تحفظات عون على تشكيلة الحريري ترفع شروط «القوات» و«الاشتراكي»

فريق جنبلاط يعيد التذكير بفشل العهد

TT

تحفظات عون على تشكيلة الحريري ترفع شروط «القوات» و«الاشتراكي»

ردت «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» على الملاحظات التي وضعها الرئيس ميشال عون على صيغة التشكيلة الحكومية، التي سلمه إياها الرئيس المكلف سعد الحريري الأسبوع الماضي، بمزيد من التصلب، بعدما قرأ الطرفان في تحفظات عون استهدافاً مباشراً لهما، ومحاولة لتحجيمهما في الحكومة العتيدة، لحساب «التيار الوطني الحر»، برئاسة جبران باسيل، فيما أعاد «الحزب الاشتراكي» التذكير بموقف رئيسه النائب وليد جنبلاط، عن الفشل السياسي والاقتصادي الذي مني به عهد عون.
وقبل انتقال الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى جولة جديدة من المشاورات مع كلّ الأطراف، والبحث عن حلول لإخراج الأزمة الحكومية من دوامتها، حسمت «القوات اللبنانية» موقفها مسبقاً، برفضها تقديم تنازلات جديدة، وشدد عضو كتلة «الجمهورية القوية»، النائب السابق أنطوان زهرا، على أن «القوات اللبنانية ليس لديها ما تقدمه بموضوع الحكومة»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن حزبه «سيعود إلى التمسّك بخمس وزارات، بينها حقيبة سيادية ووزير دولة»، وقال: «لا نجد أي حجة أو تبرير منطقي لاستهداف (القوات اللبنانية)، والمفاجئ أن الاستهداف جاء هذه المرّة من رئيس الجمهورية، وليس من جبران باسيل».
وأضاف: «كنا نعتقد أن الرئيس عون قادر على استيعاب الجميع، لكن تبيّن أنه لا يستوعب إلا فريق واحد (في إشارة إلى التيار الوطني الحرّ)، وهذا للأسف لن يسهّل مهمة الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة».
ولفت زهرا إلى أن القوات «قبلت عرض الرئيس الحريري الأخير، بحصولها على أربع حقائب مقابل التخلي عن الحقيبة السيادية، لكن بعد رفض هذا الاقتراح، عدنا إلى حقنا الطبيعي بخمس وزارات، بينها حقيبة سيادية ووزير دولة، ولا كلام آخر لدينا بعد اليوم».
ويبدو أن موقف «الحزب التقدمي الاشتراكي» أكثر حدة، وهو يؤشر إلى مزيد من التصعيد في الأيام المقبلة، حيث أكد مفوض الإعلام في الحزب، رامي الريس، لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يعد مفاجئاً بالنسبة لنا تعاطي رئيس الجمهورية، وتياره السياسي، مع المطالب المحقة لـ(الحزب التقدمي الاشتراكي) في التمثيل الوزاري، قياساً إلى نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة»، وقال: «الإصرار السلبي على تجاوز هذه النتائج يثبت الموقف السابق الذي اتخذه الحزب من العهد، الذي يكرّس فشله السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالمزيد من الانحياز لأطراف على حساب أطراف أخرى».
وذكّر الريّس بأن الحزب الاشتراكي «سبق أن مرّ بعلاقات متعثرة مع عهود رئاسية سابقة، وهو ليس خائفاً من الظروف الراهنة، كما سبق لرئيسه وليد جنبلاط أن عبر بوضوح (عن فشل العهد). ومن الآن وصاعداً، لكل حادثٍ حديث».
واللافت أن الصراع على تقاسم المقاعد الوزارية يترافق هذه المرّة مع صراع أكثر حدّة على الحقائب الأساسية، لا سيما الخدماتية منها، وقد عبّر النائب السابق أنطوان زهرا عن استغرابه من أن «كل الحقائب التي تطلبها (القوات اللبنانية) يسندها رئيس الجمهورية إلى حصته، وآخرها وزارة العدل»، مشدداً على أن «التخلّي عن العدل قد يكون مقبولاً، مقابل حصولنا على وزارة الطاقة، وهذه الوزارة لا نريدها من أجل صفقات البواخر (الكهربائية)، بل من أجل بناء معامل إنتاج، وأن ينعم اللبنانيون بالكهرباء كباقي شعوب العالم، وبأسرع وقت ممكن»، وقال: «نحن قدمنا سلسلة تنازلات، لكن الآخرين (رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحرّ) فهمونا خطأ، واعتقدوا أننا في انزلاق دائم، بينما كنا نسعى لتسهيل تشكيل الحكومة، لكن من الآن وصاعداً لن نتنازل لأحد».
من جهته، عبّر عضو كتلة «المستقبل»، النائب طارق المرعبي، في تصريح له، عن أسفه «لإمعان الفرقاء السياسيين في وضع الشروط والتعقيدات لعرقلة تأليف الحكومة، وكأن البلد ينعم بازدهار اقتصادي ومعيشي ونمو وغيره»، لافتاً إلى «محاولة الانقضاض على موقع رئاسة الحكومة عبر تسويق نظريات وتحليلات واجتهادات حول الصلاحيات».
وقال المرعبي: «هذه الأمور مضيعة للوقت، ودفع للبلاد إلى الوراء، والدخول في سجالات عقيمة، وعنتريات وتغريدات يفبركها البعض، لا تغير بواقع الحال»، مؤكداً أن الرئيس سعد الحريري «محصن بالدستور، وصلاحياته وموقع رئاسة الحكومة له هيبته ومكانته الرفيعة».
وبدوره، ناشد أمين عام كتلة «التنمية والتحرير»، النائب أنور الخليل، رئيس الجمهورية ميشال عون أن «يضع حداً لما نشعر به من محاولات لعرقلة تأليف الحكومة من خلال مواقف وممارسات خطيرة تريد أن تعيد لبنان إلى ما قبل عام 1989، تاريخ إبرام اتفاق الطائف، وهذا أمر خطير، وقد كلف اللبنانيين أثماناً باهظة»، وقال الخليل: «نتطلع إلى دور الرئيس الإيجابي، حتى لا يكون شريكاً بهذا الخطأ التاريخي، وإذا بقيت المعطيات الحالية على ما هي عليه، فإن تأليف الحكومة قد يطول ويطول جداً».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».