واشنطن ترفض «أكاذيب» موسكو في الحرب على الإرهاب بإدلب

موسكو تقول إنها لديها «أدلة دامغة» على استعدادات لـ«استفزاز» كيماوي

واشنطن ترفض «أكاذيب» موسكو في الحرب على الإرهاب بإدلب
TT

واشنطن ترفض «أكاذيب» موسكو في الحرب على الإرهاب بإدلب

واشنطن ترفض «أكاذيب» موسكو في الحرب على الإرهاب بإدلب

تبادلت الولايات المتحدة وروسيا التحذيرات من على منبر مجلس الأمن، في نيويورك، حيال ما يبدو أنه هجوم وشيك تعتزم القوات النظامية السورية القيام به، بدعم من موسكو وطهران، في محاولة لبسط سيطرتها بالقوة العسكرية على محافظة إدلب، التي يعيش فيها زهاء 3 ملايين شخص، وسط مخاوف دولية من وقوع كارثة إنسانية كبرى.
ورفضت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي «الأكاذيب الفاضحة» لنظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا في شأن الحرب على الإرهاب، محذرة مجدداً كلاً من روسيا وإيران ونظام الأسد من «عواقب وخيمة» إذا مضوا في خططهم الراهنة لمهاجمة إدلب، أكان بالأسلحة الكيماوية أو بسواها.
واستهلت الجلسة المفتوحة، التي عقدت بطلب من موسكو لمناقشة مقررات اجتماع طهران لمجموعة الدول الثلاث الضامنة لمناطق خفض التصعيد في سوريا: روسيا وتركيا وإيران، بدقيقة صمت في الذكرى السنوية الـ17 لهجمات الـ11 سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية ضد الولايات المتحدة. وكان لافتاً في هذه الجلسة أن المندوبين الإيراني غلام علي خوشرو والتركي فريدون سينيرلي أوغلو قد شاركا في هذه الجلسة، وهي المرة الأولى التي يطلب فيها ممثلا الدولتين ذلك.
ثم تكلم المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، فقال إن «عدداً من الدول الغربية يستعد لتنفيذ تدخل عسكري في سوريا، وشن ضربة على مواقع حكومية، بذريعة الرد على استخدام دمشق المزعوم للمواد السامة»، مضيفاً أن «الحكومة السورية لا تمتلك أي أسلحة كيماوية، بعد أن تخلصت منها عام 2014، وهو ما أكدته منظمة حظر الأسلحة الكيماوية».
وادعى أن لدى السلطات السورية والقوات الروسية معلومات و«أدلة دامغة على استعدادات الإرهابيين في إدلب لاستفزاز كيماوي جديد بهدف اتهام الجيش السوري»، مضيفاً أن «في إدلب آلاف الإرهابيين، من (داعش) و(النصرة)، الذين يواصلون اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية». وبناء عليه، طالب بـ«تشكيل تحالف دولي واسع لمحاربة الإرهاب في سوريا وعبر العالم». واعتبر أن اجتماع طهران «هدف بصورة رئيسية لدحر الإرهاب، والبدء تالياً بعملية سياسية أصيلة لإيجاد تسوية سياسية للنزاع في سوريا».
وإذ أقر بضرورة تجنب إلحاق الأذى بالمدنيين، طالب الدول الغربية بـ«الضغط على الجماعات المسلحة لوقف قصف الأماكن المدنية (...) كي تفصل نفسها عن الإرهابيين»، وقال إن «استخدام الأسلحة الكيماوية أمر مرفوض تماماً»، مضيفاً أنه «من المضر للحكومة السورية أن تستخدم هذه الأسلحة؛ أولاً لأنه لا حاجة بالمعنى العسكري لذلك، وثانياً لأن ذلك سيكون بمثابة دعوة لضربة عسكرية غربية جديدة في سوريا»، ورأى أن «البيان الختامي للقمة أرسل رسالة واضحة للمجتمع الدولي، بأن الدول الثلاث مستمرة في مكافحة الإرهاب في سوريا، والعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة».
وعبر نظيره الهولندي كاريل فان أوستروم عن «خيبة أمله» من نتائج اجتماع طهران لأسباب عدة، منها أن دولتين، هما روسيا وإيران، قررتا القيام بحملة عسكرية واسعة، بخلاف رأي الدولة الثالثة في المجموعة، وهي تركيا. وحض موسكو على «تجنب كارثة إنسانية كبرى وشيكة في إدلب».
