استدعت أحداث البصرة عقد جلسة استثنائية للبرلمان العراقي غداً (السبت) في حضور رئيس الوزراء حيدر العبادي، لمناقشة الأزمة الاجتماعية والصحية في المدينة، حيث قتل عشرة متظاهرين منذ الإثنين وأحرقت مبان حكومية ومقرات أحزاب سياسية وأُغلق الميناء الرئيسي في العراق.
ودعا المرجع الأعلى للشيعة في العراق آية الله علي السيستاني اليوم (الجمعة) إلى إصلاح الوضع السياسي في بغداد ووقف العنف ضد المتظاهرين. واتهم الزعماء السياسيين بالمسؤولية عن التوتر وقال إن الحكومة الجديدة لا يجوز أن تؤلَّف "وفق الأسس والمعايير التي اعتُمدت في تأليف الحكومات السابقة".
وقال الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي حل تكتله السياسي في المركز الأول في الانتخابات التي أجريت في 12 مايو (أيار)، لرئيس الوزراء حيدر العبادي عبر موقع "تويتر": "سارع بإطلاق أموال البصرة وتسليمها إلى أياد نزيهة لتتم المباشرة فورا بمشاريع مستقبلية".
وقد انطلقت شرارة الأزمة في البصرة على خلفية الاحتجاج ضد الفساد، بعدما أدى تلوث المياه في المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط، إلى نقل أكثر من 30 ألف شخص أصيبوا بحالات تسمم إلى المستشفيات.
ويحصل هذا فيما يعاني العراق حالة من الجمود السياسي منذ الانتخابات التي لم تُحسم نتائجها إلا أخيراً بعد إعادة فرز الأصوات، لكن من دون أن يتمكن البرلمان الذي عقد الاثنين جلسته الافتتاحية من انتخاب رئيسه، مرجئاً الأمر إلى 15 سبتمبر (أيلول) الجاري. يضاف إلى ذلك الوضع الحكومي شبه المشلول بسبب الأزمة السياسية والتحالفات المعقّدة التي أفرزتها الانتخابات والتي ستجعل مخاض تأليف حكومة جديدة عسيراً.
ويتذمّر أهل البصرة عموماً من حالة الإهمال وغياب الخدمات العامة الأساسية، خصوصاً أن البنى التحتية في منطقة يفترض أن تكون غنية منهارة تماماً.
وعندما انطلقت حركة الاحتجاج ميدانياً أوائل يوليو (تموز)، هاجم المتظاهرون مقرات الأحزاب الشيعية والجماعات المسلحة في البصرة. وهدأت الأوضاع بعدما أعلن العبادي في الشهر نفسه إطلاق خطة طوارئ بمليارات الدولارات لتحسين أوضاع مناطق جنوب العراق. إلا أن أهل البصرة يعلمون أن لا قدرة لحكومة منتهية ولايتها على الوفاء بالوعود التي قطعتها، وخصوصاً محاسبة الفاسدين الذي أثروا على حساب خزينة الدولة وحقوق المواطنين.
وفي الاجمال، قتل 24 شخصا منذ مطلع يوليو في أنحاء العراق. ويتهم المدافعون عن حقوق الإنسان الشرطة بإطلاق النار على المتظاهرين، في حين تتحدث السلطات عن "مخربين" تسللوا بين المحتجين مؤكدة أنها أمرت الجنود بعدم إطلاق النار.
ويذهب رئيس مجلس عشائر البصرة الشيخ رعد الفريجي إلى القول إن قادة البلاد "فقدوا السيطرة على الشارع لأنهم فقدوا ثقته"، ويستدل على ذلك بالمقاطعة الواسعة التي شهدتها محافظة البصرة لانتخابات مايو.
ويرى الفريجي أن "الحديث عن أزمة أقتصادية مزحة، فالصناديق هي الفريسة بالنسبة للصوص. أتحدى أي شخص أن يقول إن هناك مشروعا كاملا لخدمة الشعب (...). أين ذهبت الاستثمارات بالملايين؟".
ويضيف الفريجي: "الشارع يغلي، لكن عندما تتظاهر تقابل بالعنف، وعندما تشتكي تكون الحكومة هي القاضي والخصم معاً". ويحذر من أن "التظاهرات لن تعود سلمية في وقت قريب، ولن يستطيع أي زعيم عشائري إيقافها".
ويقول عضو مفوضية حقوق الانسان الحكومية فيصل عبد الله إن "محافظة البصرة لم تعد تطاق والناس يعتبرون أن استجابة الحكومة ليست بمستوى الأزمة".
ويطالب سكان البصرة الذين يصفون المحافظة بـ "البقرة الحلوب" للعراق، بالحصول على حقوقهم مقابل كل ما أعطته المحافظة لبقية أنحاء البلاد. وهم ينتقدون غياب مشاريع لتطوير شبكات الكهرباء والمياه المتهالكة التي لم تعد كافية لمواجهة ارتفاع عدد السكان في ظل هجرة كبيرة من الريف إلى المدن والمناطق المحيطة بها، بسبب الأزمة في قطاع الزراعة الذي يعاني من الجفاف وتلوث المياه.
ويرفض أهل البصرة تقاذف التهم بين الحكومة المركزية في بغداد والسلطات المحلية، إذ تحاول كل من الجهتين تحميل الأخرى مسؤولية الوضع القائم. وهم ينتظرون ما ستتمخّض عنه جلسة البرلمان غدا ليقرروا مسار تحركهم ومصيره.
البصرة تنتفض على واقعها المرير وتنتظر الدواء من البرلمان
المحافظة الغنية بالنفط فقيرة في كل شيء آخر
البصرة تنتفض على واقعها المرير وتنتظر الدواء من البرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة