حفتر يلوّح بـ «تحرير طرابلس».. ودعوة النواب إلى مناقشة الاستفتاء على الدستور

رئيس البرلمان الأوروبي: ليبيا عبارة عن برميل بارود جاهز للانفجار

TT

حفتر يلوّح بـ «تحرير طرابلس».. ودعوة النواب إلى مناقشة الاستفتاء على الدستور

خرج المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، مساء أول من أمس، عن صمته، الذي التزمه منذ اندلاع المواجهات العسكرية الأخيرة بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، فيما استمرت المناكفات السياسية بين فرنسا وإيطاليا حول ملف الأزمة الليبية.
وجاءت هذه التطورات في وقت دعا فيه مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلستين بمقره في مدينة طبرق (أقصى الشرق)، الاثنين والثلاثاء القادمين قصد إقرار مشروع قانون الاستفتاء على الدستور. وينظر إلى هذه الجلسات على أنها الفرصة الأخيرة قبل الاتجاه إلى الانتخابات الرئاسية مباشرة، في حال عدم توافر النصاب القانوني المطلوب لتمرير المشروع، وهو تصويت 120 لصالحه من بين أعضاء البرلمان البالغ عددهم 200.
ولوح حفتر خلال لقاء عقده مساء أول من أمس مع ممثلي القبائل الليبية بتحرير طرابلس مجددا من قبضة الميليشيات المسلحة، وقال إن «تحرير المدينة وفقا لخطة عسكرية مرسومة خيار لا مناص منه»، معتبرا أن «الجيش سيتحرك إلى طرابلس في الوقت المناسب، والأمر محسوب لأنه لا يتحرك إلا بحسابات دقيقة»، لافتا إلى أن الأزمة التي شهدتها طرابلس «لا بد أن تنتهي في أقرب وقت، ولا يمكن أن نصمت أمام الوضع الحالي... فطرابلس عاصمة ليبيا التي لن يتم التنازل عن أي قطعة أرض فيها وفي كل ليبيا، كما أنّه لا بد لطرابلس أن تتحرر ولا يمكن أن تبقى في أيادي عابثة لوقتٍ أطول».
كما تعهد حفتر بالقضاء على تنظيم داعش في ليبيا، مشددا على أنّ بلاده ستكون إحدى الدول التي تتخلص من «الدواعش» قريباً، وأن 85 في المائة من أهالي العاصمة مع قوات الجيش الوطني، التي قال إنها «تسيطر على مناطق كبيرة في المنطقة الشرقية، وعلى رأسها مدينة بنغازي».
وعلى الرغم من أنه جدد التزامه بالعملية السياسية التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وأكد التزامه بما تم الاتفاق عليه في اجتماع باريس بين الأفرقاء الليبيين في مايو (أيار) الماضي، إلا أنه اشترط في المقابل نزاهة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تخطط البعثة الأممية لإجرائها في البلاد. وقال إنه «أول من يريد الانتخابات، لكن لو ثبت أن هذه الانتخابات لم تكن نزيهة، فإن الجيش سوف يقوم بعمل يجهضها»، دون أن يكشف المزيد من التفاصيل.
في غضون ذلك، استمر الجدل بين فرنسا وإيطاليا حول حل الأزمة الليبية، على الرغم من أن وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا دعت إلى تعاون بين البلدين.
ونقلت وكالة «آكي» عن ترينتا قولها خلال جلسة استماع أول من أمس، أمام لجنتي الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان الإيطالي: «مع فرنسا نحن أصدقاء وأبناء عمومة ومنافسون ومتعاونون... لكن ينبغي علينا نتفق بشأن ليبيا. فنحن ندافع عن صناعتنا الوطنية وهم يدافعون عن صناعتهم. وهناك أوقات تصطدم حتما فيها المصالح».
وعلى صعيد متصل، قال رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني أمس إن مستقبل ليبيا «يتحدد الآن، ويجب على الاتحاد الأوروبي أن يلعب دورا مركزيا في إدارة هذه الأزمة... وإذا لم نتمكن من تنفيذ هذه المهمة فسوف نترك الباب مفتوحا أمام طموحات ومصالح بعض الدول».
جاء ذلك في بيان صدر أمس عن مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، وتضمن تعليق تاياني على قرار للبرلمان الأوروبي بإجراء نقاش حول الأزمة الليبية خلال الجلسة العامة في ستراسبورغ يوم الثلاثاء القادم.
وأوضح تاياني أنه «في ظل غياب حكومة ليبية مستقرة يمكن أن تسيطر على حدود البلد وإقليمه، فإن إدارة تدفقات الهجرة من الساحل الليبي تصبح أكثر صعوبة، وعلاوة على ذلك فإن تهريب الأسلحة والمخدرات سيستمر في مساعدة الإرهابيين، مما يعرض سلامة المواطنين الأفارقة والأوروبيين للخطر».
ووصف رئيس البرلمان الأوروبي ليبيا بأنها عبارة عن «برميل بارود جاهز للانفجار»، واستشهد بالمعارك الدامية التي وقعت في طرابلس، وتسببت في مقتل أكثر من 200 شخص خلال الأيام القليلة الماضية، مبرزا أن الصراعات الداخلية تفاقمت رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار، في ظل وضع أمني لا يزال هشا للغاية.
كما طالب تاياني بضرورة أن تتدخل أوروبا في الأزمة بمزيد من الاقتناع، مشددا على ضرورة أن يتحدث الأوروبيون بصوت واحد، وهي مطالب سبق أن تلقاها من الليبيين الذين التقى بهم خلال زيارته الأخيرة إلى طرابلس في يوليو (تموز) الماضي، حسب تصريحه. وأضاف موضحا: «نحن بحاجة إلى تنسيق أكثر فاعلية بين الدول الأعضاء والمؤسسات الأوروبية، ويجب أن تتوقف الدول الأعضاء التي تروج لبرامجها الوطنية على حساب النهج الأوروبي المشترك، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إلحاق أضرار بجميع المواطنين الأوروبيين».
من جهة أخرى، كشفت تقارير صحافية أمس، النقاب عن قيام الولايات المتحدة بعرقلة الموافقة على طلب في الأمم المتحدة للسماح لسفينة تابعة للبحرية الليبية بالعودة إلى ديارها لمكافحة تهريب البشر.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، إن وثائق حصلت عليها، أشارت إلى أن الفرقاطة «الهاني» أرسلت إلى مالطا في 2013 للخضوع لأعمال تصليح بعد تسرب الماء إليها، بموجب عقد مع شركة «كسار شيب ريبير» لتصليح السفن ومقرها مالطا. وتم تخزين الذخيرة التي كانت على متنها أثناء أعمال التصليح.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.