النمو الياباني يفوق التوقعات في الربع الماضي

الإنفاق الاستثماري أهم المحركات... وتهديدات ترمب أبرز مخاوف الربع المقبل

TT

النمو الياباني يفوق التوقعات في الربع الماضي

رفعت الحكومة اليابانية حسب معطيات نشرتها الاثنين، تقديراتها لنمو إجمالي الناتج الداخلي للبلاد، مشيرة إلى أنه بلغ 0.7 في المائة في الربع الأول من العام المالي الجاري والممتد من أبريل (نيسان) وحتى يونيو (حزيران)، بالمقارنة مع الربع الأخير من العام المالي الماضي، مدفوعا باستثمارات الشركات، وذلك مقابل 0.5 في المائة فقط في توقعاتها السابقة. فيما كان النمو السنوي خلال الربع الماضي قدره 3 في المائة، وهو ما يزيد بشدة على التقديرات الأولية الصادرة في وقت سابق والتي أشارت إلى نموه بمعدل 1.9 في المائة فقط، وسط انتعاش في الإنفاق الاستثماري.
وتجاوزت القراءة، التي مثلت أول نمو في فصلين، متوسط توقعات محللين استطلعت صحيفة نيكي الاقتصادية اليومية آراءهم، حيث توقعوا نموا نسبته 2.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
وجاء الجزء الأكبر من النمو الاقتصادي، بفضل الإنفاق الاستثماري الذي زاد بنسبة 3.1 في المائة مقارنة بالربع الأخير من العام المالي الماضي المنتهي في 31 مارس (آذار) الماضي، في حين كانت التقديرات الأولية تشير إلى زيادة الإنفاق الاستثماري خلال الربع الأول من العام المالي الحالي حتى 30 يونيو الماضي بنسبة 1.3 في المائة فقط، بعد نموه بمعدل 0.7 في المائة خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي، بحسب مكتب مجلس الوزراء.
ويمكن أن يعود التغيير في بيانات النمو جزئيا، إلى البيانات الجديدة الصادرة الأسبوع الماضي، والتي أظهرت الإنفاق الاستثماري للشركات خلال الربع الأول من العام المالي والذي زاد بأسرع وتيرة له منذ أكثر من عشر سنوات، مع اتجاه شركات صناعة السيارات وصناعة الرقائق الإلكترونية إلى زيادة طاقتها الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد على إنتاجها.
وبحسب بيانات وزارة المالية اليابانية، زاد الإنفاق الاستثماري في اليابان خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بنسبة 12.8 في المائة سنويا إلى 10.7 تريليون ين (96 مليار دولار)، وهو أعلى معدل نمو منذ الربع الأخير من العام المالي المنتهي في 31 مارس 2007.
وقال المكتب إن الاستهلاك الخاص، الذي يشكل 60 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لليابان، ارتفع بنسبة 0.7 في المائة، دون تغيير عن التقديرات الأولية، لكنه ارتفع من انكماش قدره 0.2 في المائة في الربع الأخير من العام المالي الماضي.
ورغم أن النتائج فاقت التوقعات الحكومية السابقة، فإن هذه النسبة كانت متوقعة من قبل محللين تحدثت إليهم وكالة بلومبرغ للأخبار المالية، وتؤكد التوجه الإيجابي لثالث اقتصاد في العالم، على الرغم من تعثر طفيف في بداية العام. وكان النشاط الاقتصادي تراجع حينذاك للمرة الأولى خلال عامين في مرحلة انتعاش غير مسبوقة منذ نهاية تسعينات القرن الماضي في زمن الطفرة العقارية والمالية. لكن اليابان استعادت نشاطها في الفترة الممتدة بين أبريل ويونيو بفضل تحسن استهلاك المنازل، الذي سجل ارتفاعا نسبته 0.7 في المائة (لم تتغير في تقديرات الحكومة)، بينما كانت استثمارات الشركات أكثر حيوية مما كان متوقعا وارتفعت بنسبة 3.1 في المائة (مقابل 1.3 في المائة في التقديرات السابقة).
ويبدو أن الشركات لم تتأثر كثيرا بالتوتر التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها. لكن هذا التوتر يمكن أن يكون تأثيره أكبر في الربع الثالث من العام (الثاني بالعام المالي الياباني) حسب خبراء الاقتصاد، لا سيما أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لمح إلى أن اليابان يمكن أن تكون الهدف المقبل لسياسته الحمائية.
وقال يوكي ماسوجيما، المحلل في «بلومبرغ ايكونوميكس»، إن «الاضطرابات التي نجمت عن الأمطار الغزيرة في يوليو (تموز) الماضي، والأعاصير والهزة الأرضية» التي وقعت الأسبوع الماضي في هوكايدو (شمال) تشكل كلها «عاملا سلبيا» أيضا.
وإذا استمر هذا النمو بوتيرة سنويا، أي إن النمو في الفصل الثاني يتواصل على مدى عام كامل، فسيسجل إجمالي الناتج الداخلي زيادة بنسبة 3 في المائة، مقابل 1.9 في المائة في السابق.
وزادت واردات اليابان خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بنسبة 0.9 في المائة وفقا للبيانات النهائية الصادرة أمس، في حين كانت التقديرات الأولية تشير إلى نموها بمعدل 1 في المائة. وكانت الواردات قد سجلت نموا بمعدل 0.2 في المائة خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي.
وزادت الصادرات اليابانية خلال الفترة نفسها بمعدل 0.2 في المائة، مقابل نموها بمعدل 0.6 في المائة خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي، في ظل حالة الغموض التي تحيط بمستقبل الصادرات اليابانية على خلفية تحركات الرئيس الأميركي دونالد ترمب للحد من عجز الميزان التجاري لبلاده إحدى أكبر أسواق المنتجات اليابانية في العالم. ويضغط الرئيس ترمب على اليابان من أجل خفض العجز التجاري لأميركا معها. وبحسب وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء فإن الرئيس الأميركي ترمب قال يوم الجمعة الماضي: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع اليابان، فستعرف اليابان أنها تواجه مشكلة كبيرة».
ويذكر أن صادرات اليابان للولايات المتحدة زادت خلال العام الماضي بنسبة 6.9 في المائة إلى 15.1 تريليون ين (136 مليار دولار)، في حين زادت واردات اليابان من الولايات المتحدة بنسبة 10.5 في المائة إلى 8.1 تريليون ين، وهو ما يعني أن العجز التجاري لأميركا مع اليابان بلغ 7 تريليونات ين بحسب وزارة المالية اليابانية.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.