أنقرة تواصل إرسال تعزيزات عسكرية إلى حدود سوريا

المعارضة التركية تطالب إردوغان بالتفاوض مع دمشق

TT

أنقرة تواصل إرسال تعزيزات عسكرية إلى حدود سوريا

واصل الجيش التركي الدفع بتعزيزات جديدة إلى الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا في ظل الضربات التي تتعرض لها إدلب واستعداد جيش النظام السوري للهجوم عليها. ووصلت أمس، قافلة تعزيزات إلى ولاية هطاي الحدودية مع سوريا ضمت شاحنات محملة بمدفعية ودبابات، فضلاً عن ناقلات جنود مدرعة.
وعقب وصولها إلى قضاء ريحانلي في هطاي، توجهت القافلة إلى الشريط الحدودي مع سوريا وسط تدابير أمنية مشددة.
وعلى مدى الأيام الثلاثة الماضية دفع الجيش التركي بالمزيد من التعزيزات العسكرية التي دخلت لتحصين نقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد في إدلب وعددها اثنتا عشرة نقطة أنشأها الجيش التركي بموجب اتفاق بين تركيا وروسيا وإيران تم التوصل إليه خلال مباحثات أستانة.
كما اتخذت تركيا تدابير مشددة على الحدود مع سوريا تحسباً لاحتمال موجة نزوح كبيرة من إدلب التي يقطنها 3.5 مليون نسمة في ظل تقارير دولية تشير إلى نزوح 30 ألفاً من المدينة عقب الضربات الجوية السورية العنيفة السبت الماضي.
ورفع الجيش التركي من مستوى تعزيزاته على الحدود الجنوبية، مع تواتر الأنباء عن هجوم محتمل للنظام وروسيا على إدلب التي تخضع لسيطرة فصائل من المعارضة السورية وجماعات متشددة.
وجاءت هذه التحركات في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عقد قمة رباعية في مدينة إسطنبول التركية بشأن الأوضاع في سوريا.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن إردوغان قوله إن ممثلين عن روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا سوف يجتمعون، في 14 من سبتمبر (أيلول) الجاري في تركيا لإجراء تحضيرات لقمة على مستوى رؤساء الدول.
كان إردوغان قد أعلن في أغسطس (آب) الماضي، أن بلاده تعتزم استضافة قمة رباعية بمشاركة فرنسا وألمانيا وروسيا، في إسطنبول، لبحث المسائل الإقليمية وعلى رأسها الوضع في سوريا. لكن هذه الدول لم تصدر أي تأكيد حول إجراء المباحثات في تركيا.
والجمعة الماضية، عُقدت قمة ثلاثية لرؤساء الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة (روسيا، تركيا، إيران) في العاصمة الإيرانية طهران لبحث آخر التطورات على الساحة السورية، لكنها عكست تباينات كبيرة بين الأطراف، ورفض الرئيس الروسي خلالها وقف إطلاق النار الفوري في إدلب، الذي اقترحه إردوغان، وانتهت دون أي قرارات واضحة بشأن مصير إدلب شمال، وقال إردوغان بعدها إنه سيعمل على لقاء بوتين عقب زيارته التي يقوم بها لألمانيا في 27 سبتمبر الجاري لإجراء مزيد من المباحثات حول إدلب.
وتخشى تركيا من وقوع «كارثة إنسانية»، حال شن الهجوم على محافظة إدلب ونشوء موجة لجوء إلى تركيا والدول الأوروبية.
وعقب قمة طهران، توالت ضغوط المعارضة التركية على إردوغان وتصاعدت المطالبات بإجراء مفاوضات بين تركيا ورئيس النظام السوري بشار الأسد مباشرة.
وقال كمال كليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر حزب معارض في تركيا، في بيان الجمعة الماضية، حول آخر المستجدات الحاصلة في سوريا، إن الحل الوحيد للأزمة السورية يكمن في التفاوض مع نظام الأسد والجلوس معه إلى طاولة الحوار.
وأضاف: «في ما يخص الأزمة الحاصلة في محافظة إدلب شمال سوريا، على حكومة إردوغان الجلوس إلى طاولة الحوار مع (حكومة دمشق) دون تضييع مزيد من الوقت، فالأسد ربح الحرب الداخلية في بلاده، والحديث معه سيحقق منافع كبيرة لتركيا».
وتابع كليتشدار أوغلو: «على تركيا التخلي عن معاداة الأسد والتواصل معه بشأن الأزمة الحاصلة في إدلب، العالم بما فيه الولايات المتحدة يتواصل مع النظام السوري، فما المانع في أن تتواصل تركيا معه، إن وحدة الأراضي السورية مهمة جداً بالنسبة إلى تركيا».
ويتبنى حزب الشعب الجمهوري توجهاً يقوم على ضرورة إعادة تركيا العلاقات مع إدارة الأسد والتي تم قطعها من قِبل أنقرة على خلفية اندلاع الحرب الداخلية في سوريا عام 2011.
وطرح الحزب على إردوغان، ما قال إنه «خريطة طريق» لتسوية قضية إدلب، ومن أبرز مقترحاتها إعادة التواصل مع نظام بشار الأسد. واعتبر نائب رئيس الحزب أونال شفيق أوز، أن قمة طهران لم تكن كافية لإزالة مخاوف تركيا بشأن إدلب.
وأضاف أن البيان الختامي لقمة طهران لم يتضمن ضمانات لاستمرار نظام وقف إطلاق النار في إدلب، مؤكداً أن هذا الوضع لم يقض على احتمالية وقوع مأساة إنسانية هناك.
وتضمنت خريطة الطريق دعوة كل الدول والمؤسسات المعنية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، لإجلاء سكان المنطقة والجماعات غير الإرهابية من إدلب داخل حدود سوريا، والعمل بطريقة مناسبة لتحقيق هذا، ومطالبة تركيا كل الجماعات المسلحة في إدلب بترك سلاحها وبذل جهود مكثفة لتحقيق ذلك.
وأضافت أنه يجب أن لا تقتصر اللقاءات مع الاتحاد الأوروبي حول سوريا على منبج والمشكلات المتعلقة بـ«حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي» وذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية)، وتوسيع إطار اللقاءات بمشاركة معلومات عن اجتماع طهران الأخير ومباحثات أستانة وسوتشي مع الولايات المتحدة.
ودعت الخريطة إلى إبراز البعد الإنساني للأمر خلال اللقاءات مع الاتحاد الأوروبي بهدف عرقلة حدوث مشكلة لاجئين جديدة، ويجب على تركيا تكثيف تعاونها مع الاتحاد الأوروبي في أعمال إقرار الأمن والاستقرار في سوريا بإبلاغ الاتحاد الأوروبي بإصرار أن قضية إدلب تشكل تهديداً لأمنها القومي.
وطالب الحزب تركيا بفرض رقابة مشددة على الجماعات التي قد تحرض نظام الأسد على شن هجمات، وذلك لضمان عدم تعرض القوات التركية المتمركزة في إدلب في إطار أعمال مراقبة وقف إطلاق النار، لأي اعتداءات، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة جنودها.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.