تقرير إقليمي: البحر الأحمر من أنظف بحار العالم

نسبة النفايات البلاستيكية لا تقارن بمثيلاتها في البحار والمحيطات العالمية

أشارت معظم الدراسات إلى أن البحر الأحمر ومياهه وكائناته ما زالت بحالة صحية جيدة (رويترز)
أشارت معظم الدراسات إلى أن البحر الأحمر ومياهه وكائناته ما زالت بحالة صحية جيدة (رويترز)
TT

تقرير إقليمي: البحر الأحمر من أنظف بحار العالم

أشارت معظم الدراسات إلى أن البحر الأحمر ومياهه وكائناته ما زالت بحالة صحية جيدة (رويترز)
أشارت معظم الدراسات إلى أن البحر الأحمر ومياهه وكائناته ما زالت بحالة صحية جيدة (رويترز)

أكدت الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن (بيرسجا)، أن البحر الأحمر ما زال من أنظف بحار العالم، وأن نسبة النفايات البلاستكية العائمة في مياه البحر الأحمر وخليج عدن تعد قليلة ومحدودة ولا تمثل إطلاقاً بيئة ومياه البحر الأحمر، ولا تقارن نسبتها بمثيلاتها في البحار والمحيطات الأخرى حول العالم.
وكانت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية قد نشرت تقريراً أول من أمس أشارت فيه إلى أن البحر الأحمر لم يعد البيئة البحرية الأقل احتواء على النفايات البحرية كما كان في السابق، إلا أن الدكتور زياد بن حمزة أبو غرارة الأمين العام للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن (بيرسجا) نفى ذلك، مؤكداً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن ما نُشر منسوب لدراسة أكدت أنه لم يتم تسجيل إلا ما نسبته 16 في المائة من الأسماك لم تخلُ من الميكروبلاستيك، وهذا «يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن البحر الأحمر ما زال من أنظف بحار العالم».
واستفاض الدكتور أبو غرارة في حديثه حول الأوضاع البيئية في البحر الأحمر وخليج عدن، مبيناً أن «تركيزات ونسب النفايات البلاستكية العائمة في مياه البحر الأحمر وخليج عدن تعتبر قليلة للغاية ومحدودة في أماكن ضيقة ومعزولة ولا تمثل إطلاقاً بيئة ومياه البحر الأحمر».
وأضاف أن «نسب هذه النفايات البلاستيكية لا تقارن بمثيلاتها في البحار والمحيطات الأخرى مثل الموجودة في شمال غربي المحيط الأطلنطي وفي غرب ووسط البحر المتوسط وشرق بحر الصين وغيرها».
وبين أبو غرارة أن هناك مئات الكيلومترات الممتدة من السواحل والشواطئ التي ما زالت بكراً على حالتها الطبيعية، وتظل مياه البحر الأحمر من أنظف مياه البحار على مستوى العالم.
وحول تقديره لنسبة النفايات العائمة وخصوصاً البلاستيكية في البحر الأحمر وخليج عدن، قال: «من المعروف أن البحر الأحمر يطل عليه عدد قليل جداً من المدن ذات التعداد السكاني العالي، كما أنه نادراً ما توجد مدن أو مناطق صناعية تطل على سواحله، بل إن هناك مئات الكيلومترات الممتدة من السواحل والشواطئ التي ما زالت بكراً على حالتها الطبيعية».
وفيما يتعلق بوجهة نظر الهيئة بنتائج الدراسات التي نشرت أخيراً حول تركيز الميكروبلاستيك في أسماك البحر الأحمر التي أظهرتها الدراسة بمعدل سمكة واحدة من 6 أسماك وجد بها ميكروبلاستيك، أي بنسبة 16 في المائة في 4 أماكن محدودة وقريبة من بعض الموانئ والمدن الكبيرة، قال الدكتور أبو غرارة: «ما زالت أيضاً نسبة قليلة بالنسبة للمستويات العالمية في البحار الأخرى، حيث رصدت إحدى الدراسات أن نحو 30 أو 50 في المائة من الأسماك في البحار المختلفة قد ابتلعت الميكروبلاستيك».
ولفت إلى أن الدراسة «أكدت أنه لم يتم تسجيل سمكة واحدة لم تخلُ من الميكروبلاستيك، وهذا يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن البحر الأحمر ما زال من أنظف بحار العالم. كما أشارت بعض الدراسات إلى أن غالبية الميكروبلاستيك التي تدخل أمعاء هذه الأسماك تخرج بسرعة مع الفضلات ولا تمتص ولا تتراكم داخل الأنسجة الحية».
وواصل بقوله: «هناك كثير من الدراسات والأبحاث حول وجود الجزيئات الدقيقة والملوثات العضوية وغير العضوية في الكائنات المختلفة والأسماك في منطقة البحر الأحمر من المراكز العلمية والجامعات المختلفة في دول الإقليم، وقد أشارت معظم هذه الدراسات وأوضحت بصورة جلية أن البحر الأحمر ومياهه وكائناته ما زالت بحالة صحية جيدة ولا تقارن بحالة الكائنات والأسماك المشابهة الموجودة في البحار والمحيطات الأخرى».
وعن مدى رصد الهيئة للضرر على البحر الأحمر وخليج عدن من تكاثر النفايات البلاستيكية، بين أن الهيئة استكملت أخيراً برنامجاً إقليمياً لمسح ورصد النفايات المبعثرة على امتداد الشريط الساحلي للبحر الأحمر ومنها نفايات البلاستيك، وقد تم ذلك بالتعاون مع الجهات المعنية بالدول الأعضاء في الهيئة، وزُودت الدول بنتائج أعمال الرصد بما في ذلك حجم النفايات ونوعيتها. وأشار إلى أنه سيتم ضمن البرنامج تنفيذ المرحلة الثانية من الرصد وتشمل رصداً دورياً ومستداماً في المواقع التي تحتوي على نسب مرتفعة من النفايات الساحلية، مشدداً على أن الهيئة الإقليمية تهدف من تنفيذ البرنامج الإبقاء على شواطئ البحر الأحمر نظيفة للحد من وصول النفايات، وخصوصاً البلاستيكية، إلى البيئة البحرية.
ولفت إلى أن الهيئة نفذت كثيراً من الأنشطة والفعاليات للحد من أضرار النفايات الساحلية، ومنها الأصناف البلاستيكية، ليبقى البحر الأحمر من أنظف بحار العالم. ومن ضمن الأعمال التي نفذتها في هذا الإطار، تبني دول الهيئة بروتوكولاً إقليمياً لحماية البيئة البحرية من الأنشطة البرية في البحر الأحمر وخليج عدن. ويشمل البروتوكول مادة تتعلق بإدارة المخلفات الصلبة (المادة السابعة). كما نفذت الهيئة مسوحات شاملة على طول سواحل البحر الأحمر لتقدير نوع وحجم النفايات الساحلية، وتدشين كثير من حملات نظافة للشواطئ وتحت سطح البحر في الدول الأعضاء. كما تم إعداد دليل استرشادي إقليمي حول تقييم النفايات الساحلية المبعثرة في البحر وخليج عدن، وتم تنفيذ برنامج رصد إقليمياً لتقييم النفايات الساحلية على مواقع محددة (تم اختياره بناء على نتائج المسوحات الميدانية) في الدول الأعضاء ونفذت الهيئة كثيراً من ورش العمل الإقليمية لتدريب وبناء القدرات الوطنية في مجال إدارة النفايات الساحلية.
وأوضح أبو غرارة أن الهيئة بنت أخيراً شراكة مع الأمم المتحدة للبيئة لتنفيذ المبادرات الدولية على المستوى الإقليمي، وإعداد خطة عمل إقليمية لإدارة النفايات البحرية المبعثرة في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن ومنع فرص أو إمكانية وصولها إلى البيئة البحرية.
واختتم الأمين العام للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن (بيرسجا) حديثه عن مبادرات الهيئة للمساهمة في الحد من ضرر النفايات البلاستيكية في البحر الأحمر وخليج عدن بتوضيحه أن الهيئة «أولت موضوع النفايات البحرية وخصوصاً البلاستيكية اهتماماً كبيراً نظراً للأضرار التي قد تسببها هذه النفايات عند تحولها إلى ميكروبلاستيك ووصولها إلى البيئة البحرية من أضرار على سلامة البيئة البحرية وصحة الإنسان». وواصل: «هذا الموضوع أصبح من أولويات واهتمامات الجهات الدولية المعنية بقضايا البيئة العالمية وسلامة البحار، إذ بات كثير من بحار العالم يعاني من نسب مرتفعة من هذا النوع من الملوثات في مياهها».


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».