مسألة الهجرة تهدّد وحدة الحكومة الألمانية

وزير الداخلية يتفهّم «غضب الناس»

وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر (أ. ف. ب)
وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر (أ. ف. ب)
TT

مسألة الهجرة تهدّد وحدة الحكومة الألمانية

وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر (أ. ف. ب)
وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر (أ. ف. ب)

تعرّضت التركيبة الهشّة لائتلاف المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل لاهتزاز كبير اليوم (الخميس) بعدما دافع وزير داخليتها المتشدد هورست زيهوفر عن الاحتجاجات الأخيرة التي تخللتها أعمال عنف ارتكبها أشخاص من اليمين المتطرف، ووصف الهجرة بأنها "أم كل المشاكل السياسية". ويأتي ذلك بعد شهرين من تهديد زيهوفر بنسف الائتلاف الحاكم بسبب قضية الحدود الحساسة.
وانتهى الهدوء الذي ساد خلال أيام العطلة أواخر أغسطس (آب) بعد مقتل رجل ألماني يبلغ من العمر 35 عاما طعنا في مدينة كيمنتس في شرق ألمانيا. ويشتبه بأن عراقيَين وسوريا من طالبي اللجوء ارتكبوا الجريمة.
وكانت مجموعات من اليمين المتطرف والسكان المحليين خرجت إلى الشوارع في الأيام التي تلت حادث الطعن، ورفع المحتجون أيديهم بالتحية النازية المحظورة، وهاجموا العديد من الأشخاص الذين تدلّ ملامحهم على أنهم أجانب.
ورفض زيهوفر، بوصفه المسؤول الأعلى عن تطبيق القانون في البلاد، دعوات لإدانة المشاهد البشعة للغوغاء الذين هاجموا كذلك صحافيين ورجال شرطة. ولم يدل الوزير بأي تصريح إلى أن دافع اليوم في مقابلة عن التظاهرات، لكنه انتقد الإخلال بالسلم. وقال لصحيفة "راينيشه بوست" اليومية: "هناك استياء وغضب بين الناس بسبب حادث القتل، وهو أمر أتفهمه". وأضاف: "لو لم أكن وزيرا لكنت خرجت إلى الشوارع بصفتي مواطنا، ولكن بالطبع ليس مع المتطرفين".
وأكد زيهوفر أن "لا تسامح مع القوى التي تستغل هذه التطورات للدعوة إلى العنف أو ترتكبه بالفعل، بما في ذلك ضد الشرطة". وشدد على أن "هذا أمر غير مقبول إطلاقاً، لا توجد منطقة رمادية".
إلا أن زيهوفر، أكبر منتقد في الائتلاف الحكومي لسياسة ميركل الليبرالية بشأن اللاجئين، أعرب عن تعاطفه مع الغضب الذي أشعل التظاهرات. وقال: "مسألة الهجرة هي أم كل المشاكل السياسية في هذا البلد. لقد واصلت قول ذلك على مدى ثلاث سنوات"، أي منذ أن فتحت ميركل حدود بلادها لأكثر من مليون طالب لجوء بينما أغلقت دول الاتحاد الاوروبي الأخرى أبوابها أمامهم.
وتتقاطع تصريحات زيهوفر مع تصريحات وزير داخلية إيطاليا ماتيو سالفيني الذي قال إن ميركل "أساءت تقدير" المشاكل التي تسببها الهجرة الجماعية.
ورفضت ميركل هذه التصريحات واتهامها بأنها تساهلت في قضية السلامة العامة. وصرحت إلى تلفزيون "آر تي أل" أنها ترى الامور بشكل مختلف، وقالت: "مسألة الهجرة تشكل تحديات وهناك مشاكل، ولكن هناك كذلك نجاحات". واضافت: "الآن الوضع مختلف تماماً عما كان عليه في خريف 2015 (في ذروة تدفق اللاجئين). ولذلك نستطيع أن نقول للناس إننا طبقنا إجراءات لمنع تكرار ما حدث"، بما في ذلك ابرام اتفاق مع تركيا والعديد من الدول الافريقية لمكافحة تهريب البشر.
ويواجه حزب "الاتحاد المسيحي الاجتماعي" الذي ينتمي إليه زيهوفر انتخابات حاسمة الشهر المقبل في مقاطعة بافاريا الجنوبية حيث يواجه منافسة قوية من حزب "البديل من أجل ألمانيا".
ومن الواضح أن زيهوفر عبّر عن رأيه المناقض لرأي ميركل في أحداث مدينة كيمنتس وعينه على هذه الانتخابات. ونقل عنه الإعلام الألماني قوله أمس (الأربعاء) إن حكومة ميركل سارعت إلى انتقاد الاحتجاجات وأنه انتظر الحصول على "معلومات موثوق بها" قبل التعليق.
وأمس أيضاً، نفى رئيس وزراء مقاطعة ساكسونيا مايكل كريتشيمر في كلمة أمام مجلس المقاطعة أن يكون المتطرفون أشاعوا الفوضى في كيمنتس. وقال: "لم تكن هناك غوغاء، ولم تحدث مطاردة للاجانب، ولم تُرتكب أعمال وحشية بحق مجموعة معينة".
وأعربت ميركل مرارا عن صدمتها للمشاهد المؤلمة في كيمنتس التي صورت بالفيديو أو تلك التي وصفها عدد من الضحايا لوسائل الاعلام. وقالت في هذا الصدد إن "الصور التي شاهدتُها تظهر بوضوح مطاردات وملاحقات مليئة بالكراهية لأشخاص أبرياء".
وتسببت قضية الهجرة بخلاف عميق في ألمانيا وأضعفت ميركل التي تقود البلاد منذ 13 عاماً. ويقول معظم المراقبين أن ولايتها الحالية الرابعة ستكون الأخيرة على الأرجح.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».