الدور التاريخي للفلسفة التنويرية

أسست للدولة الحديثة التي تحترم مواطنيها بغض النظر عن الطائفة أو المذهب

جان جاك روسو  -  ديدرو
جان جاك روسو - ديدرو
TT

الدور التاريخي للفلسفة التنويرية

جان جاك روسو  -  ديدرو
جان جاك روسو - ديدرو

لو سألني أحدهم: بم يتمايز الغرب عن سواه؟ لأجبته: بازدهار الفلسفة وكثرة الفلاسفة الكبار الذين تتالوا وراء بعضهم البعض على مر العصور. فنحن إذا ما استعرضنا اللحظات الأساسية لهذه الفلسفة منذ سقراط وأفلاطون وأرسطو وحتى برتراند رسل وبول ريكور وهابرماس وسواهم من الفلاسفة المعاصرين وجدنا خيطا متواصلا لا ينقطع على مدار 2500 سنة.. قلت «لا ينقطع» وأنا مخطئ في الواقع. وذلك لأنه انقطع طيلة فترة العصور الوسطى المسيحية: أي من القرن الخامس بعد الميلاد إلى القرن الخامس عشر: ألف سنة! في هذه القرون العشرة هيمن اللاهوت الديني على العقول هيمنة مطلقة كما هو حاصل حاليا في العالم العربي وطرد الفلسفة متهما إياها بالهرطقة والزندقة والوثنية والكفر. ولكنه بدءا من القرن الثالث عشر وبتأثير من العرب راح يعدل موقفه قليلا ويصالح بين العقيدة المسيحية والفلسفة الأرسطوطاليسية. ونتجت عن ذلك فلسفة القرون الوسطى.
ثم بعد القرن السابع عشر ظهرت فلسفة الأنوار في القرن الثامن عشر. وكان أهم روادها فولتير، وديدرو، وجان جاك روسو، الخ. وكلهم اشتبكوا في معارك حامية مع الأصولية المسيحية التي كانت مسيطرة على العقول آنذاك. وقد تحررت الفلسفة عندئذ من هيمنة اللاهوت المسيحي عليها وأصبحت مستقلة بذاتها. ومعروف أن الفلسفة كانت خادمة لعلم اللاهوت المسيحي طيلة العصور الوسطى، ولم تستطع التحرر من قيوده وأصفاده إلا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر.
هذا وقد هيمن الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط على فلسفة التنوير وقدم للفكر الغربي أهم كتاب فلسفي في العصور الحديثة: نقد العقل الخالص. ويمكن القول بأن كانط هو أستاذ الغرب بعد ديكارت من الناحية العقلانية والمنهجية. فهذا الفيلسوف تحدث عن كل شيء تقريباً: عن العلم، والدين، والأخلاق، والسياسة. والبعض يقول بأنه أرهص بالعصور الحديثة واستبق عليها. والدليل على ذلك أن أفكاره النبوئية الاستشرافية طبقت عمليا بعد موته بقرن أو أكثر. فكتابه عن «مشروع السلام الدائم» ظهر عام 1795 وعصبة الأمم تشكلت عام 1920. وهذا أكبر دليل على أن الفكر يسبق السياسة ويعلو عليها وليس العكس. في البدء كانت الكلمة، ولكن ليس أي كلمة!
بل ويرى الكثيرون أن كل التقدم الحاصل في العالم سياسياً وقانونياً وأخلاقياً يعود إلى هذا الفيلسوف العملاق. ومعلوم أن الرئيس الأميركي وودرو ويلسون كان من تلامذته الخلص. وقد أسس «عصبة الأمم» التي أصبحت «الأمم المتحدة» لاحقاً بناء على قراءة أفكاره. فكتاب كانط الداعي إلى «السلام الدائم بين الأمم» هو الذي أسس العقلانية السياسية والدبلوماسية الدولية القائمة على مبادئ الحق والقانون لا على شريعة الغاب والذئاب.
ولكن للأسف فإن أميركا خرجت أكثر من مرة على هذه المبادئ المثالية التي كانت تتبعها في عهد الرئيس الكبير ويلسون. أما الفيلسوف الكبير الآخر الذي ظهر بعد كانط مباشرة فهو هيغل. فقد قدم للغرب المنهج الجدلي في التفكير. ولخص هيغل في شخصه كل معارف عصره إلى درجة أن المؤرخين شبهوه بأرسطو، بل وقالوا عنه بأنه أرسطو العصور الحديثة. ويمكن القول بأن العقل الغربي بلغ ذروة اكتماله ونضجه على يد كانط وهيغل وبقية مفكري الفلسفة المثالية الألمانية. وهي أعظم فلسفة ظهرت في العصور الحديثة. وذلك لأنها استطاعت التوفيق بين العلم والإيمان، أو الفلسفة والدين. ثم بالأخص لأنها بلورت تفسيراً عقلانياً، جديداً، مستنيراً، للدين المسيحي، وفرقت بين جوهره وقشوره. لأول مرة عادت المسيحية إلى صفائها الأولي وأصبحت إنجيلية حقيقية وفية لمبادئ السيد المسيح. لأول مرة فهم الناس أن هناك تفسيرا آخر ممكنا للدين المسيحي غير ذلك التفسير الطائفي المتعصب للأصوليين والإخوان المسيحيين. لأول مرة فهموا أن هناك تفسيرا روحانيا وأخلاقيا بل وتحريريا رائعا للدين. الدين ليس إرهابا ولا إرعابا ولا قيودا وأصفادا. لا إكراه في الدين! لأول مرة استطاعوا التفريق بين الدين ورجال الدين الذين قد يخونونه ويفعلون عكسه إرضاء لمآربهم وشهواتهم وانحرافا عن مبادئه ومثله العليا. وهذا شيء تكرر كثيرا على مدار التاريخ في كلتا الجهتين الإسلامية كما المسيحية. ولولا ذلك لما انفجر مارتن لوثر بالإصلاح الديني الشهير في أوروبا.. وهنا لا بد من أن نشيد بالدور الكبير الذي لعبه جان جاك روسو، أستاذ كانط ومعلمه، عندما فكك الاعتقاد القديم وحرر المسيحية من الدوغمائيات المتحجرة. بل واشتبك مع مطران باريس في معركة فكرية من أعلى طراز. وخاطر بنفسه إذ فعل ذلك ووضعها على حد السكين. ولهذا السبب أصبح مطاردا ملاحقا من مكان إلى آخر، ومن الوديان إلى الجبال. انظروا كتابه الرائع «رسائل من الجبل»، حيث هز سويسرا وفرنسا وأوروبا كلها هزا! ولذلك رثاه هولدرلين في قصيدة عصماء. والأنكى من ذلك هو أنه كتبه وهو محاصر من كل الجهات. وكأن عبقريته لا تشتعل إلا في لحظات التحدي الأقصى والخطر الأعظم. ذلك أن معركة الحقيقة تتطلب تضحيات بل وتضحيات جساما. والحال أنه ما كان يخشى الموت وإنما كان يخشى شيئا واحدا فقط: أن يقتلوه قبل أن ينهي تأليف كتبه الأساسية ويضرب ضربته الفلسفية الكبرى. هذا ما كان يخشاه جان جاك روسو أكثر من الموت. بعد أن ينهي مهمته ليفعلوا به ما يشاءون. كم مثقفاً عربياً يتجرأ الآن على الاشتباك مع الشيوخ الظلاميين وتفنيد خرافاتهم وتفسيرهم القديم المهترئ للدين؟ وهو تفسير إخونجي انغلاقي متعصب عفى عليه الزمن. أنه محصور كليا داخل السياجات الدوغمائية المغلقة أو الأقفاص الطائفية والفتاوى اللاهوتية المتحنطة. ولكن بسبب الجهل المتفشي في أوساط العوام فانه لا يزال ساري المفعول، ولو إلى حين.. انظروا كيف يصولون ويجولون على الفضائيات! شيء مخيف. بل وشيء مخجل أيضا. كثير من برامج التعليم العربية ينبغي أن ترمى في سلة المهملات لأنها خرجت كل هؤلاء الجحافل من الظلاميين المتوحشين الهمجيين.
نعرف الكتب الصفراء التي أنتجتهم والمدارس الأصولية التي فرختهم. كل هذا نعرفه جيدا بل والعالم كله أصبح يعرفه. ذلك أن هذه المعركة أصبحت عالمية ولم تعد محلية أو خصوصية. ولذلك أقول: مادة التربية الدينية أهم الآن وأخطر من مادة الفيزياء الذرية. إنها أكثر تفجيرا وانفجارا. من يسيطر عليها يسيطر على العالم العربي كله من المحيط إلى الخليج. من يسيطر عليها يمكن أن يوجهنا جميعا إما في اتجاه الاستنارة والتقدم وإما في اتجاه الظلامية والتأخر.! ينبغي حذف كل الكتب الإخونجية والفتاوى التكفيرية والأفكار