«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي: {وليمة} من الأفلام الروائية في مهرجان فينيسيا

فان غوخ {يعود} إلى الشاشة الفضية من «بوابة الأبدية»

وليم دافو وأوسكار أيزاك في «بوابة الأبدية»
وليم دافو وأوسكار أيزاك في «بوابة الأبدية»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي: {وليمة} من الأفلام الروائية في مهرجان فينيسيا

وليم دافو وأوسكار أيزاك في «بوابة الأبدية»
وليم دافو وأوسكار أيزاك في «بوابة الأبدية»

بين مئات الأفلام التي تعرضها المهرجانات الكبرى الثلاثة، هناك دوماً أعمال تتحدث عن الفن والفنانين. تعكس حياة شخصياتها المتباينة ومفاهيم تلك الشخصيات حيال أعمالها أو، على الأقل، تعكس فترات لمعانها ومهنها المختلفة.
بعض هذه الأفلام روائي، وبعضها الآخر تسجيلي أو وثائقي. منها ما هو حول فنانين رحلوا، وبعضها الآخر حول من لا يزال حياً بيننا.
مهرجان فينيسيا، هذا العام لا يختلف، في هذا الشأن، عن أي مهرجان آخر، موفراً، لمن يرغب، أفلاماً تسجيلية وروائية عدة حول الفن وعلاقته بالفنان والحياة عموماً. من بينها خمسة أفلام شاهدها هذا الناقد لاستعراضها هنا.

At Eternity‪’‬s Gate
عند بوابة الأبدية
كان الرسام ڤنسنت ڤان غوخ موضوع الكثير من الأفلام عبر سنوات التاريخ. من أوائل تلك الأفلام «شهوة الحياة» لفنسنت مينيللي (1956) الذي قام كيرك دوغلاس ببطولته، ومن آخرها فيلم الرسوم البولندي - البريطاني «حب ڤنسنت» لدوريتا كوبيلة (2016). بين الفيلمين هناك «فنسنت وثيو» لروبرت التمن (1974) والفيلم التلفزيوني «البيت الأصفر» الذي تم إنجازه سنة 2007.
الفيلم الجديد من إخراج جوليان شنابل، وهو رسّام نيويوركي ومخرج أفلام، من بين أفضل أعماله الفيلم الذي حققه قبل 22 سنة حول الحياة القصيرة للرسام النيويوركي جان ميشال باسكيات. في «عند بوابة الأبدية» يرسم شنابل بالكاميرا ما يواكب الرسم بالريشة. هذا عندما تتولى الكاميرا الانسياب في المشاهد الطبيعية التي يحاول ڤان غوخ (يؤديه جيداً وليم دافو) نقل إيحاءاتها وجمالها على قماشته. هنا يذكر الفيلم بأسلوب ترنس مالك في العمل، لكن بنسبة أقل جمالية. الكاميرا ذاتها في حركة دائمة. محمولة وتنتقل بطلاقة (مفتعلة أحياناً) لالتقاط ما يحلو لها تصويره.
يتابع الفيلم بمشاهد كتبها جيداً الفرنسي جان - كلود كارييه حالة ڤان غوخ القلقة وازديادها خلال تلك السنوات القليلة. علاقته المهنية مع بول غوغان (أوسكار آيزاك) والحميمة مع شقيقه ثيو (روبرت فرَند). في مجملها لم تكن حياة سهلة، بل بالغة التوتر، وشنابل ينقلها على هذا النحو أيضاً.

Nice Girls Don‪’‬t Stay for Breakfast
اللطيفات لا يبقين للإفطار
هذا العنوان الغريب مأخوذ من أغنية وردت في فيلم «الريف الرائع» (The Wonderful Country) غنّـتها جولي لندن في فيلم لروبرت باريش من بطولة روبرت ميتشوم (1959). ميتشوم، وليس ليندون، هو موضوع هذا الفيلم التسجيلي - الوثائقي عن الممثل الذي تمتع بكاريزما البطولة والشخصيات التي لعبها. ميتشوم (1917 - 1997) ظهر في أكثر من مائة فيلم ويتذكره المعجبون بأدواره في «نهر بلا عودة» و«ليلة الصياد» و«من الماضي» و«كايب فير» وسواها.
فيلم المخرج بروس ويبر معني بإحياء ذكرى الممثل وإلقاء تحية سينمائية لائقة تناسب تاريخه وشخصيته.
والمخرج يصيب في معظم ما يهدف إليه ويميط اللثام عن أحداث مشهورة (دخول الممثل السجن لحيازته الماريوانا)، وأخرى أقل شهرة (مطاردة إليزابيث تايلور له وهي شابة). هناك مقابلات مع الراحل ومع ممثلين تحثوا عنه (ليام نيسون، جوني دَب…) ولمسات حانية لممثل استحق كل شبر من المكانة التي استحوذها.

The Other Side of the Wind
الجانب الآخر من الريح
هذا هو أحد الأفلام التي كابد المخرج الراحل أورسن وَلز لأجل تحقيقها. استمر تصويره سنوات بسبب نفاد التمويل وانتظار تمويل جديد. مات ولز (سنة 1985) من دون أن ينجزه، ومرّت 48 سنة على البدء به قبل أن يكمله المخرج فرانك مارشال.
يستمد هذا الفيلم أهميته من هذه الحقائق، بالإضافة إلى قيمة المخرج في السينما عموماً، لكن إذا ما تجاهل الناقد هذه القيم وعاين الفيلم كما هو تبدّى له عملاً مضطرباً وقائماً على قدر من التجريب وتوزيع اللقطات وما تنتمي إليه من مشاهد وحكايات على نحو ممزق. يذكّـر بفيلم «المواطن كين» (1941) الذي كان أول أعمال وَلز السينمائية (وأفضلها) من حيث إنه يتابع حياة شخص معين ذي سُلطة، لكن الفيلم السابق، على تنوّع مدارسه، كان منضبطاً تحت هيمنة الفكرة والأسلوب، في حين أن الفيلم الجديد - القديم الذي يتحدث عن مخرج (يؤديه المخرج الفعلي الراحل أيضاً جون هيوستون) يريد إنجاز فيلم يبدو غامضاً له ولسواه، تجريبي النزعة وغامض الأجواء قياساً.

Friedkin Uncut
فريدكن كاملاً
ينبري المخرج الإيطالي فرانشسكو زيبل لتقديم المخرج الأميركي ويليام فريدكن، في هذا الفيلم التسجيلي، كسينمائي جدير بالاحتفاء به رغم أن أفلام فريدكن ليست متوازية في حسناتها ولا سيئاتها، وبعضها مهم أكثر مما هو جيد. يؤازر فريدكن في مهمة إلقاء الضوء على حياته المهنية وبعض الخاصة. وللتأكيد على دور فريدكن في السينما يتوجه المخرج زيبل إلى وليم دافو وكونتين تارنتينو وفرنسيس فورد كوبولا وإيلين بيرستن للمشاركة في إلقاء التحية المناسبة. يحيط الفيلم بتاريخ صاحب «طارد الأرواح» و«فرنش كونكشن» و«كروزينغ» من بين أخرى، لكن «فريدكن كاملاً» يبقى عملاً من باب التبجيل لمخرج حقق أعمالاً رديئة عدة.

The Great Buster‪:‬ A Celebration
بستر العظيم: احتفال
بين كل عظماء السينما الكوميدية ليس هناك من تساوى مع بستر كيتون في فنه، وإن تجاوزه تشارلي تشابلن في الشهرة وفي عنايته بنقل واقع اجتماعي (يدلف لما هو سياسي) من خلال بعض أفلامه. المخرج هنا هو بيتر بوغدانوفيتش (الذي نراه في «الجانب الآخر من الريح» ممثلاً)، وإذا ما كان هناك من ميزة خاصّـة في فحوى قيام بوغدانوفيتش بتحقيق هذا الفيلم عن ذلك الكوميدي العبقري، فهي في أن بوغدانوفيتش ملم بالسينما من الداخل والخارج وبتاريخها كيفما نظرت إلى ذلك التاريخ. فيلمه هذا أفضل ما تم تحقيقه عن الكوميدي (هناك الكثير) على أكثر من صعيد، بينها طريقة ترتيب الفيلم لينقل ما هو خاص بما هو سينمائي. في النطاق الثاني يعرض لنا المخرج مشاهد من أهم ما أنجزه كيتون مخرجاً وممثلاً من أفلام.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
TT

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه مذّاك ويعتزم مواصلة مسيرته المهنية الغنية التي بدأت في سبعينات القرن العشرين.

