«خطوط غير مسبوقة»... معرض يطرز المرأة بالريشة

يتضمن 40 لوحة فنية تحكي مشاعر إنسانية

الرسامة هادية خوري خلال افتتاح معرضها الفني «خطوط غير مسبوقة»  -  انعكاسات علاقة عاطفية بين رجل وامرأة في لوحة «أنا هو»
الرسامة هادية خوري خلال افتتاح معرضها الفني «خطوط غير مسبوقة» - انعكاسات علاقة عاطفية بين رجل وامرأة في لوحة «أنا هو»
TT

«خطوط غير مسبوقة»... معرض يطرز المرأة بالريشة

الرسامة هادية خوري خلال افتتاح معرضها الفني «خطوط غير مسبوقة»  -  انعكاسات علاقة عاطفية بين رجل وامرأة في لوحة «أنا هو»
الرسامة هادية خوري خلال افتتاح معرضها الفني «خطوط غير مسبوقة» - انعكاسات علاقة عاطفية بين رجل وامرأة في لوحة «أنا هو»

مشاعر عميقة تطرزها الرسامة هادية خوري بريشة وجدانية ينقلنا إليها معرض «خطوط غير مسبوقة» في غاليري «إس في» في منطقة الصيفي في بيروت من خلال 40 لوحة تحكي عن المرأة بوجوهها المختلفة.
جمعت الفنانة اللبنانية في لوحاتها فن التطريز مع خطوط رسم شفافة مستخدمة تقنية حديثة تعرف بـ«ميكست ميديا» لا تنحصر بفنون «أكليريك» و«غواش» فقط بل تتعداها لتشمل الخشبيات وطلاء الجدران وأدوات أخرى نستعملها في يومياتنا.
«لقد لجأت إلى هذا النسيج من الفنون كي أضع بوضوح مشاعر متناقضة تعيشها المرأة في حالات نفسية تتراوح ما بين القوة والضعف». توضح هادية خوري خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «هناك بعض الصور التي تعبر عن الثورة فيما أخرى ترتبط ارتباطا مباشرا بحالات الخضوع والاستسلام. كما أنني حاولت في أخرى أن أترجم هذا الصمت الذي يلبد حياة النساء بشكل أو بآخر فرفعته في صور نافرة ليحاكي مشاهده». ففي لوحة «الغضب المتفجر» تعبر الفنانة اللبنانية عن لحظات الهدوء التي تستكن إليها النسوة بعد مشاكسات تتعرض إليها من الطرف الآخر فتصورها صاحبة عينين فارغتين من نبض الحياة تتوسط ملامح وجه يفكر بالمستقبل ولو على مضض. وفي «أنا هو» تنقل إلينا انعكاسات علاقة المرأة بالرجل والعكس صحيح بعد أن وزعتها وفي صورة وجه واحد على الأنثى والذكر. «لا أركن إلى الألوان القاتمة بتاتا في رسوماتي إذ وجدت في الفاتحة منها وسيلة لقلب المعادلة التي تقول بأن الأبيض والأصفر الفاهي والأحمر وغيرها من الألوان المشعة لا تعبر إلا عن السلام. فهي أيضا يمكن أن تنقلنا إلى حالة قلق وعدم اطمئنان حسب الطريقة المستخدمة فيها».
في لوحات أخرى نلاحظ وجوه نساء تطفو عليها حالة من الاكتفاء الذاتي فيما تأخذنا رسومات يحتل فيها الأبيض المساحة الأكبر إلى فضاء تفسيرات مختلفة عمدت الفنانة على عدم تسميتها لتترك لمشاهدها حرية الرؤيا حسب الحالة التي يمر بها. وفي لوحة «بو دان» المستوحاة من قصة عالمية خاصة بالأطفال (جلد الحمار) تضع هادية الأصبع على الجرح من خلال خطوط زرقاء متشابكة تغطي وجه امرأة غير متزنة نفسيا للإشارة إلى كمية الخوف التي تعيش في كنفها بعد أن كسر الواقع حلمها الطفولي.
ومع «ألفونس» و«كلاريسا» و«حنة» و«قسوة الطريق» لا تتوانى الفنانة اللبنانية خريجة قسم التصميم الغرافيكي في جامعة الألبا، أن تعبر من خلال هذه اللوحات عن محطات هامة في حياتها ألهمتها لإكمال المشوار على طريقتها. «لم أشأ أن أحصر نفسي في مهنة تجارية تروج لمنتجات معينة قد لا أكون مقتنعة بفعاليتها. فلذلك انتقلت إلى العمل الفني الذي أطل من خلاله على جمعيات ومؤسسات خيرية أمارس في مشاريعها لمسة من الإنسانية التي نفتقدها في زمننا». تعلق هادية خوري التي تندرج مخيمات اللاجئين على لائحة طبيعة عملها الفني.
تستخدم في سلسلة لوحات غير معنونة مهنة الخياطة فتقفل بخيوط حمراء ثغر امرأة تعاني، دون أن تتاح لها فرصة التعبير عن ألمها إلا بدموعها. فيما تصور بخيوط زرقاء أمواج أفكار تتخبط في رأسها. وفي صور أخرى تظهر مبدأ غض النظر الذي تعتمده المرأة في كثير من الأحيان لتفادي مشكلة معينة ضمن لوحة مطرزة برسومات صغيرة تغطي وجهها بعين مفتوحة وأخرى مغمضة.
«رأيت في التطريز النافر الذي اتبعته وسيلة تعبير تخرج ما في العتم إلى الضوء، ففي أعماقنا أشياء كثيرة أقفلنا عليها لأننا لم نتجرأ على إخراجها منا». تختم هادية خوري حديثها عن لوحاتها التي تمثل وجوه نساء هن كائنات بشرية ضعيفة تعيش في مجتمع عملاق.
ويستمر معرض «خطوط غير مسبوقة» (untaught lines) في غاليري «إس في» في منطقة الصيفي وسط بيروت لغاية 18 من الشهر الحالي.



عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
TT

عائلة سعودية تتوارث لقب «القنصل الفخري» على مدار سبعة عقود

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)
الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

في حالة استثنائية تجسد عمق الالتزام والإرث الدبلوماسي، حملت أسرة بن زقر التجارية العريقة في مدينة جدة (غرب السعودية) شرف التمثيل القنصلي الفخري لجمهورية فنلندا عبر 3 أجيال متعاقبة، في مسيرة دبلوماسية وتجارية متواصلة امتدت لأكثر من 7 عقود.

بدأت القصة كما يرويها الحفيد سعيد بن زقر، في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما علم الجد سعيد بن زقر، بوجود جالية مسلمة في فنلندا تعاني من غياب مسجد يجمعهم، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرار بالسفر إلى هناك لبناء مسجد يخدم احتياجاتهم الدينية.

الجد سعيد بن زقر أول قنصل فخري لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

لكن الشيخ سعيد واجه بعض التحديات كما يقول الحفيد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تتمثل في منع القانون الفنلندي تنفيذ المشروع في ذلك الوقت، وأضاف: «بعد تعثر بناء المسجد، تقدمت الجالية المسلمة هناك بطلب رسمي إلى الحكومة الفنلندية لتعيين الجد سعيد قنصلاً فخرياً يمثلهم، وهو ما تحقق لاحقاً بعد موافقة الحكومة السعودية على ذلك».

وفي وثيقة مؤرخة في السابع من شهر سبتمبر (أيلول) 1950، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تظهر موافقة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، على تعيين الشيخ سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة.

وجاء في الوثيقة: «فلما كان حضرة صاحب الفخامة رئيس جمهورية فنلندا، قد عيّن بتفويض منه السيد سعيد بن زقر قنصلاً فخرياً لحكومة فنلندا في جدة، ولما كنا قد وافقنا على تعيينه بموجب ذلك التفويض، فأننا نبلغكم بإرادتنا هذه أن تتلقوا السيد سعيد بن زقر بالقبول والكرامة وتمكنوه من القيام بأعماله وتخوّلوه الحقوق المعتادة وتمنحوه المميزات المتعلقة بوظيفته».

وثيقة تعيين الجد سعيد بن زقر صادرة في عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه (الشرق الأوسط)

وأضاف الحفيد سعيد، القنصل الفخري الحالي لفنلندا: «أعتقد أن جدي كان من أوائل القناصل الفخريين في جدة، حيث استمر في أداء مهامه حتى عام 1984، لينتقل المنصب بعد ذلك إلى والدي، الذي شغله حتى عام 2014، قبل أن يتم تعييني خلفاً له قنصلاً فخرياً».

وفي إجابته عن سؤال حول آلية تعيين القنصل الفخري، وما إذا كانت العملية تُعد إرثاً عائلياً، أوضح بن زقر قائلاً: «عملية التعيين تخضع لإجراءات دقيقة ومتعددة، وغالباً ما تكون معقدة، يبدأ الأمر بمقابلة سفير الدولة المعنية، يعقبها زيارة للدولة نفسها وإجراء عدد من المقابلات، قبل أن تقرر وزارة الخارجية في ذلك البلد منح الموافقة النهائية».

الأب محمد بن زقر عُين قنصلاً فخرياً على مستوى مناطق المملكة باستثناء الرياض مقر السفارة (الشرق الأوسط)

وتابع قائلاً: «منصب القنصل الفخري هو تكليف قبل أن يكون تشريفاً، حيث تلجأ بعض الدول إلى تعيين قناصل فخريين بدلاً من افتتاح قنصلية رسمية، لتجنب الأعباء المالية، وعادةً ما يتحمل القنصل الفخري كل التكاليف المترتبة على أداء مهامه».

ووفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن لقب القنصل الفخري، هو شخص من مواطني الدولة الموفد إليها، بحيث تكلفه الدولة الموفِدة التي لا توجد لديها تمثيل دبلوماسي بوظائف قنصلية إضافة إلى عمله الاعتيادي الذي عادة ما يكون متصلاً بالتجارة والاقتصاد.

يسعى الحفيد سعيد بن زقر إلى مواصلة إرث عائلته العريق في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية وفنلندا، والارتقاء بها إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات. يقول بن زقر: «منذ تعييني في عام 2014، حرصت على تأسيس شركات وإيجاد فرص استثمارية في فنلندا، خصوصاً في مجالات تكنولوجيا الغذاء والوصفات الصناعية، إذ تتميز فنلندا بعقول هندسية من الطراز الأول، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة للتعاون والابتكار».

الحفيد سعيد بن زقر القنصل الفخري الحالي لجمهورية فنلندا في جدة (الشرق الأوسط)

ويرى القنصل الفخري لجمهورية فنلندا أن هناك انفتاحاً سعودياً ملحوظاً على دول شمال أوروبا، ومن بينها فنلندا، وأوضح قائلاً: «تتركز الجهود بشكل كبير على شركات التعدين الفنلندية التي تُعد من بين الأكثر تقدماً في العالم، إلى جانب وجود فرص واعدة لم تُستغل بعدُ في مجالات صناعة السيارات، والطائرات، والصناعات الدفاعية».

وفي ختام حديثه، أشار سعيد بن زقر إلى أن القنصل الفخري لا يتمتع بجواز دبلوماسي أو حصانة دبلوماسية، وإنما تُمنح له بطاقة تحمل مسمى «قنصل فخري» صادرة عن وزارة الخارجية، وبيّن أن هذه البطاقة تهدف إلى تسهيل أداء مهامه بما يتوافق مع لوائح وزارة الخارجية والأنظمة المعتمدة للقناصل الفخريين بشكل رسمي.