تونس: قيادي في الحزب الحاكم يخشى انقلاباً عسكرياً

TT

تونس: قيادي في الحزب الحاكم يخشى انقلاباً عسكرياً

حذر خالد شوكات، القيادي في حركة نداء تونس، المتحدث السابق باسم حكومة الحبيب الصيد، والوزير السابق المكلف العلاقات مع البرلمان، من إمكانية حدوث انقلاب عسكري إذا ما واصلت الحكومة الحالية أداءها على نفس المنوال، مشددا على أن «الأزمة ستتضاعف، والأمور ستتعقد أكثر، ما سيؤدي إلى تزايد الصراعات السياسية والضرب تحت الحزام والشعبوية».
وقال شوكات في حوار إذاعي إنّ الصراعات السياسية «ستكثر في تونس إذا ما تقرر الإبقاء على الحكومة الحالية، وهذا لا يعني فقط دفع الوضع الاقتصادي الوطني إلى كارثة أكبر، بل دفع الديمقراطية أيضاً إلى المجهول والفوضى، وهو ما قد يدفع إلى انقلاب عسكري»، حسب تعبيره.
وفي رسالة وجهها إلى قيادات النهضة، الداعم الأساسي لحكومة الشاهد بذريعة المحافظة على الاستقرار السياسي، قال شوكات: «أقول لإخواننا في حركة النهضة إذا واصلتم دعمكم لهذه الحكومة الفاشلة، المهزومة، الشعبوية، فلتتحملوا مسؤولياتكم… ما أقوله ليس تهديدا بقدر ما هو دعوة للوعي بخطورة ما وصلنا إليه».
وفي تعليقه على تحذيرات القيادي في حزب النداء، قال ناجي الجمل، عضو البرلمان عن حركة النهضة، إن حديث خالد شوكات عن إمكانية حدوث انقلاب عسكري إذا لم يقدم الشاهد استقالته، «قد يحقق رغبته الشخصية أو رغبة سياسيين آخرين»، موضحا أنه «لو كان للجيش التونسي رغبة في التدخل في السياسة لتدخل في سياق أفضل»، على حد تعبيره.
وأبدى الجمل استغرابه من مغازلة بعض النخب السياسية، التي تدعي الديمقراطية، الجيش عندما تعوزها الوسائل الدستورية في تحقيق مآربها. ودعا إلى ترك مؤسسات الدولة، وخاصة الجيش والأمن «بعيدا عن المعارك الحزبية».
في السياق ذاته، قال أكثر من محلل سياسي إن هذا التحذير «موجه بالأساس إلى حركة النهضة التي تتمسك أكثر من غيرها ببقاء الشاهد، حتى وإن اشترطت عليه عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة». مشيرين إلى تزامن هذا التحذير مع صدور مقالات إعلامية حملت عنوان «من سيمتلك شجاعة التنازل» عن موقفه لحل الأزمة السياسية في تونس.
وسبق لخالد شوكات أن دعا إلى إسقاط رئيس الحكومة، وذلك من خلال وثيقة سربها، حملت عنوان «تقييم عمل حكومة يوسف الشاهد من سبتمبر (أيلول) 2016 إلى سبتمبر(أيلول) 2017»، وتضمّنت دعوات صريحة لإسقاط الحكومة الحالية، التي اعتبرها «ضياعا للوقت وتشكيل حكومة أخرى على قاعدة نتائج انتخابات 2014، التي فاز بها حزب النداء.
وكان الرئيس السابق المنصف المرزوقي قد أشار في حديث تلفزيوني بث سنة 2016 إلى وجود أطراف سياسية وإعلامية دفعت إلى انقلاب عسكري أثناء توليه رئاسة تونس بين 2011 و2014، وهو ما نفته عدة أطراف سياسية وإعلامية.
يذكر أن حكومة الوحدة الوطنية، التي شكلها الشاهد على أنقاض حكومة الحبيب الصيد في شهر أغسطس (آب) 2016، تواجه دعوات متكررة لإسقاطها، حيث يتمسك حزب النداء الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الحالي، بضرورة تغيير شامل للحكومة، بما في ذلك رئيسها يوسف الشاهد، الطامح إلى لعب دور أساسي في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وهذه الدعوة تجد صداها لدى اتحاد الشغل، الذي دعا رئيسه نور الدين الطبوبي إلى «تغيير السفينة وربانها».
لكن في المقابل تجد حكومة الشاهد دعما سياسيا قويا من قبل حركة النهضة، التي تدعو إلى ضمان الاستقرار السياسي قبل نحو سنة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والاكتفاء بإلزام الشاهد بعدم الترشح إلى الانتخابات، وبالتالي استغلال منصبه الحكومي لضمان شعبية سياسية بين الناخبين.
على صعيد متصل، عقدت أمس كتلة الائتلاف الوطني البرلمانية، المكونة من 40 برلمانيا، أول اجتماعاتها بهدف الاتفاق حول ميثاق تأسيسي ونظام داخلي. وتضم هذه الكتلة نوابا مستقيلين من حزب النداء، ونوابا غادروا حزب حركة مشروع تونس، إضافة إلى نواب آخرين مستقلين، وقد صوت معظم نوابها لفائدة الحكومة الحالية، وهو ما جعل عددا من المراقبين يتوقعون أن تكون داعمة ليوسف الشاهد إذا ما أعلن ترشحه للانتخابات المقبلة، سواء البرلمانية أو الرئاسية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.