وقال خان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، خلال مقابلة أجرتها معه في لندن، إنه مرّ قبل بضع سنوات بمرحلة إعادة نظر ذاتية.

وأضاف: «كان ذلك خلال أزمة كوفيد، وكنت أفكر في كثير من الأمور، وأدركت أنني قضيت حياتي بأكملها في عالم السينما السحري هذا منذ أن أصبحت بالغاً».

وتولى عامر خان بطولة عدد كبير من الأفلام التي حققت نجاحاً تجارياً واسعاً في بلده، ومنها «3 بلهاء» و«دانغال»، و«نجوم على الأرض»، كما اشتهر عامر خان بإنتاج وبطولة فيلم «لاغان Lagaan» الذي كان بين الأعمال المرشحة لجائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية عام 2002.

وتابع خان الذي بدأت مسيرته التمثيلية منذ الطفولة في السبعينات، وأصبح لاسمه ارتباط وثيق ببوليوود: «لقد أدركت أنني لم أعطِ حياتي الشخصية الأهمية التي كنت أرغب فيها».

وزاد: «واجهتُ صعوبة في التغلب على الشعور بأنني أهدرت الكثير من الوقت، وكنت أشعر بالكثير من الذنب... كان رد فعلي الأول القول إنني اكتفيت من السينما».

لكنّ عائلته، وخصوصاً ابنه وابنته، أقنعته بالعدول عن الاعتزال. وقال: «في رأسي كنت أقول سأتوقف. ثم لم أفعل ذلك».

والآن، مع اقتراب عيد ميلاده الستين في مارس (آذار)، يريد عامر خان، الذي يعيش في مومباي، «مواصلة التمثيل والإنتاج لبعض الوقت».

«أحب أن أفاجئ جمهوري»

ويعتزم النجم الهندي أيضاً جعل شركته للإنتاج «عامر خان بروداكشنز» منصة «لتشجيع المواهب الجديدة التي تكون أحاسيسها قريبة» من أحساسيسه و«تريد أن تروي القصص» التي تهمه.

ومن ذلك مثلاً فيلم «لاباتا ليديز» Laapataa Ladies الكوميدي عن شابتين من منطقة ريفية في الهند، يطرح موضوع الزواج ووضع المرأة في بلده، وقد شارك في إنتاجه مع زوجته السابقة كيران راو، وحضر أخيراً إلى لندن للترويج له.

ويتناول عدد من أفلام عامر خان قضايا اجتماعية، مثل حقوق المرأة في المناطق الريفية، أو الصناعة الرياضية، أو الضغط المفرط في التعليم العالي أو حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

لكن خان يرفض أن يحبس نفسه في نوع واحد فقط من الأفلام أو الأدوار، وقال في هذا الصدد: «أحب التنويع والتطرق إلى قصص مختلفة. أحب أن أفاجئ نفسي وجمهوري».

ولم يتردد النجم البوليوودي في انتقاد نفسه أيضاً، مشيراً إلى أنه «غير راضٍ» عن أدائه في فيلم «لا سينغ شادا» Laal Singh Chaddha الهندي المقتبس من فيلم «فورست غامب» تم إنتاجه عام 2022، لكنه لم يحظَ بالاستحسان المألوف الذي تُقابَل به أعماله.

وأما في «أن يكون هذا الفيلم أفضل»، في إشارة إلى عمله الجديد «سيتار زامين بار» Sitaare Zameen Par الذي يُطرَح قريباً.

ورغم فوزه بالعشرات من الجوائز السينمائية في الهند بالإضافة إلى ثالث أعلى وسام مدني في بلده، فإن عامر خان يحرص على تقويم كل فيلم من أفلامه.

وشدّد على أن «إخراج فيلم أمر بالغ الصعوبة». وقال: «عندما أنظر إلى الفيلم الذي أخرجناه، ثم إلى السيناريو الذي كتبناه، أتساءل هل حقق الفيلم الأهداف التي حددناها».

وأضاف: «إذا وصلنا إلى ما أردناه، وصنعنا الفيلم الذي أردناه، فيشكّل ذلك ارتياحاً كبيراً».