الجزائر: المواجهات تشتعل بين دعاة «التمكين للأمازيغية» ومؤيدي «التعريب»

قالت برلمانية ورئيسة حزب محسوب على التيار الإسلامي في الجزائر إنها تعرضت لتهديدات بالقتل من «متطرفين ومتعصبين للهوية الأمازيغية»، وذلك بسبب هجومها المتكرر ضدهم، ودفاعها عن «البعد العربي في الشخصية الجزائرية»، وموقفها المعارض من تدريس اللغة الأمازيغية.
وذكر محمد صالحي، زوج البرلمانية نعيمة صالحي، رئيسة «حزب العدل والبيان»، لـ«الشرق الأوسط»، أنه رفع شكوى إلى شرطة باب الزوار بالضاحية الشرقية للعاصمة، حيث يجري التحقيق في التهديدات من طرف «قسم الجرائم الإلكترونية». وقال إن الشكوى «مشفوعة بالأدلة الإلكترونية التي تثبت تعرضنا للتهديد بالقتل في شبكة التواصل الاجتماعي، وحتى عن طريق الاتصالات الهاتفية من طرف مجهولين».
كما أوضح صالحي، وهو برلماني وقيادي سابق بـ«حركة الإصلاح الوطني» (حزب إسلامي)، أن أحدهم أخبره عبر الهاتف أنه يعرف جيدا المكان الذي يتردد عليه أحد أبنائه، وقال له بأنه سيذبحه انتقاما منه ومن الأستاذة نعيمة، وذلك بسبب موقفهما من الأمازيغ المتطرفين. وقد سجل هذا التهديد وقدمه للشرطة.
وأضاف محمد صالحي موضحا: «المتطرفون يحرضون يوميا عامة الناس لكي يضعوا حدا لحياة زوجتي، بهدف إسكات صوتها ضد مشروع فرض الطابع القبائلي على الهوية الجزائرية العربية، وبالتالي يسهل عليهم تمرير هذا المشروع». مبرزا أن «نسبة التهديدات ارتفعت في المدة الأخيرة، وبإمكانكم الاطلاع على ما يكتب من وعيد بالقتل بحقي وبحق الأستاذة نعيمة». كما أكد أن زوجته تستفيد من حماية أمنية خاصة أثناء نشاطها السياسي الميداني، «على عكس بقية أفراد العائلة الذي لم يطلبوا مرافقة أمنية».
في نفس السياق، لمح صالحي إلى أن المستهدفين بالشكوى هم أنصار سعيد سعدي، وهو مناضل أمازيغي ترشح لانتخابات الرئاسة عام 1995، وكان يقود حزبا يرافع من أجل التمكين للأمازيغية ويناهض مشروع التعريب، الذي اعتمدته الحكومة منذ الاستقلال عام 1962، وقال بهذا الخصوص: «حتى السيد سعدي يستهزئ بالعرب والشاوية في كتابه (عميروش.. موتتان)»، في إشارة إلى كتاب شهير عن مسار عميروش آيت حمودة، أحد أبرز رجال ثورة التحرير، ويتحدر من منطقة القبائل الأمازيغية.
من جهتها، كتبت نعيمة صالحي في صفحتها بـ«فيسبوك» أمس أن أنصارها كلفوا محامين لرفع شكاوى قضائية ضد أشخاص متطرفين، على حد قولهم، «يقذفون عرضها». ونقل عنها أن مصدر التهديد هم أعضاء في التنظيم الانفصالي (حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل)، الذي ينشط في ولايات تسكنها أغلبية أمازيغية تقع شرق البلاد، عرفت منذ الاستقلال بمعارضتها الشديدة لنظام الحكم.
وسبق أن نشرت صالحي في فبراير (شباط) الماضي فيديو عد صادما، ذكرت فيه أنها هددت ابنتها الصغيرة بالقتل إن هي تفوهت بكلمة واحدة بالأمازيغية. وإثر ذلك طالب برلمانيون، يمثلون ولايات أمازيغية، بتفعيل إجراءات تأديبية ضدها يتيحها البرلمان، بحجة أنها أنكرت الأمازيغية، في نظرهم، كأحد المكونات الأساسية للهوية الجزائرية، وهو ما جاءت به المراجعة الدستورية عام 2016، كما اتهم ناشطون نعيمة بـ«نشر الكراهية»، و«إثارة نعرات عرقية بهدف التفريق بين أبناء الشعب الجزائري».
وقبل أعوام من ذلك خلفت نعيمة جدلا صاخبا بدعوتها إلى تعدد الزوجات، وصرحت بأنها لن تتردد في خطبة امرأة ثانية لزوجها بذريعة «حل مشكلة العنوسة». وشاركت في انتخابات الرئاسة 2014 في حملة الترويج للمترشح علي بن فليس، رئيس الوزراء سابقا، وهاجمت الرئيس المترشح بوتفليقة بشدة. لكن سرعان ما غيرت موقفها، معلنة مساندتها له.
وبدأت الحكومة في تطبيق الترتيبات الدستورية الجديدة فيما يخص الأمازيغية نهاية 2017، وذلك بإنشاء «أكاديمية لتدريس اللغة الأمازيغية»، واعتماد رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ورسميا، ما أحدث شرخا كبيرا في أوساط الجزائريين، بين من يرى في ذلك «تتويجا لنضال» المدافعين عن الأمازيغية، كجزء أساسي من «الهوية الجزائرية»، وقطاع آخر يعتقد أن بوتفليقة «يبحث عن استمالة منطقة القبائل الأمازيغية لصالحه، تسهيلا لترشحه لولاية خامسة».
ويوجد في البلاد لهجات تتفرع عن الأمازيغية، وهي «الشاوية» و«الميزابية» و«الطرقية»، يتحدث بها سكان مناطق بالشرق والجنوب، غير أنهم لم يناضلوا من أجل التمكين لها مثل سكان القبائل، وهم لا يطرحونها بديلا للعربية، على عكس سكان القبائل، الذين يفضلون الفرنسية لغة رسمية.