وحذر المندوب الفرنسي فرنسوا دولاتر من أن الهجوم على إدلب «سيكون الأكثر دموية في السجل الطويل للحرب الدامية في سوريا»، مضيفاً أنه «ليس صحيحاً أن الأسوأ في سوريا صار وراءنا؛ الأسوأ لا يزال ماثلاً أمامنا في إدلب». وحض روسيا على إعطاء وقت كاف للسير بعملية سياسية تبدأ بوقف فوري للنار، محذراً من أن «مقاربة روسيا بأن العملية العسكرية في إدلب تهدف إلى القضاء على الجماعات الإرهابية من أجل البدء بعملية سياسية تتسم بالخطورة الشديدة، فضلاً عن أنها خاطئة تماماً».
وأكدت نظيرته البريطانية كارين بيرس أن «الرعب في سوريا ينكشف اليوم أمامنا أكثر من أي وقت مضى خلال السنوات السبع من الحرب في سوريا».
وذكر المندوب الكويتي منصور العتيبي بمناشدة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، مارك لوكوك، الذي ناشد المجتمع الدولي «التعامل مع هذه الأزمة بطريقة تحول دون أن تتحول إدلب خلال الأشهر المقبلة إلى أسوأ كارثة إنسانية، مع أكبر خسائر للأرواح في القرن الحادي والعشرين»، مكرراً «التحذير في حال تمت عملية عسكرية شاملة في إدلب».
وكرر نظيره السويدي أولوف سكوغ هذا التحذير أيضاً، مع رفضه المسوغات الروسية للتصعيد العسكري في المنطقة الأخيرة التي اتفق شركاء آستانة على اعتبارها منطقة لخفض التصعيد.
وقال المندوب الكازاخي خيرت عمروف: «نحن مقتنعون بأن المجتمع الدولي يجب أن يوجه جهوده المشتركة لتهيئة الظروف لتسوية النزاع الداخلي السوري بشكل سلمي»، داعياً إلى «إعادة بناء هذا البلد المدمر، ومعالجة الوضع الإنساني»، وطالب بإيجاد الشروط المناسبة لعودة اللاجئين السوريين، مؤيداً فكرة عقد مؤتمر دولي حول اللاجئين السوريين، كخطوة أولى ملموسة نحو إيجاد حلول للمشكلة السورية.
أما المندوبة الأميركية نيكي هيلي فقالت: «دعونا لا نضيع الوقت بالمعلومات المضللة وصرف الأنظار والأكاذيب الفاضحة التي يستخدمها نظام الأسد، وشركاؤه الروس والإيرانيون، باستمرار لتشويه هذا النقاش»، مضيفة: «لم نرَ أي إجراءات تشير إلى أن روسيا وإيران والأسد مهتمون بحل سياسي»، وإنما «تصرفات جبناء مهتمين بغزو عسكري دموي لإدلب».
ورأت أن «تركيا تعلمت الدرس الأسبوع الماضي عندما اجتمعت مع روسيا وإيران، حيث أرادت تركيا أن توافق على وقف النار في إدلب، لكن روسيا وإيران رفضتا طلب تركيا»، وأكدت أنه «بصرف النظر عن نوع الأسلحة أو الأساليب المستخدمة، تعارض الولايات المتحدة بشدة أي تصعيد للعنف في إدلب».
وقالت إن «آستانة فشلت. لقد فشلت في وقف العنف أو الترويج لحل سياسي»، مؤكدة أن الولايات المتحدة «لن تسمح لإيران، من خلال واجهة عملية آستانة، بخطف مستقبل الشعب السوري. لن تتجاهل الولايات المتحدة، وبقية المجتمع الدولي، دور إيران في هجمات الأسد القاتلة على المدنيين».
وكررت تحذيرها «لنظام الأسد، وأي كان يفكر في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا» بأن «الولايات المتحدة سترد» على استخدام هذه الأسلحة المحرمة دولياً، واعتبرت أن «أي اعتداء على إدلب يشكل تصعيداً متهوراً للنزاع»، محذرة من أنه «إذا واصل الأسد وروسيا وإيران مسارهم، فإن العواقب ستكون وخيمة».


مقالات ذات صلة

الجولاني يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا

المشرق العربي أبو محمد الجولاني (أ.ب)

الجولاني يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا

ناقش أحمد الشرع مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن ضرورة إعادة النظر في خريطة الطريق التي حددها مجلس الأمن الدولي في عام 2015.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.