مباراة تتسبب بأزمة سياسية بين العراق والجزائر

مشجعون هتفوا لصدام {ظناً بأنه بطل} في نظر مواطنيه

TT

مباراة تتسبب بأزمة سياسية بين العراق والجزائر

أثارت مباراة لكرة القدم جمعت بين نادي القوة الجوية العراقي واتحاد العاصمة الجزائري في إطار المنافسة على كأس الأندية العربية أول من أمس، أزمة سياسية حادة بين العراق والجزائر، بعد أن قام مشجعو الفريق الجزائري بالهتاف للرئيس الراحل صدام حسين، وترديد بعض العبارات المعادية للطائفة الشيعية، ما دفع الفريق العراقي إلى الانسحاب من المباريات في الدقيقة 75 من المباريات.
وأعربت وزارة الخارجية العراقية في بيان أمس عن «استنكارها لسلوك بعض المغرضين من المتواجدين ضمن الجماهير الرياضية الجزائرية في مباراة نادي القوة الجوية العراقي المشارك في البطولة العربية». وأكد البيان مطالبة الخارجية العراقية بالتوضيح من الجهات ذات العلاقة وقيامها بـ«استدعاء سفير الجمهورية الجزائرية لدى بغداد لإبلاغه ومن خلاله الحكومة الجزائرية برفض واستياء العراق حكومة وشعباً وتذكّره بمسؤولية حماية المواطنين العراقيين المتواجدين في الجزائر»، مطالبة بـ«الابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة شعبنا العزيز في تلميع الوجه القبيح للنظام الديكتاتوري الصدامي البائد».
وأقيمت المباريات أول من على ملعب عمر حمادي في العاصمة الجزائر ضمن مباريات دور ثمن النهائي لبطولة الأندية العربية، وفي الدقيقة 72 من زمن المباراة انسحب لاعبو نادي القوة الجوية من المباراة بعد أن كان متأخرا بهدفين ضد لا شيء أمام خصمه الجزائري. واضطر حكم المباريات الإماراتي محمد عبد الله، إلى إعلان نهاية المباريات بفوز الفريق الجزائري وتأهله للأدوار المقبلة، وبعد تأكده من انسحاب القوة الجوية.
وقال نائب رئيس الهيئة الإدارية لنادي القوة الجوية وليد الزيدي في تصريح لموقع النادي على ««فيسبوك»» إن «سبب انسحاب فريقه من المباراة جاء بعد ترديد الجمهور الجزائري هتافات طائفية». وأضاف أن «النادي سيقدم شكوى رسمية للاتحاد العربي ضد فريق اتحاد العاصمة الجزائري».
وفيما لم يصدر عن الحكومة الجزائرية أي رد فعل حول ما جرى في المباريات، فإن موقع النادي الجزائري نفى صدور أي إساءة لـ«الشيعة» من قبل الجمهور الجزائري، فيما عاشت الأحياء الشعبية بالعاصمة الجزائرية أمس، أجواء غير عادية امتزج فيها شعور بالذهول والغضب مع عدم فهم ما جرى.
حي «سوسطارة»، هو معقل النادي العاصمي الجزائري، وبمثابة نبض الشارع على المستوى السياسي وشهد أمس تجمع الآلاف من مشجعي الفريق في المقاهي والشوارع وعند مداخل العمارات التي تعود في أغلبها إلى عهد الاستعمار الفرنسي (1830 - 1962)، ولا حديث لهؤلاء إلا عن «حادثة ليلة الاثنين» وتبعاتها على العلاقات الجزائرية العراقية، ومشاعر الود التي يتبادلها مواطنو البلدين منذ الأزل.
وقال رئيس جمعية مشجعي «اتحاد الجزائر»، مولود قاسيمي لـ«الشرق الأوسط» متحسرا على التطورات التي شهدتها المواجهة الكروية: «لقد استقبلنا الأشقاء أحسن استقبال، وأعطيناهم غرفة تغيير الملابس الخاصة بلاعبينا بالملعب، بينما أخذنا غرفة تغيير الملابس الخاصة بالفرق الزائرة، وصفقنا لهم عند دخولهم الميدان، كل هذا كان بدافع حبنا للشعب العراقي. وسارت المباراة والظروف المحيطة بها على أحسن ما يرام، إلى غاية الدقيقة 67 من المباراة حينما هتف محبو فريقنا بحياة الرئيس الراحل صدام حسين، فصاحوا بصوت رجل واحد: الله أكبر.. صدام حسين. وكان ظننا أن العراقيين يعتبرونه بطلا»، مؤكدا أن «نية مشجعي فريقنا لم تكن الإساءة للعراقيين، ولم يصدر عنهم أي كلام مهين بحق شيعة العراق ولا أي طائفة أخرى، بعكس ما يشاع». وأضاف: «لقد فزنا بالمباراة الأولى بالعراق وكنا متفوقين في المباراة الثانية، ما يعني بأنه لم يكن هناك أي مبرر يدفع جمهورنا إلى سباب اللاعب العراقي.. خلاصة القول، ليقبل الإخوة في العراق اعتذارنا ورجاء لا تشعلوا فتنة بيننا».
وبينما هدد رئيس اتحاد كرة القدم العراقي عبد الخالق مسعود، أمس، بتقديم استقالته من الاتحاد العربي في حال «عدم إصدار قرار ينصف الكرة العراقية»، دانت وزارة الشباب والرياضة العراقية ما حصل خلال المباريات، وقالت في بيان إن «ما حصل في مدرجات ملعب المباراة مرفوض جملة وتفصيلا ولا يمكن لأي شخص التجاوز على الثوابت الوطنية للعراق». وطالبت وزارة الشباب والرياضة الجزائرية بأن «يكون لها موقفها الواضح تجاه التجاوزات التي حدث من جماهير فريق اتحاد العاصمة الجزائري، في وقت استقبلنا الفريق الجزائري في بغداد وكربلاء المقدسة بالورود والترحاب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.