الأمم المتحدة تحذّر من «كارثة القرن» في إدلب

الجيش التركي يعزّز وحداته على الحدود مع سوريا... وألمانيا تدرس التدخّل

مقاتلون من «الجيش السوري الحر» يتناولون الطعام في أحد الكهوف القريبة من جسر الشغور في ريف إدلب (أ. ب)
مقاتلون من «الجيش السوري الحر» يتناولون الطعام في أحد الكهوف القريبة من جسر الشغور في ريف إدلب (أ. ب)
TT

الأمم المتحدة تحذّر من «كارثة القرن» في إدلب

مقاتلون من «الجيش السوري الحر» يتناولون الطعام في أحد الكهوف القريبة من جسر الشغور في ريف إدلب (أ. ب)
مقاتلون من «الجيش السوري الحر» يتناولون الطعام في أحد الكهوف القريبة من جسر الشغور في ريف إدلب (أ. ب)

يتواصل العد العكسي لمعركة حاسمة في إدلب بين قوات نظام بشار الأسد مدعومة من روسيا وإيران وميليشيات تابعة للثانية من جهة، وفصائل المعارضة السورية من الجهة الأخرى، فيما واصل الجيش التركي اليوم (الاثنين) إرسال تعزيزات جديدة إلى الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا، وحذرت الأمم المتحدة من عملية عسكرية واسعة في محافظة ادلب يمكن أن تؤدي الى "اسوأ كارثة إنسانية" هذا القرن.
وجاء هذا التحذير الدراماتيكي على لسان مارك لوكوك، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في الأمم المتحدة، الذي قال اليوم في جنيف: "يجب أن تكون هناك سبل للتعامل مع هذه المشكلة بحيث لا تتحول الأشهر القليلة المقبلة في إدلب إلى أسوأ كارثة إنسانية مع أكبر خسائر للأرواح في القرن الحادي والعشرين".
وفي الإطار الإنساني أيضاً، قال ديفيد سوانسون المتحدث الاقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة ومقره عمّان:  "نشعر بقلق عميق إزاء التصعيد الأخير في وتيرة العنف الذي أدى الى نزوح أكثر من ثلاثين ألفاً في المنطقة. وهذا أمر نراقبه عن كثب".
في غضون ذلك، أوردت وكالة "الأناضول" التركية أن قافلة تعزيزات وصلت إلى ولاية هاتاي الحدودية اليوم ضمت شاحنات تحمل مدافع ودبابات، فضلا عن ناقلات جنود مدرعة. وعقب وصولها إلى قضاء ريحانلي، توجهت القافلة إلى الشريط الحدودي مع سوريا وسط تدابير أمنية.
ورفع الجيش التركي أخيراً مستوى تعزيزاته على حدوده الجنوبية، تحسباً للهجوم على محافظة إدلب، الواقعة شمال غربي سوريا، والتي تعد آخر معقل للمعارضة المسلحة في البلاد.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أكد يوم الجمعة الماضي، بعد القمة الثلاثية التي جمعته في طهران مع رئيسي إيران وروسيا، أن بلاده لن تقف موقف المتفرج من خسارة أرواح مدنيين في سورية. وكتب على "تويتر" :"إذا غض العالم الطرف عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص الأبرياء من أجل مصالح النظام، فلن نقف موقف المتفرج أو نشارك في لعبة كهذه".

ألمانيا
ودخلت الحكومة الألمانية على خط أزمة إدلب، عندما كشفت اليوم أنها تجري محادثات مع حلفائها بشأن إمكان نشر قوات عسكرية في سوريا، مما أثار انتقادا حادا من الحزب الديمقراطي الاشتراكي وفجر خلافا جديدا داخل حكومة المستشارة أنجيلا ميركل الائتلافية.
ولا يزال القيام بأي عمل عسكري في الخارج قضية حساسة لا تحظى بشعبية في ألمانيا بسبب الماضي النازي للبلاد. ومن شأن المشاركة في ضربات عسكرية في سوريا أن تضع ألمانيا في مسار تصادمي مباشر مع روسيا للمرة الأولى.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت إن ألمانيا تناقش مع الحلفاء الأميركيين والأوروبيين مشاركتها العسكرية المحتملة إذا استخدمت قوات الحكومة السورية أسلحة كيماوية في إدلب. وأضاف: "لم يطرأ موقف يستلزم اتخاذ قرار"، مضيفا أن البرلمان يجب أن يوافق أولا على قرار في هذا الشأن.
وكانت صحيفة "بيلد" قد نشرت أن وزارة الدفاع الألمانية تدرس خيارات محتملة للانضمام إلى القوات الأميركية والبريطانية والفرنسية في أي عمل عسكري في سوريا إذا استخدمت دمشق الأسلحة الكيماوية مجددا.
غير أن زعيمة الحزب الديمقراطي الاشتراكي أندريا ناليس استبعدت دعم أي تدخل ألماني. وقالت في بيان: "الحزب الديمقراطي الاشتراكي لن يوافق، لا في البرلمان ولا في الحكومة، على مشاركة ألمانيا في الحرب في سوريا". وأضافت أن الحزب يدعم المساعي الدبلوماسية لتفادي أزمة إنسانية.
وتقدم القوات الجوية الألمانية دعما بإعادة تزويد الطائرات بالوقود وتنفذ مهمات استطلاعية مستخدمة أربع مقاتلات من طراز "تورنيدو" انطلاقا من قاعدة في الأردن، في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة مسلحي "داعش" في العراق وسوريا.
 



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.