استراتيجية أميركية جديدة لمكافحة الإرهاب في كل زمان ومكان

أعلنت وزيرة الأمن الداخلي الأميركي، كريستين نيلسن، أن الإدارة الأميركية تعد استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب، تجيز ملاحقة الإرهابيين في كل زمان ومكان، دون أي اعتبارات للحدود الجغرافية. وقالت خلال حديثها في جامعة جورج واشنطن بالعاصمة الأميركية واشنطن، أول من أمس: «قريبا جدا سيصدر البيت الأبيض استراتيجية جديدة قوية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وستكون تحذيرا لأعدائنا وتمهد الطريق للتغلب عليهم. وأضافت أن الولايات المتحدة تشهد حاليا عودة الدولة القومية المعادية بعد مرور أكثر من ستة عشر عاما على أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وقالت: «تشهد عودة الدولة القومية المعادية، بعد سنوات من تركيز وزارة الداخلية على التهديدات غير الرسمية منذ هجمات 11 سبتمبر الإرهابية». وتابعت أن «منافسينا من الدولة القومية يزدادون إصرارا على تعريض وطننا للخطر بطرق مختلفة. في الواقع، فإن التهديدات الموجهة إلى الولايات المتحدة من الخصوم الأجانب هي في أعلى مستوياتها منذ الحرب الباردة».
وقالت إن وزارة الداخلية كانت تركز طوال الخمس عشرة سنة الماضية على مكافحة الإرهابيين في الخارج، يركز مسؤولو الأمن الوطنيون الآن على أربع دول أبدت استعدادها لاستخدام العمليات المالية والتجارية والتجسسية والمعلوماتية وغيرها من الوسائل لتقويض المصالح الأميركية، مضيفة أن الدول الأكثر تهديداً هي الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا. وتابعت أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تخوض حربا تقريبا مع تلك الدول، فإن هذه الدول تشن هجمات متواصلة وهادئة على الكيانات الأميركية، مضيفة أنهم «يشجعوننا على الانقلاب على بعضنا بعضا، لذلك نحن نمزق أنفسنا بعيداً عن الداخل، لم يشبه أي شيء ذلك». واتهمت نيلسن في خطابها بجامعة جورج واشنطن أول من أمس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالاسم في التدخل في الانتخابات الأميركية عام 2016. معتبرة أن ذلك يعد هجوما مباشرا على الديمقراطية الأميركية. وقالت: «بتوجيه من فلاديمير بوتين، أطلقت موسكو حملة نفوذ متعددة الوجوه لتقويض الإيمان العام في عمليتنا الديمقراطية وتشويه انتخاباتنا الرئاسية. لقد كان هذا بمثابة هجوم مباشر على ديمقراطيتنا». وأكدت أن وزارة الداخلية لن تتسامح مع مثل هذا التدخل أو لن تجعله يحدث مرة أخرى.
وتابعت أن أعداء الولايات المتحدة ليسوا إرهابيين فقط، ولكن أيضا المجرمين الذين يستخدمون البيئة نفسها مثل الإرهابيين لإنشاء عصابات خارقة مع شبكات موسعة، مشيرة إلى أن الحقبة التي كان فيها الإرهابيون والمجرمون يتحكمون في مناطق جغرافية معينة، أصبحت من الماضي، لأن المسألة الآن تتمحور حول كفاح مستمر ضدهم بغض النظر عن موقعهم. وأوضحت أنه بعد الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، كانت استراتيجية الولايات المتحدة هي محاربة الأعداء في مواقعهم، ولم يكن هناك حاجة لمحاربتهم داخل حدود أميركا، مشيرة إلى أنه لسوء الحظ، تغير هذا الوضع حاليا، وأصبحنا اليوم نعيش في عالم مختلف عن حقبة ما بعد 11 سبتمبر. وقالت إن «أعداءنا لا يحترمون الحدود، وتهديداتهم لا تقتصر على مناطق جغرافية معينة. تهديدات اليوم موجودة في عالم لا نهاية له. ويجب علينا التصرف بالطريقة نفسها».
وذكرت وزيرة الداخلية الأميركية أن خطر الهجمات الإلكترونية ضد البنية الأساسية الأميركية بات أكبر من أي وقت مضى، وأن الرد يجب أن يكون سريعا بعد وقوع الهجوم، مضيفة أن «وتيرة الابتكار والاتصال الفائقة والاعتمادية الرقمية قد خلقت تصدعات في دفاعاتنا، وخلقت فرصاً جديدة يمكن من خلالها لهذه الجهات الشريرة أن تضربنا».
ورددت نيلسن كلمات دان كوتس، مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، الذي أثار مخاوف بشأن المتسللين الخارجيين الذين يحاولون التأثير على الانتخابات النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقالت نيلسون إنه «على صواب. حياتنا الرقمية في خطر كما لم يحدث من قبل، لكن الأمر أكثر من ذلك. إننا نشهد تغيرات تاريخية في شكل التهديد بصفة عامة. لقد كان توازن القوى الذي ميز النظام الدولي منذ عقود متآكلاً. وضع أميركا أحادي القطبية بات معرضا للخطر. فراغ القوى في جميع أنحاء العالم يتم ملؤها بسرعة من قبل الدول القومية المعادية والإرهابيين والمجرمين العابرين للحدود الوطنية، وهم جميعا يقفون على هدف مشترك، إنهم يريدون تعطيل أسلوب حياتنا، وكثير منهم يحرضون على الفوضى وعدم الاستقرار والعنف».
وتعد رؤية وزارة الخارجية الجديدة تحولا بارزا في موقف مكافحة الإرهاب والانتقال إلى التركيز على التهديدات المضادة بشكل أوسع، مع التركيز على الدول القومية المعادية. وقد قامت وزارة الأمن الداخلي مؤخراً بإعادة تنظيم وحداتها الاستخباراتية لتكون أشبه بمراكز البعثات التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه».