ألحقت الاشتباكات التي دارت رحاها خلال الأيام الأخيرة في العاصمة الليبية أضراراً بالغة في بعض المنشآت النفطية والحيوية، والشركات، فضلاً عن تشريد آلاف المواطنين.
وبعد أن وضعت الاشتباكات بين الميليشيات المتناحرة في العاصمة أوزارها، وعاد الهدوء نسبياً إلى شوارعها، طُرحت أسئلة عدة، تتعلق بمدى تقديم المتورطين عن تلك الخسائر، وما واكبها من سفك للدماء إلى محاكمة عادلة. لكن الخبير الليبي الدكتور محسن الدريجة ذهب في حديثه مع «الشرق الأوسط» إلى أن «أكبر هذه الخسائر يتعلق بسوء الإدارة لشؤون الدولة».
وأتت طلقات المدفعية وصواريخ «غراد» على مصنع للفرش في الجنوب الشرقي لمدينة طرابلس، كما تهدمت مدرسة وفندق، وتضررت شبكة الكهرباء.
وتظل الخسائر التي لحقت بقطاع النفط الأكثر فداحة على، ما دفع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله إلى تحذير المتقاتلين من أن «الخسائر المادية ستكون هائلة جداً إذا لم يتوقف قصف خزانات الوقود».
وخلال المعارك الضارية أصيب خزان للديزل في مستودع في طريق المطار يقوم بتزويد محطة كهرباء السواني، كما تضرر خزان وقود للطيران والخزان الرئيسي للمياه المخصص لإطفاء الحرائق.
وسبق أن حذرت المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة من استهداف خزانات الوقود، وما سيترتب على ذلك من خسائر كارثية، خاصة أن خزانات النفط، الذي يوصف بـ{قوت الليبيين».
وراكمت اشتباكات الأيام الأخيرة من معاناة المواطنين، الذين نزحوا من ديارهم بعد عمليات سلب ونهب واسعة، وتفرقوا في جنوب ووسط البلاد، وهو ما وصفه المواطن عبد الكريم الجهيمي، بـ«الأمر المروّع». مضيفا أنه رأى كثيرا من الأسر التي كانت عالقة في منازلها تحت القصف، بعضهم نزح إلى جنوب البلاد، كما تحدث عن معاناة المواطنين مع نقص المياه، وانقطاع التيار الكهربائي.
بدوره، رأى الخبير الليبي الدكتور محسن الدريجة أن الأحداث التي شهدتها العاصمة، جاءت «على خلفية الإحباط السياسي والاقتصادي الذي يعانيه الناس، وعدم الاستجابة للمطالبات بالاصلاح».
وقال دريجة إن «أكبر خسائر البلاد في هذه الاشتباكات يتمثل في عدم التمسك بسيادة الدولة». ونزح آلاف السكان بسبب الاشتباكات في طرابلس، إذ قالت وزارة شؤون النازحين إن اشتداد القتال في الضواحي الجنوبية لطرابلس أجبر 1825 عائلة على النزوح إلى بلدات مجاورة، موضحة أن «كثيرين غيرهم لا يزالون عالقين داخل منازلهم، والبعض الآخر يرفض المغادرة خشية تعرض ممتلكاتهم للنهب».
وسيطرت حالة من الإحباط واليأس على غالبية مواطني العاصمة، وقال أحد المدونين الليبيين على «تويتر» إن من أبرز علامات «تطهير العاصمة» «تكدس القمامة وتدمير شبكات الكهرباء، وإغلاق محطات الوقود، وانقطاع المياه، وإغلاق المخابز والأسواق والمحلات التجارية، وتهريب السجناء».
وكان مصطلح «تطهير العاصمة» الدافع، الذي بررت به ميليشيا «اللواء السابع» المعروفة بـ«الكانيات»، تحركها باتجاه طرابلس لطرد ميليشيات «ثوار طرابلس»، والمتعاونين معها.
ودفعت أحداث طرابلس الإعلامي الليبي بشير زعبيه، رئيس تحرير صحيفة «الوسط»، للتساؤل قائلا: «تسعة أيام من جنون الاقتتال، وحرب الليبيين ضد أنفسهم، ما هو حصاد الدّم غير فقداننا مزيدا من الأرواح والهدم والحرق والنزوح وترويع العائلات والأطفال، ومحاولة الدفع بنا جميعاً إلى خانة اليأس والإحباط من قتل من؟ ولماذا؟ وما هذا الهوس بالدم وعشق البارود؟». وزاد زعبيه من تساؤلاته عبر حسابه على «فيسبوك» قائلا: «هل كان لا بد من سفك الدم وتعميم الخراب من أجل (غنيمة) أو (حصّة)؟...
اشتباكات طرابلس الأخيرة تُضخّم فاتورة خسائر ليبيا
اشتباكات طرابلس الأخيرة تُضخّم فاتورة خسائر ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة