أقمار الأرض الصغيرة... نظم مطورة لرصدها واختبار مكوناتها

كويكبات بحجم ضئيل تسقط مؤقتاً في مدارات حول الأرض

أقمار الأرض الصغيرة... نظم مطورة لرصدها واختبار مكوناتها
TT

أقمار الأرض الصغيرة... نظم مطورة لرصدها واختبار مكوناتها

أقمار الأرض الصغيرة... نظم مطورة لرصدها واختبار مكوناتها

يعدّ خبراء الفضاء الأميركيون أن رصد «الأقمار الصغرى»، وهي الكويكبات الصغيرة التي تسقط بشكل مؤقت في المدار المحيط بالأرض، سيساهم بشكل كبير في تحسين المفهوم العلمي حول الكويكبات وحول «نظام الأرض - القمر».
- كويكبات دخيلة
وقد نجحت هذه الأجسام الزائرة الصغيرة سريعة الحركة حتى اليوم في الإفلات من رصد التقنيات المستخدمة حالياً، باستثناء تقنية واحدة فقط أكدت اكتشاف تلك الأقمار الصغرى. وسيساهم إطلاق «تلسكوب المسح الشامل الكبير» (Large Synoptic Survey Telescope - LSST) الذي سيشرع في أعماله قريباً في تشيلي، في التحقق من وجودها وتعقب مسارها حول كوكبنا، مما سيمثل فرصاً علمية وتجارية مهمة.
وفي دراسة نشرت في مجلة «فرونتيير إن استرونومي آند سبيس ساينس» لعلوم الفضاء، قال روبرت جيديكي، الباحث في جامعة هاواي، في هونولولو، بالولايات المتحدة الأميركية: «تستطيع الأقمار الصغرى توفير منصات اختبار مهمة للعلوم والتكنولوجيا في الفضاء القريب من الأرض.
تتحرك هذه الكويكبات باتجاه الأرض من حزام الكويكبات الرئيسي الواقع بين المريخ والمشتري عبر تفاعلات الجاذبية مع الشمس والكواكب الموجودة في نظامنا الشمسي. ولكن التحدي الأكبر يتمثل في العثور على هذه الأجسام الصغيرة، رغم وقوعها على مسافة قريبة».
من جهته، يقول مايكل غرانفيك، الباحث المتعاقد مع جامعتي لوليا للتقنية في السويد، وهلسنكي في فنلندا: «في الوقت الحالي، لا نملك مفهوماً واضحاً وكاملاً حول تركيبة هذه الكويكبات؛ إذ تعيد البعثات الفضائية عادة كميات صغيرة جداً من المواد إلى الأرض. وتشكل النيازك وسيلة غير مباشرة لتحليل الكويكبات، ولكن غلاف الأرض الجوي يدمر المواد الضعيفة عندما تمر عبره».
ويضيف غرانفيك: «تمثل الأقمار الصغرى مصدراً ممتازاً لجلب قطعٍ كبيرة من مواد الكويكبات تكون محمية من قبل المركبات الفضائية، ليصار إلى دراسة بعضها بشكل مفصل على الأرض».
- صعوبة الرصد
تشير التوقعات إلى أن قطر الأقمار الصغرى يتراوح بين متر ومترين، وهي مرتبطة جاذبياً بشكل مؤقت بـ«نظام الأرض - القمر». قد تكتفي هذه الأقمار بالتحليق إلى جانب الأرض، أو قد تقوم بدورة واحدة حولها، لتنهي مسارها بالإفلات من مجال الجاذبية أو الدخول إلى غلاف الأرض الجوي.
بعد مراجعتهم الأبحاث التي أجريت في السنوات العشر الماضية حول الأقمار الصغرى، أكد جيديكي وزملاؤه أن التقنيات المتوافرة حالياً لا تستطيع رصد هذه الأجسام الصغيرة وسريعة الحركة إلا بالصدفة.
ويفسر جيديكي ذلك بأن الأقمار الصغرى صغيرة الحجم وتتحرك في السماء بسرعة أكبر من معظم الكويكبات التي تستطيع المسوحات الفضائية رصدها. ويلفت إلى أن الخبراء اكتشفوا قمرا صغيرا واحدا فقط أثناء دورانه حول الأرض، الذي يشار إليه بالجسم الكبير نسبياً «2006 RH120»، وقطره بضعة أمتار.
