انطلاق أعمال الدورة الـ150 لمجلس الجامعة العربية برئاسة السودان

مندوب السعودية حذر من خطورة السياسات العدوانية الإيرانية بالمنطقة

TT

انطلاق أعمال الدورة الـ150 لمجلس الجامعة العربية برئاسة السودان

تبدأ غدا (الثلاثاء) في القاهرة، اجتماعات وزراء الخارجية العرب في دورتها الخمسين بعد المائة، برئاسة السودان، حيث تناقش التطورات التي تشهدها الأوضاع في المنطقة، ومنها أزمة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، والتحضيرات الخاصة بالمشاركة العربية في الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وكانت الاجتماعات التحضيرية انطلقت، أمس، على مستوى المندوبين، بحضور الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، بجدول أعمال شمل تطورات العمل العربي المشترك ومستجدات الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن والعراق.
وأكد أسامة نقلي سفير السعودية في مصر ومندوبها لدى الجامعة العربية، خطورة التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية، وأهمها قرار نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس، والتعدي على فلسطين شعبا وأرضا، والقانون المعنون بـ«إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي». ونوه بدعم المملكة للقضية الفلسطينية، مشيرا في هذا الصدد إلى قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي أطلق على قمة الظهران لقب «قمة القدس».
وأكد أهمية تطبيق قرارات الشرعية الدولية لإعادة الاستقرار في اليمن وسوريا وليبيا. وحذر من خطورة السياسات العدوانية الإيرانية في المنطقة وسعيها الدؤوب للتدخل في شؤون المنطقة وتهديد الأمن بها، مشيرا إلى أنه «حتى الحرمان الشريفان لم يسلما من صواريخ الغدر الإيرانية عبر عميلها الحوثي في اليمن، موضحا أن 190 صاروخا باليستيا استهدف المملكة لكنها تمكنت من التصدي لهذه الصواريخ».
وقال إن سياسات النظام الإيراني لم تقتصر على ذلك ووصلت إلى دعم الإرهاب والإرهابيين في تهديد مباشر للأمن والسلم الدوليين.
وفيما يتعلق بتطوير منظومة العمل العربي المشترك، قال النقلي إن الجامعة العربية تمر بفترة تاريخية تعتبر مهمة لتمكين الجامعة العربية من المضي قدما في مسيرتها وتفعيل العمل العربي المشترك، داعيا إلى تضافر الجهود لتحقيق الأهداف الإصلاحية المرجوة في العمل العربي المشترك.
وعقب الجلسة الافتتاحية، انبثق عن المجلس عدة لجان، وهي اللجنة السياسية واللجنة الاقتصادية ولجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية ولجنة الشؤون القانونية ولجنة الشؤون المالية والإدارية.
من جهته، دعا السفير عبد المحمود عبد الحليم، سفير دولة السودان بالقاهرة ومندوبها لدى الجامعة، إلى تحرك عربي عاجل لتلافي ما أحدثه القرار الأميركي بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» من عجز تمويلي.
وقال عبد الحليم، في كلمته، إن هذا العجز يؤثر على الخدمات المقدمة للشعب الفلسطيني، ولا بد من ضمان توفير الحقوق التعليمية والاجتماعية والصحية والإنسانية الذي ظلت تقدمها «الأونروا» للملايين من أبناء الشعب الفلسطيني.
وأضاف أن القرار الأميركي بوقف تمويل وكالة الأونروا جاء محبطا ليضاف إلى بقية القرارات التي اتخذتها واشنطن مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها بإسرائيل إلى القدس.
وقال إنه إذا كان قرار وقف تمويل «الأونروا» القصد منه تصفية قضية اللاجئين وتقويض حق العودة، فإننا نؤكد أن تحقيق سلام عادل وشامل رهين بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وضمان حقوق اللاجئين، وإطلاق سراح الأسرى، وفقا لما أقرته مبادرة السلام العربية.
وأكد التزام السودان بقضايا الأمة، مشيرا إلى نجاحها في التوصل لاتفاقية السلام في جنوب السودان، حيث تجري مشاورات حاليا لعقد اجتماع وزاري لدول جوار ليبيا في الخرطوم. ونوه بمبادرة الأمن الغذائي العربي التي طرحها الرئيس السوداني عمر حسن البشير وأقرتها القمة العربية في البحر الميت، مشيرا إلى أنها نموذج لتعزيز العمل العربي المشترك.
وكان السفير محمود عفيفي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، قد أكد أن قضية اللاجئين، في ضوء ما تتعرض له «الأونروا» من حملة ممنهجة، سوف تتصدر عنوان جلسة خاصة لمجلس الجامعة بناء على طلب الأردن، يتحدث خلالها المفوض العام للوكالة بيير كرينبول، وسيحتل موضوع وقف المساهمات الأميركية في ميزانية الوكالة حيزا كبيرا من المناقشات.
وأضاف عفيفي أن المفوض العام لـ«الأونروا» سوف يعرض إحاطة كاملة خلال الاجتماع حول الوضع المالي للوكالة والموقف الحالي لها، علما بأن هناك اتصالات عربية تجري حاليا للنظر في كيفية التعامل مع الموقف.
وأوضح عفيفي أن هناك بنودا أخرى سوف تتم مناقشتها خلال الاجتماع، على رأسها تطورات القضية الفلسطينية والأوضاع في سوريا وليبيا واليمن، وعدد من القضايا الاجتماعية، من بينها استراتيجية مواجهة العنف الجنسي لدى النساء.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.