التضليلية التي تحتقر الأديان الأخرى وتزدريها من برامج التعليم العربية. وبالتالي فالفلسفة التنويرية هي التي كشفت للناس عن جوهر الدين الحقيقي. وهي التي نظفت الدين من أفكار الكراهية والحقد والتعصب الأعمى. وهي التي قضت على الحزازات المذهبية والحروب الطائفية في كل أنحاء أوروبا. وهي التي جعلت التعايش ممكنا بين الكاثوليكيين والبروتستانتيين بعد أن كان جحيما لا يطاق. وهي التي أسست الدولة المدنية العلمانية الحديثة التي تحترم كرامة جميع مواطنيها ولا تفرق بينهم على أساس طائفي أو مذهبي. ولذلك انطلقت أوروبا انطلاقة صاروخية بعد عصر التنوير وصنعت أعظم حضارة على وجه الأرض. وهذا ما سيحصل في العالم العربي لاحقا عندما ينتصر التنوير العربي على العصر الداعشي الإخونجي الظلامي الحالي. عندئذ سوف ينكشف جوهر الإسلام المطموس حاليا من قبل حركات التطرف والظلام. وعندئذ سيتم الفرز الكبير بين الجوهر والقشور وسيتبين لجميع الناس ذلك الفرق الكبير بين إسلام الأنوار - وإسلام الإخوان.
أخيرا ماذا نستنتج من كل ذلك؟ نستنتج أن التغيير الفكري يسبق التغيير السياسي وليس العكس. فالثورة الفرنسية لم تندلع قبل ظهور فولتير وديدرو وجان جاك روسو والموسوعيين وإنما بعدهم جميعا. لا ينبغي وضع العربة قبل الحصان وإنما خلفه. بعد أن تمكن هؤلاء المفكرون الأفذاذ من تفكيك الأصولية الدوغمائية وفكر الإخوان المسيحيين أصبح الطريق مفتوحا، معبدا، أمام الثورة التغييرية السياسية. لا ريب في أن تركيز الصديق فاضل السلطاني على مسألة الحامل السلطوي أو الرافع السياسي الذي يجسد الأفكار فعليا ويغير الواقع عمليا شيء ضروري جدا وهام. ولكن في البدء كانت الكلمة، كان الفكر النير الوهاج. ما الذي آخذه على المثقفين العرب حاليا ما عدا كوكبة صغيرة مشعة؟ شيئا واحدا: إهمال المسألة الدينية وتركها لقمة سائغة للتكفيريين يصولون فيها ويجولون. لو ظهر عندنا مفكرون حقيقيون من أمثال سبينوزا وفولتير وديدرو وكل فلاسفة الأنوار لما استطاع الظلاميون السطو على «الربيع العربي» وتجييره لصالحهم. كنا دخلنا في عصر الحداثة العربية الإسلامية فورا. وكنا تخلصنا كليا من هذا الفكر الظلامي التكفيري الذي يرتكز على مشروعيات قديمة راسخة رسوخ الجبال. لم يتجرأ أحد على تفكيك هذه المشروعيات «الإرهابية» التي لا تزال تهيمن على الفضاء التعليمي والثقافي العربي من أقصاه إلى أقصاه. إنه لعار علينا نحن المثقفين العرب أننا لا نزال نحني الرأس أمامه صاغرين، طائعين. فولتير لم يحن رأسه أمامه وإنما اشتبك معه في معركة ضارية لا تبقي ولا تذر. بعدئذ ظهرت الطبقة البورجوازية وحملت لواء هذا الفكر التنويري الجديد وضربت بسيفه وأسقطت المشروعيات التكفيرية القديمة بالفعل لا بالقول فقط. وأحلت محلها المشروعيات التنويرية ذات النزعة الإنسانية. وهنا نلمس لمس اليد ذلك التقاطع الرائع بين التغيير الفكري والتغيير السياسي. ولكن في البدء كانت الكلمة.. هذا الشيء لم يحصل حتى الآن في الساحة العربية. وإنما الذي حصل هو العكس تماما: تواطؤ أغلبية المثقفين مع الجماعات الإخونجية والانبطاح أمامها. لهذا السبب أقول لا يوجد ربيع عربي ولا من يحزنون. ولهذا السبب فلن تقوم للعرب قائمة إذا استمر الوضع بهذا الشكل ولن يحظوا بأي احترام على مسرح التاريخ بين الأمم.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.