السرّاج يتعهد عدم التسامح مع مهددي الاستقرار في طرابلس

قبل اجتماع وشيك لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقش ملف الأزمة الليبية، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تعهَّد فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، بعدم تهاون حكومته مع «مهددي الاستقرار»، وطالب باتخاذ إجراءات حازمة ضد من وصفهم بمعرقلي العملية السياسية في البلاد.
وقال بيان لمكتب السراج إنه تلقى مساء أول من أمس اتصالاً هاتفياً من الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موغيريني، تناول أحداث العنف التي شهدتها ضواحي العاصمة طرابلس، وقدمت خلاله تعازيها في ضحايا الاشتباكات المسلحة.
وبحسب البيان، فقد أوضحت المسؤولة الأوروبية للسراج أن الأزمة الليبية ستكون على أجندة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذي سيجتمع في وقت لاحق على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، مشيراً إلى أنها استعرضت أيضاً الطرق، التي يمكن للاتحاد الأوروبي أن يُسهِم من خلالها في تجاوز هذا الظرف الصعب، الذي تعيشه ليبيا لتسخر إمكاناتها لمنفعة الشعب الليبي. كما أكدت دعم الاتحاد الأوروبي لحكومة السراج، ولخطة غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وما تم التوصل إليه من اتفاق لوقف إطلاق النار، داعية جميع الأطراف إلى احترام الهدنة، والعمل بروح التوافق من أجل مصلحة المواطنين.
ونقل البيان عن موغيريني قولها إن «الشعب الليبي يستحق أن يعيش في أمن وسلام»، قبل أن تدعو الأجسام الشرعية لأن تسرع من جهودها للانتهاء من المرحلة الانتقالية، وصولاً إلى وضع مستقر داخل مؤسسات ديمقراطية، قادرة على تحقيق مصالح الليبيين.
في المقابل، أكد السراج أن حكومته سخرت كل الإمكانيات لضمان أمن المواطنين، وأنها لن تتهاون، أو تتسامح مع من يهددون الاستقرار، ويعرضون سلامة المواطنين للخطر. مؤكدا التزامه بالمسار الديمقراطي، ومجددا دعوته بضرورة اتخاذ مواقف حازمة تجاه من يعرقلون العملية السياسية، التي تستهدف الوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية مستقرة.
إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإيطالي إينزو ميلانيزي أن ليبيا تشهد «وضعاً جسيماً لكن الهدنة فاعلة... وهي تعيش سيناريو أزمة قاسية، لأن هناك حالة صراع. لكننا نعتقد أن العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة ليس إيجابياً فقط... بل أثبت على أرض الواقع». مبرزاً أن الاستقرار «هو الأساس للتمكن من تنفيذ ذلك الموعد العظيم للديمقراطية، أي الانتخابات».
في غضون ذلك، طالبت مالطا مواطنيها بعدم السفر إلى ليبيا، ونصحت الموجودين منهم هناك بالرحيل فوراً بسبب التوتر الأمني، ولفتت إلى أن خطر تنفيذ هجمات إرهابية وعمليات خطف بحق مواطنين أجانب لا يزال قائماً. كما حذرت الخارجية المالطية في بيان لها من أن هجمات قد تنفذها عناصر تابعة لتنظيمات مثل «داعش» أو «القاعدة»، مشيرة إلى أن المجموعات المتشددة هددت باستهداف المواطنين والمصالح الأجنبية في ليبيا.
عسكرياً، عين المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، اللواء ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة التابعة للجيش، قائدا لمجموعة عمليات عسكرية جديدة ستخصص لمناطق الجنوب الليبي، كما أصدر أيضاً قراراً بتشكيلها.
وكُلف بوخمادة بقيادة المجموعة، التي ستتمركز بقاعدة تمنهنت العسكرية، بهدف تأمين مناطق الجنوب الغربي، والقضاء المجموعات الإرهابية والتهريب وتجارة المخدرات والأسلحة والبشر.
من جهة أخرى، نددت الأمم المتحدة أمس بـ«تقارير موثوقة»، أشارت إلى أن مهربين يدعون أنهم موظفون لديها في ليبيا، وذلك بهدف استغلال المهاجرين واللاجئين، وطالبت بالتحرك لمحاسبتهم.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نقلا عن مصادر موثوقة، إن مهربين «يحاولون الادعاء بأنهم يعملون لدى مختلف وكالات المنظمة الدولية، شوهدوا في عدة مواقع بمختلف أنحاء ليبيا... وفي نقاط إنزال المهاجرين ومراكز تهريب، ويستخدمون سترات وأدوات أخرى، عليها شعارات مماثلة لتلك التي تعتمدها مفوضية الأمم المتحدة للاجئين».
وأضافت المفوضية أنها تلقت معلومات حول هذه القضية «من لاجئين آخرين قالوا إنه تم بيعهم إلى مهربين في ليبيا، وتعرضوا لتعذيب واستغلال، بعدما تم اعتراضهم في البحر».
لكن المتحدث باسم المفوضية بابار بالوش قال لوكالة الصحافة الفرنسية إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا تمكن هؤلاء الأشخاص الذين يدعون أنهم موظفون لدى الأمم المتحدة من خداع مهاجرين ولاجئين تعرضوا لاستغلال بعد ذلك، مشيراً إلى أن المفوضية لا تزال تحقق في ذلك. وقال بهذا الخصوص: «نريد من السلطات أن تلاحق هؤلاء الأشخاص»، مشدداً على أنه لديهم «بالطبع نيات إجرامية.. ويسعون وراء أشخاص يعانون من أوضاع هشة أساسا».
وغرقت ليبيا في الفوضى بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، وأصبحت نقطة عبور رئيسية للمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، الذين يحاولون الهجرة بشكل غير قانوني إلى أوروبا، رغم المخاطر المترتبة على ذلك. كما استغل مهربو البشر الفوضى السائدة في البلاد، وزادوا من خطورة أوضاع المهاجرين الأفارقة، الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.