتشكل خرقاً لاتفاقية (فيينا) للعلاقات الدبلوماسية الصادرة عام 1961»، وفق إفادة للخارجية الصومالية.

وأكدت وزارة الخارجية الصومالية «التزام الصومال حماية سيادته، والحفاظ على البروتوكولات الدبلوماسية الدولية، والقانون الدولي».

خلافات أعمق

ورجَّح أستاذ العلاقات الدولية في المعهد العالي للدراسات الأمنية بالصومال، حسن شيخ علي، ارتكاب الدبلوماسي الإثيوبي «أعمالاً عدائية تمس السيادة الصومالية»، وقال إن «المستشار بالسفارة الإثيوبية هو في الأساس ضابط بالجيش الإثيوبي»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الإجراءات الصومالية تستهدف حماية سيادته الوطنية».

وفي اعتقاد شيخ علي، فإن التوتر في العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، أعمق من مسألة طرد دبلوماسي تابع لأديس أبابا، ويقول إن «الخلاف بين البلدين أكبر من هذا الإجراء، ذلك أنه يرتبط باستهداف إثيوبيا كيان الدولة الصومالية وسيادتها، ويدعم انقسام جزء من أراضيها».

وسبق أن قال وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، إن إثيوبيا «لا تسعى للحصول على موانئ بحرية فقط، عبر (إقليم أرض الصومال)، وإنما تريد السيطرة على الأراضي الصومالية وضمها إلى سيادتها»، وطالب في تصريحات صحفية في مارس (آذار) الماضي، بـ«ضرورة مغادرة القوات الإثيوبية المشاركة في قوات حفظ السلام الأفريقية، الأراضي الصومالية، بنهاية تفويضها هذا العام»، وقال إن «بقاءها سيكون احتلالاً عسكرياً سنتعامل معه بكل الإمكانات المتاحة».

طابع تصعيدي

ويعد طرد الصومال دبلوماسياً إثيوبياً «تطوراً طبيعياً للتصعيد المستمر بين مسؤولي البلدين في الفترة الأخيرة» وفق تقييم الخبير المصري في الشؤون الأفريقية رامي زهدي، الذي أشار إلى أن «تصاعد لهجة الانتقادات وتبادل الاتهامات، يهدد قنوات الاتصال بين البلدين»، وقد ينتج عنه «تجاوز من أحد مسؤولي البعثات الدبلوماسية، وصولاً إلى خيار قطع العلاقات الدبلوماسية».

ويعتقد زهدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن التحركات الصومالية الأخيرة التي تحمل طابعاً تصعيدياً، «قد تكون وسيلة لحل خلافاتها مع أديس أبابا»، مشيراً إلى أن «حشد مقديشو تحالفات إقليمية باتفاقيات تعاون أمني وعسكري مع دول مثل مصر وتركيا، وتعزيز تعاونها مع دول الجوار المباشر، مثل أوغندا وكينيا وجيبوتي، يبعثان برسائل مباشرة لإثيوبيا أنها لن تكون صامتة أمام أي عدائيات على أراضيها».

ورأى الخبير أن تعزيز الصومال تحالفاته الإقليمية «تأكيد على رفض مقديشو أيَّ حل يخالف القانون الدولي، وينتقص من سيادة الصومال»، إلى جانب «توفير الغطاء السياسي لأي إجراء ستتخذه الحكومة الصومالية، سواء عسكرياً أو سياسياً، خصوصاً مع عدم وجود أي إشارات إلى تراجع أديس أبابا عن اتفاقها مع أرض الصومال».