انطلاق تدريبات «النجم الساطع» في مصر بمشاركة سعودية

وفود من 16 دولة كمراقبين وتبادل الخبرات بشأن مكافحة الإرهاب وتستمر أسبوعين

صورة جماعية لقادة قوات  الدول الـ9 المشاركة  في التمرين أمس (واس)
صورة جماعية لقادة قوات الدول الـ9 المشاركة في التمرين أمس (واس)
TT

انطلاق تدريبات «النجم الساطع» في مصر بمشاركة سعودية

صورة جماعية لقادة قوات  الدول الـ9 المشاركة  في التمرين أمس (واس)
صورة جماعية لقادة قوات الدول الـ9 المشاركة في التمرين أمس (واس)

انطلقت، أمس، التدريبات العسكرية المصرية - الأميركية «النجم الساطع» 2018. والتي تشارك فيها السعودية والإمارات، والأردن وبريطانيا وفرنسا، وإيطاليا واليونان، إلى جانب 16 دولة بصفة مراقب. وتستمر التدريبات التي انطلقت بقاعدة محمد نجيب العسكرية، لنحو أسبوعين إذ تنتهي في 20 من سبتمبر (أيلول) الجاري، وتركز على تبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب وطرق مكافحة العبوات الناسفة والتدريب على أعمال الإنزال الجوي والبحري والغوص وأعمال التأمين الطبي وتنفيذ الرمايات بالذخيرة الحية من مختلف الأسلحة. وأقيم حفل خطابي في افتتاح المراسم، بحضور جميع المشاركين في التمرين أعقبه تجول الجميع بمعرض للمعدات العسكرية المستخدمة في التمرين.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، صباح أمس، الفريق أول جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأميركية، بحضور الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وتوماس غولدبرغر القائم بأعمال السفير الأميركي بالقاهرة. وشدد الرئيس السيسي، على «أهمية العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين القاهرة وواشنطن، لا سيما فيما يتعلق بالتعاون العسكري القائم بين البلدين».
وأفاد السفير بسام راضي المُتحدث الرسمي للرئاسة المصرية، بأن السيسي «رحب بانطلاق فاعليات التدريب المشترك (النجم الساطع 2018) وما شهدته الأيام الماضية من تنفيذ تدريبات مشتركة بين الجانبين لتبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب». وأوضح أن الرئيس المصري استعرض مع الوفد الأميركي «التطورات الجارية لجهود مكافحة الإرهاب على المحاور والاتجاهات الاستراتيجية كافة». وحسب المتحدث الرسمي المصري، فإن «قائد القيادة المركزية الأميركية أشاد من جانبه بقوة ومتانة العلاقات العسكرية بين البلدين»، مؤكداً «حرص بلاده على استمرار تطوير علاقات الشراكة مع مصر وتعزيزها في المجالات كافة»، منوهاً في هذا الإطار بفاعليات التدريب المشترك «النجم الساطع 2018»، وما تعكسه من أهمية وعمق التعاون العسكري بين البلدين خصوصاً في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة، والتي تتطلب تضافر الجهود للتصدي للتحديات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم. كما ثمّن «الفريق أول جوزيف فوتيل الجهود التي تبذلها مصر في مجال مكافحة الإرهاب»، مشيداً في هذا الإطار بدور مصر في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين. وتناول اللقاء كذلك سُبل الارتقاء بالتعاون العسكري بين مصر والولايات المتحدة، بالإضافة إلى التطرق إلى آخر التطورات والمستجدات على الصعيد الإقليمي، في ضوء الأزمات القائمة في عدد من دول المنطقة.
وتشارك القوات المسلحة السعودية عبر مجموعة من وحدات المظليين وقوات الأمن الخاصة، ومراقبين من القوات البرية والجوية والبحرية في تمرين «النجم الساطع 2018» المقام في محافظة الإسكندرية المصرية. وقال العقيد الركن ناصر السحيمي قائد المجموعة السعودية المشاركة إن مشاركة القوات المسلحة السعودية تأتي ضمن المنهج التدريبي المعد مسبقاً للقوات المسلحة وأفرعها للمشاركة في التمارين المشتركة والمختلطة والمسنودة. وأبان السحيمي أن الإعداد للمشاركة في تمرين النجم الساطع جاء على ثلاث مراحل، تضمنت اجتماعات وتخللها إعداد السيناريو المتكامل لتوحيد المفاهيم العسكرية.
وأسند للقوات السعودية عدد من الواجبات العملياتية الرئيسية خاصة في مجال القتال في المناطق المبنية ومكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة والإنزال الجوي، بما يساهم في تعزيز التعاون العسكري والأمني بين الدول المشاركة في التمرين. وأشار العقيد الركن ناصر السحيمي، في تصريحات سابقة، إلى أن التمرين المشترك يهدف إلى تحسين القدرة على تنفيذ عمليات أركان المعركة، وتعزيز التوافق العملياتي بين قوات جميع الدول المشاركة. كما يهدف التمرين إلى تعزيز العلاقات وتبادل الخبرات العسكرية ورفع الجاهزية القتالية لقوات الدول المشاركة، مؤكداً حرص وزارة الدفاع على تأهيل وتدريب منسوبيها من خلال المشاركة في مثل هذه التمارين التي من شأنها رفع الجاهزية القتالية من خلال التدريب في بيئة قتال حقيقية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.