تنفيذ اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي أحد أبرز نتائج زيارة ملك إسبانيا للرباط

فليبي السادس التقى رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان

تنفيذ اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي أحد أبرز نتائج زيارة ملك إسبانيا للرباط
TT

تنفيذ اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي أحد أبرز نتائج زيارة ملك إسبانيا للرباط

تنفيذ اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي أحد أبرز نتائج زيارة ملك إسبانيا للرباط

شكل تنفيذ اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي أحد أبرز نتائج زيارة ملك إسبانيا فيليبي السادس للمغرب، التي انتهت أمس، باعتبارها الاتفاقية التي انتظرها الصيادون الإسبان بفارغ الصبر منذ نحو ثلاثة سنوات، إذ أنهى الاتحاد الأوروبي والمغربي، أمس، الخلافات القائمة بينهما حول حقوق الصيد بعدما توصل الجانبان إلى اتفاق يسمح لسفن الاتحاد باستئناف الصيد في المياه المغربية بعد توقف دام أكثر من سنتين.
وبدأت مشكلة اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي تعد إسبانيا أكبر مستفيد منها، في ديسمبر (كانون الأول) 2011، وذلك عندما صوت البرلمان الأوروبي ضد تمديدها لاعتبارات سياسية واقتصادية، إذ عد بعض البرلمانيين الأوروبيين أن المقابل المالي الذي يتلقاه المغرب مقابل فتح مياهه الإقليمية أمام البواخر الأوروبية باهظ، خصوصا في سياق الأزمة المالية.
غير أن توقيف العمل بهذه الاتفاقية أدى إلى ارتفاع حدة التوترات الاجتماعية في إسبانيا، خصوصا في مناطق الأندلس وغاليسيا وجزر الخالدات (الكناري)، التي تستفيد من 80 في المائة من حقوق الصيد التي يمنحها المغرب للاتحاد الأوروبي في إطار هذه الاتفاقية. وتحت الضغط الإسباني فتح الاتحاد الأوروبي مفاوضات جديدة مع المغرب حول الشراكة في مجال الصيد البحري، وخلالها رفع المغرب من سقف مطالبه، خصوصا المتعلقة منها بمراقبة نشاط البواخر الأوروبية، ووضع معايير صارمة لحماية الموارد البحرية، وضمان تجددها، وفرض تشغيل نسبة من البحارة المغاربة على متن بواخر الصيد الأوروبية، إضافة إلى زيادة حجم التعويض المادي الذي يتلقاه المغرب مقابل فتح مياهه الإقليمية.
بيد أن المفاوضات ظلت تراوح مكانها حتى منتصف يوليو (تموز) من العام الماضي، عندما زار ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس المغرب، حيث جرى التوقيع على الاتفاقية بعد زيارته بأسبوع، ومرت الاتفاقية الجديدة بأغلبية ساحقة في البرلمان الأوروبي في ديسمبر الماضي، وصودق عليها بالإجماع في البرلمان المغربي في فبراير (شباط) الماضي، وصدر مرسوم الموافقة عليها في مارس (آذار) الماضي بالجريدة الرسمية. غير أنها توقفت في المراحل النهائية لمسلسل اعتمادها في المغرب ولم تتمكن من الدخول حيز التنفيذ.
وربط المحللون هذا التوقف بتغيير الاتحاد الأوروبي من جانب واحد لنظام أسعار دخول الفواكه والخضر إلى الأسواق الأوروبية، والذي تضررت منه زراعة الطماطم (البندورة) المغربية. ويرى المحللون أن المغرب تعمد تأخير تنفيذ اتفاقية الصيد البحري كورقة ضغط لصالحه في المفاوضات حول أسعار الطماطم، علما أن المزارعين الإسبان، خصوصا في منطقة الأندلس، هم أكبر المعارضين لدخول الطماطم المغربية إلى الأسواق الأوروبية.
وشكل إخراج اتفاقية الصيد البحري من المأزق أحد أبرز نتائج زيارة الملك فيليبي السادس للمغرب. وستسمح الاتفاقية الجديدة بدخول 120 باخرة صيد من 11 بلدا أوروبيا إلى المياه الإقليمية المغربية، بينها 90 باخرة إسبانية.
غير أن الصيد البحري رغم أهميته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لم يشكل الملف الأهم في جدول أعمال زيارة الملك فليبي السادس للمغرب، ذلك أن الزيارة تكتسي أيضا أهمية رمزية، إذ إنها ثالث زيارة للملك فيليبي السادس منذ توليه العرش قبل أسابيع، وذلك بعد زيارة الفاتيكان والبرتغال، وهي تكرس، حسب بعض المراقبين، الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين البلدين، اللذين تجمعهما جغرافية الحدود المشتركة والتاريخ المشترك.
ومن أبرز عناوين زيارة الملك فيليبي للمغرب أيضا هناك التعاون في مواجهة الأزمة الاقتصادية، إذ تسعى إسبانيا إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع المغرب، وبناء شراكات مع المغاربة في اتجاه الأسواق الأفريقية كمتنفس من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تجتازها القارة العجوز.
وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، مكن التعاون المثمر بين الأجهزة الأمنية للبلدين من تفكيك الكثير من الشبكات والخلايا الإرهابية التي تعمل على جانبي الحدود. أما في مجال الهجرة فإنها لم تعد تقتصر على هجرة المغاربة إلى إسبانيا، ودور المغرب في كبح جحافل المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، بل أصبحت أيضا تتطلب أخذ الهجرة المتزايدة للشباب الإسباني الهارب من البطالة في بلده في اتجاه المغرب. وفي هذا الصدد، يشير تقرير لمركز سيرفانتس الثقافي في طنجة إلى تزايد قوي لعدد الشبان الإسبان الراغبين في تعلم اللغة العامية المغربية، التي أصبحوا يعدونها ميزة أساسية في سعيهم للعثور على فرص عمل في المغرب.
واختتم ملك إسبانيا، أمس، زيارته إلى المغرب رفقه عقيلته الملكة ليتيثيا، بعد أن زاره بدعوة من الملك محمد السادس، الذي خصهما باستقبال ملكي في مطار الرباط - سلا، حيث كان مرفوقا بالأمير مولاي رشيد والأميرات: للا سلمى وللا مريم وللا أسماء وللا حسناء.
وخلال اليوم الأول من الزيارة اجتمع الملك فيليبي السادس مع العاهل المغربي لبحث العلاقات بين البلدين وسبل وآفاق تطويرها، وكان من أبرز الملفات التي ناقشاها التعاون في مواجهة الأزمة الاقتصادية، والتهديدات الإرهابية، وحماية الحدود، وتدبير تدفقات المهاجرين خلالها.
واجتمع الملك فيليبي السادس أمس مع رئيس الحكومة المغربي عبد الإله بن كيران، الذي قال في تصريح صحافي عقب الاستقبال إن «اللقاء كان فرصة للتباحث بخصوص عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتأكيد على ضرورة تنمية العلاقات الثنائية في شتى المجالات». وأشار ابن كيران إلى أنه لمس لدى ملك إسبانيا رغبة أكيدة للعمل في هذا الاتجاه، وإلماما واضحا بالوضع في المنطقة.
وأضاف أن «الملك فيليبي السادس يدرك أيضا تميز المغرب، وما ينعم به من استقرار على مختلف الأصعدة في منطقة تشهد اضطرابات كثيرة، كما يدرك دور الملك محمد السادس، في الحفاظ على الأمن الروحي للمملكة، وأكد ضرورة تعزيز وتعميق التعاون بين البلدين».
من جهته، قال خوسي مانويل غارسيا مارغايو مارفيل، وزير الخارجية الإسباني، إن «اللقاء كان فرصة لاستعراض عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وخصوصا قضايا الهجرة»، مبرزا في هذا الصدد أن الملك فيليبي عبر عن امتنانه للجهود التي يبذلها المغرب في هذا الإطار من أجل الحد من تفاقم هذه الظاهرة، كما أشاد بالمبادرة المغربية المتعلقة بالسياسة الجديدة للهجرة.
وذكر بالعلاقات الممتازة القائمة بين البلدين، ودعم بلاده للمغرب خاصة في مجال الحكامة، مضيفا أن «عددا كبيرا من المقاولات الإسبانية تستثمر في المغرب في مختلف القطاعات، خصوصا ما يتعلق بالطاقات المتجددة والخدمات والبنيات التحتية. ودعا رئيس الدبلوماسية الإسباني حكومتي البلدين إلى بذل مزيد من العمل والتعاون في المجال الاقتصادي، في أفق استشراف آفاق واعدة بشكل مشترك في القارة الأفريقية».
كما استقبل الملك فيليبي السادس، أمس، رئيس مجلس النواب المغربي، رشيد الطالبي العلمي، الذي أشار في تصريح صحافي إلى أن المباحثات التي جرت بينه وبين الملك الإسباني شملت التعاون بين المؤسستين التشريعيتين بالبلدين، واللتان تعملان في إطار منتدى ينعقد بشكل منتظم، مشيرا إلى أن الدورة الثالثة من هذا المنتدى ستنعقد في المغرب في وقت لاحق من العام الحالي. كما استقبل الملك فيليبي السادس، رئيس مجلس المستشارين، محمد الشيخ بيد الله.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.