جنرال إسرائيلي: «حزب الله» يسيطر على الجيش اللبناني والحرب القادمة ضد الطرفين

قال إن جارات جديدة ظهرت لم تكن موجودة من قبل

عربتان تتحركان قرب الجدار الذي بنته إسرائيل على الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
عربتان تتحركان قرب الجدار الذي بنته إسرائيل على الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

جنرال إسرائيلي: «حزب الله» يسيطر على الجيش اللبناني والحرب القادمة ضد الطرفين

عربتان تتحركان قرب الجدار الذي بنته إسرائيل على الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
عربتان تتحركان قرب الجدار الذي بنته إسرائيل على الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أنهى فيه الجيش الإسرائيلي تدريبات جديدة على حرب مع «حزب الله»، وصرح فيه بأن بناء الجدار الأمني الكبير على الحدود بين البلدين قارب على نهايته، خرج جنرال إسرائيلي كبير بتصريحات ادعى فيها أن «حزب الله» بات يسيطر على الجيش والدولة في لبنان، وهدد بأن الحرب المقبلة لن تستثني الجيش اللبناني، بل ستدار ضد الطرفين، على السواء.
ومع أن هذا الجنرال قد أكد أن «حزب الله» لا ينوي محاربة إسرائيل، لأن الحرب الأخيرة قد ردعته «والدليل على ذلك أن رئيسه يعيش داخل نفق تحت الأرض منذ 12 عاماً». إلا أنه أضاف قائلاً إنه «في ظروف معينة قد يجد (حزب الله) نفسه مضطراً لخوض هذه الحرب، وعندها سوف يفعل قوة كبيرة وخطيرة ضد إسرائيل، وذلك على ثلاثة محاور: الأول بواسطة الاعتماد على مقاتلين أفراد ينتشرون حالياً على طول الحدود في مواقع متفرقة وتحصينات عسكرية، سيكون دورهم عرقلة تقدم الجيش الإسرائيلي خلال الحرب، وهم سيفتحون معركة، ثم ينضم إليهم آخرون من قوات الاحتياط، والثاني هو عبارة عن كمية هائلة من الصواريخ القريبة والبعيدة المدى التي في حوزته، ويستطيع أن يوجهها إلى كل بقعة من إسرائيل تقريباً، والثالث يكمن في تنفيذ تهديده ومحاولة التسلل إلى إسرائيل بقوات (كوماندوز) تدربت على احتلال بلدات يهودية قرب الحدود. وفي كل الأحوال، إسرائيل جاهزة لتوجيه ضربات قاسية له ولحليفه جيش لبنان».
وادعى الجنرال المذكور، الذي طلب عدم نشر اسمه، والاكتفاء بالإشارة إلى أنه «قائد كبير في لواء الشمال في الجيش الإسرائيلي»، أن «حزب الله» بات يسيطر على الجيش اللبناني. فقد ازداد قوة في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد تجربته القتالية المهمة في سوريا إلى جانب قوات الجيش النظامي السوري و«الحرس الثوري الإيراني»، ومن ثم الجيش الروسي، وأصبح ذا خبرة قتالية كبيرة وخطيرة. وهو يستغل قوته لزيادة نفوذه وتأثيره على الجيش اللبناني، حتى صار مسيطراً عليه. وقد فعل هذا بعملية طويلة الأمد، بدأت حتى قبل نشوب حرب لبنان الثانية (2006). ونحن من جهتنا أخطأنا في حينه، عندما أدرنا الحرب فقط ضد «حزب الله» وفصلنا بينه وبين لبنان الدولة. وتابع تهديده بالقول: «لكننا في الحرب القادمة لن نستمر في هذا الخطأ. بل سنضرب بقوةٍ لبنان كله والبنى التحتية التي تسانده. وإن كان لديَّ خيار ما بين إحداث دمار للبنان، أو التفريق مرة أخرى ما بين (حزب الله) وجيش لبنان، فإنني سأختار بالمؤكد تدمير لبنان»، على حد تعبيره.
وكان الجنرال الإسرائيلي يتحدث في ختام تدريب لوحدة المظليين على حرب مع «حزب الله»، أمس الخميس، هو الرابع خلال شهر. واشتملت التدريبات، حسب الناطق العسكري، على «إطلاق نيران بشكل دقيق وتفعيل مروحيات وطائرات حربية، بالتعاون مع قوات المدفعية والدبابات، وإطلاق نيران حية». وأعلن أن سلاح الهندسة في الجيش أتم مقطعاً كبيراً من الحاجز الإسمنتي على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وقال الناطق إن هذا الحاجز مبني داخل الحدود الإسرائيلية جنوب «الخط الأزرق»، «بهدف تعزيز حماية بلدات الشمال الإسرائيلي». وحول مواصفات هذا الجدار، قال الناطق، لأبيحاي أدرعي، إنه عائق إسمنتي بارتفاع 7 - 9 أمتار، يمتد في 3 مناطق على الحدود تم الانتهاء من نحو 13 كيلومتراً منها، باستثناء 600 متر في منطقة و500 متر في منطقة أخرى، يجري العمل على إنهائهما. وسيتم البدء في مرحلة ثانية منه طولها 11 كيلومتراً. والخطة الأصلية تتحدث عن مسافة 130 كيلومتراً في المستقبل.
يذكر أن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أشار إلى أنه من أجل حماية الجبهة الداخلية في الشمال من خطر الصواريخ اللبنانية، يجب أن تستثمر إسرائيل 5 مليارات دولار خلال 10 سنوات فقط، مضيفاً: «الجبهة الداخلية ليست محمية بما فيه الكفاية، لذلك نحاول سد الثغرات التي تراكمت على مدى عقود». وقال إن «أعداء إسرائيل اشتروا أسلحة بقيمة 400 مليار دولار، ويواصلون الاستثمار في التدريب وشراء الأسلحة لاستخدامها ضدنا».
وأضاف ليبرمان، في تصريحات أمام المنتدى الاقتصادي في تل أبيب، إن «في الشرق الأوسط كان هناك تغييران جوهريان: قام أعداؤنا بشراء صواريخ دقيقة وأصبحت الجبهة الداخلية الجبهة الرئيسية في الحرب القادمة. وقد ظهرت جارات جديدة لم تكن موجودة هنا، فجأة روسيا تجلس على الحدود الشمالية، وتم إنشاء (منظمة الدولة الإسلامية) (يقصد إيران وتركيا)، ونحن نحتاج للرد على التهديدات الجديدة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.