اشتباكات طرابلس توقف شبكة الكهرباء وضخ المياه

ليبيون أمضوا ليلهم في ظلام تام... وحالة طوارئ في المستشفيات

مقر الشركة العامة للكهرباء الليبية (أ.ف.ب)
مقر الشركة العامة للكهرباء الليبية (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات طرابلس توقف شبكة الكهرباء وضخ المياه

مقر الشركة العامة للكهرباء الليبية (أ.ف.ب)
مقر الشركة العامة للكهرباء الليبية (أ.ف.ب)

أمضت مدن ليبية عدة في غرب البلاد وجنوبها ليلها في ظلام دامس، بعد انهيار الشبكة العامة للكهرباء بسبب الاشتباكات الأخيرة، التي وقعت في العاصمة طرابلس، وتسببت في تضرر أربع دوائر لنقل التيار، وسط حالة من الغضب واستغاثة المواطنين، وبخاصة في المستشفيات العامة.
وسادت حالة الإطفاء العام، أو ما يطلق عليه «بلاك آوت» من سرت شرقاً، وحتى الحدود الغربية للبلاد، بالإضافة إلى مدن بالمنطقة الجنوبية «فران»، مثل سبها ومرزق وأوباري. واشتكى كثير من الليبيين من انقطاع التيار في بلداتهم، وقضائهم الليل في ظلام حالك، وتحدثت الكاتبة الليبية فاطمة بن خيال عن طبيعة الأوضاع في طرابلس، مساء أول من أمس، وقالت «لا تزال الكهرباء مقطوعة، ولا أعلم ماذا يحدث في المستشفيات العامة، التي ستعاني الكثير إذا توقفت المولدات عن العمل، لا قدر الله»، مشيرة إلى أن «غرف العناية تأوي الكثير من المرضى، رغم تدهور القطاع العام الصحي».
من جهتها، قالت الشركة العامة للكهرباء في طرابلس، إن الاشتباكات التي وقعت في جنوب المدينة على مدار تسعة أيام، بالإضافة للوضع السيئ للشبكة، والصعوبات الحاصلة في الوضع التشغيلي الناجم عن إصابة أربع دوائر للنقل الكهربائي، وعدم تمكن الفرق الفنية من الدخول إلى مواقع الاشتباكات لإصلاح المولدات والكوابل، أدى إلى حدوث انهيار تام في الجناح الغربي للشبكة العامة، بالإضافة إلى مناطق بالجنوب.
وأضافت الشركة في بيان، نشرته عبر صفحتها على «فيسبوك» مساء أول من أمس، أن وضع الشبكة «سيظل حرجاً جداً ما لم تتمكن فرق الصيانة من دخول المواقع وصيانة الدوائر المتضررة».
وشهدت العاصمة طرابلس اشتباكات دامية خلفت 61 قتيلاً، وإصابة 159 بين كتيبة «ثوار طرابلس»، ومعها قوات الدعم المركزي «أبو سليم»، التابعتين لحكومة الوفاق الوطني، من ناحية، وقوات اللواء السابع، المعروفة باسم «الكانيات»، من ناحية ثانية، استخدمت فيها مدفعية ثقيلة وصواريخ «غراد»، وألحقت أضراراً جسمية بالمنشآت الخاصة والعامة، من بينها خطوط نقل التيار الكهربائي.
وقال المحامي الليبي علي إمليمدي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الضوء انقطع ليلة أول من أمس؛ ما أثر على انقطاع المياه أيضاً»، وسرد بعض النماذج التي دلل بها على التكاتف الاجتماعي لتجاوز الأزمة، بقوله إن «مواطني مناطق وادي الآجال (غرب مدينة سبها)، جلبوا الوقود لتشغيل المولدات من أجل ضخ المياه للمواطنين».
من جانبه، أعلن جهاز النهر الصناعي (منظومة الحساونة سهل الجفارة) أمس، عن «انقطاع التيار الكهربائي عن حقول الآبار؛ ما تسبب في توقف كامل لضخ المياه». محذراً من أن انقطاع التيار سيترتب عليه تفريغ مقاطع كبيرة بالخطوط الرئيسية من المياه، وسيتطلب الأمر وقتاً طويلاً لإعادة تعبئتها ثانية فور عودة الكهرباء».
وتعاني ليبيا منذ أكثر من سبع سنوات عجزاً في إنتاج الطاقة الكهربائية، وبخاصة في ذروتي الصيف والشتاء؛ الأمر الذي يجبر الشركة الليبية للكهرباء على توزيع الأحمال، وفصل التيار على مدن ومناطق كثيرة. في حين تتحمل العاصمة، طرابلس، التي يقطنها أكثر من مليوني نسمة، النصيب الأكبر من توزيع الأحمال، حيث يصل قطع التيار في أحيائها إلى 12 ساعة في الذروتين الصيفية والشتوية، باستثناء الأوقات التي تقع فيها اشتباكات بين المجموعات المسلحة، حيث تنقطع طوال الليل، مثلما حدث أول من أمس.
وانقطع التيار أمس عن أجزاء من مركز طرابلس الطبي، وأخبر أحد أطبائه «الشرق الأوسط» بأنهم «يستعينون بالمولدات لتوفير الكهرباء لغرف القلب والعناية الفائقة، وحضانات الأطفال»، منوهاً إلى «خطورة الأوضاع إذا استمر انقطاع التيار».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.