التأهب لهجوم إدلب بتجهيز المخابئ... وأقنعة من الأكواب الورقية تقي من الغاز

ثبت حذيفة الشحاد كوبا ورقيا زاهي الألوان يمتلئ بالقطن والفحم على وجه طفل وأحكم ربط كيس بلاستيكي حول رأسه فكان قناعا مرتجلا للوقاية من الغاز في حالة استخدام الكيماويات مرة أخرى في إدلب السورية. ويستعد المدنيون في آخر معاقل المعارضة لحكم الرئيس بشار الأسد بتخزين الغذاء وحفر المخابئ قبل هجوم عسكري متوقع على المدينة. وتضع المعارضة أيضا ثقتها في الدبلوماسية التركية لتجنيبها العمل العسكري الذي قد يسفر عن كارثة إنسانية.
قال الشحاد البالغ من العمر 20 عاما لـ«رويترز» من قريته الواقعة جنوبي مدينة إدلب حيث يعيش في بيت مع زوجته الحامل وأبنائه الثلاثة ونحو 15 شخصا آخرين: «نحن اليوم نقوم بتجهيز أقل ما نستطيع وهو تجهيز أقنعة بدائية صغيرة يمكن أن نضعها على فم أطفالنا في حال قصفنا بالكيماوي».
ويتباهى شقيقه أحمد عبد الكريم الشحاد عامل البناء (35 عاما) بالمخبأ الذي تحفره الأسرة في كهف تحت فناء ذي هواء منعش تغطيه الكروم للاختباء به من القصف منذ عام 2012. وقال وهو يعرض قوارير تمتلئ بالخضراوات المخللة على جدران الكهف الرطبة إن الاستعدادات العسكرية تجري على قدم وساق وإن المدنيين يعملون على تجهيز المخابئ.
ويعيش نحو ثلاثة ملايين شخص في معقل المعارضة في شمال غربي سوريا والذي يضم معظم محافظة إدلب ومناطق صغيرة مجاورة لها في محافظات اللاذقية وحماة وحلب. جاء نصف هذا العدد هربا من الاشتباكات أو نقلتهم الحكومة إلى المنطقة بموجب اتفاقات استسلام في مناطق أخرى من سوريا مع استعادة الأسد للأراضي التي كانت تحت سيطرة المعارضة.
وقالت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إن طائرة حربية حكومية أسقطت في أبريل (نيسان) من العام الماضي غاز السارين على خان شيخون وإدلب، الأمر الذي أدى لسقوط أكثر من 80 مدنيا قتلى.
وقالت اللجنة أيضا إن قوات النظام السوري استخدمت أسلحة كيماوية بما في ذلك غاز الكلور أكثر من 24 مرة خلال الحرب.
وتنفي دمشق وحليفتها روسيا هذه الاتهامات وتقولان إنهما لا تستخدمان الأسلحة الكيماوية. وانتشر الخوف بين سكان إدلب وحذرت واشنطن سوريا من استخدام السلاح الكيماوي في أي هجوم وتوعدت بالرد إذا حدث ذلك.
استأنفت روسيا حليفة الأسد الغارات الجوية على المعارضة في إدلب يوم الثلاثاء في أعقاب قصف على مدار أسبوعين من جانب القوات المناصرة للحكومة السورية فيما يبدو أنه تمهيد لهجوم شامل على آخر المعاقل الرئيسية للمعارضة.
غير أن تركيا قالت إنها تأمل في أن تؤدي قمة تعقد مع إيران وروسيا في طهران يوم الجمعة إلى تفادي الهجوم.
وقال عدة أشخاص حاورتهم «رويترز» في إدلب إنهم يعتقدون أنه من الممكن تجنب الهجوم.
وقال عامل البناء السابق جعفر أبو أحمد البالغ من العمر 50 عاما من منطقة ريفية بالقرب من معرة النعمان: «لا أعتقد أن هجوما سيحدث على إدلب. هذه كلها حرب إعلامية». وأضاف: «القوى العالمية الكبرى اتفقت مسبقا علينا وقسمت الأرض».
ومع ذلك فقد تعلم أبو أحمد من سنوات الحرب الطاحنة السبع أن يظل مستعدا. وتعمل أسرته الآن على توسيع مخبأ رطب حفرته وكانت تختبئ به من القصف على مدار السنوات الخمس الماضية وتخزن الطعام فيه. وأضاف: «نحفر في الأرض منذ شهرين بلا توقف أنا وزوجتي وأولادي. هذه المغارة هي ملاذنا الآن. نظفناها مؤخراً بعد أن أهملت لفترة طويلة».
ومع تزايد القصف والغارات الجوية والتصريحات عن هجوم وشيك تضافرت جهود عدد من المجالس المحلية في إدلب وطلبت من تركيا توفير الحماية لها.
وقال أحمد سطام الرشو (48 عاما) وهو مدير المجلس المحلي لبلدة معرة شورين بريف إدلب: «الضامن الوحيد لنا في المناطق المحررة بكل المفاوضات هم الإخوة الأتراك». وكانت تركيا أقامت مواقع للمراقبة على امتداد الخطوط الأمامية بين قوات المعارضة والقوات الحكومية وقال الرشو إن تركيا أبلغته بأن ذلك يمثل علامة على التزامها بحماية سكان إدلب.
وكثيرا ما توصف إدلب بأنها «الملاذ الأخير» للمعارضة وللمدنيين الذين خرجوا من بيوتهم. وينذر أي هجوم بمزيد من النزوح ومزيد من البؤس.