يأمل العلماء أن يتمكن تلسكوب المسح الشامل الكبير الذي لا يزال قيد التطوير ومن المزمع انطلاق أعماله خلال سنوات قليلة، من أن يؤكد وجود هذه الأقمار الصغرى ويساعد في تعقب مداراتها حول الأرض. وتسلط الدراسة المذكورة أعلاه، والتي تشكل جزءا من مجموعة دراسات خاصة حول «جوار نظام الأرض - القمر»، الضوء على الفرص التي سيتيحها رصد الأقمار الصغرى بواسطة التلسكوب.
ويلفت جيديكي إلى أن تلسكوب المسح الشامل الكبير هو «الأداة الحلم» لاستكشاف الكويكبات الصغيرة سريعة الحركة، ويتوقع أن يساهم في اكتشاف الأجسام التي تظهر دائماً وبشكل مؤقت خلال السنوات المقبلة. ويضيف أن هذا المقراب مزود بعدسة كبيرة لجمع الضوء من الأجسام الباهتة، وكاميرا بمجال رؤية واسع تغطي السماء بالكامل لعدة مرات أسبوعياً.
ويتابع جيديكي قائلاً: «عندما يتسع نطاق العثور على الأقمار الصغرى، ستشكل هذه الأخيرة هدفاً رائعاً لبعثات الأقمار الصناعية. يمكننا أن نطلق مهام أقصر وأقل تكلفة، ونستخدمها منصات اختبار لبعثات فضائية أكبر ولإتاحة الفرص لصناعة تعدين الكويكبات الوليدة لاختبار تقنياتها».
بدوره، يقول غرانفيك: «ما زلنا نجهل ما إذا كانت الكويكبات الصغرى تتكون من كتل متجانسة من الصخور، أم أكوام من الرمال الهشة، أم تركيبة تتراوح بين الاثنين. وتتيح لنا الأقمار الصغرى التي تمضي وقتاً كبيراً في المدار المحيط بالأرض دراسة كثافة هذه الأجسام والطاقات التي تعمل بينها، وبالتالي، حل هذا اللغز».
ينهي جيديكي كلامه بمشاركة تطلعاته حول هذه الكويكبات، قائلاً: «آمل أن يمكن للبشر يوماً الوصول إلى النظام الشمسي لاستكشاف الكواكب، والكويكبات، والمذنبات. وأرى أن هذه الأقمار الصغرى تشكل خطوات أولى مهمة باتجاه تلك الرحلة». ويقع التلسكوب على قمة «إل بينون - سيرو باشون»، وهو جبل في شمال تشيلي يزيد ارتفاعه قليلا على 2680 مترا، وهو بجانب مرصد «جيميني»؛ تلسكوب الفيزياء الفلكية الجنوبية البحثية. ووافقت «مؤسسة العلوم الوطنية» الأميركية على تمويل بنائه بميزانية تبلغ 27.5 مليون دولار. وتم بدء تشييد الموقع في 14 أبريل (نيسان) 2015، ويتوقع أن يستخدم لأول مرة عام 2019، ثم يستخدم علميا لأول مرة عام 2021م، على أن تبدأ عمليات التشغيل الكاملة في يناير (كانون الثاني) 2022.


مقالات ذات صلة

حريق ضخم بموقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان (فيديو)

آسيا لحظة اندلاع الحريق أثناء اختبار الصاروخ «إبسيلون إس» في مركز تانيغاشيما الفضائي (رويترز)

حريق ضخم بموقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان (فيديو)

اندلع حريق ضخم صباح اليوم (الثلاثاء) في موقع تجارب تابع لوكالة الفضاء اليابانية أثناء اختبارها صاروخ «إبسيلون إس» الذي يعمل بالوقود الصلب.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب