ترمب يصف بشار الأسد بـ«المتهور» والكرملين يرفض دعوته لـ«تجنب كارثة» في إدلب

أميركا شددت على موقفها بالتدخل «العسكري السريع» إذا استخدم السلاح الكيماوي

سكان جسر الشغور في محافظة إدلب يستخدمون التراب لإطفاء نيران قصف الطيران الروسي على بلدتهم أمس (أ.ف.ب)
سكان جسر الشغور في محافظة إدلب يستخدمون التراب لإطفاء نيران قصف الطيران الروسي على بلدتهم أمس (أ.ف.ب)
TT

ترمب يصف بشار الأسد بـ«المتهور» والكرملين يرفض دعوته لـ«تجنب كارثة» في إدلب

سكان جسر الشغور في محافظة إدلب يستخدمون التراب لإطفاء نيران قصف الطيران الروسي على بلدتهم أمس (أ.ف.ب)
سكان جسر الشغور في محافظة إدلب يستخدمون التراب لإطفاء نيران قصف الطيران الروسي على بلدتهم أمس (أ.ف.ب)

تزايدت التحذيرات الأميركية من احتمالية ارتكاب مجزرة إنسانية في مدينة إدلب السورية الأيام القادمة، وذلك بعد تهديدات من النظام السوري وروسيا وإيران من الهجوم على المدينة السورية، بحجة مقاتلة الإرهابيين والمتمردين، بينما رفض الكرملين أمس، دعوة وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتجنب عمل عسكري في إدلب يمكن أن يسفر عن كارثة إنسانية. وأكد عزمه تأييد «عملية عسكرية لجيش النظام ضد قواعد الإرهابيين»، ملمحا إلى أن إطلاقها مرتبط باتفاق متوقع خلال القمة الروسية التركية الإيرانية المرتقبة في طهران الجمعة.
وفي تغريدة مسائية، أول من أمس، الذي صادف عيد العمال في أميركا، حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب من تهور الرئيس السوري بشار الأسد، وارتكاب مجزرة إنسانية في محافظة إدلب (شمال غربي سوريا)، واصفاً ارتكاب المجزرة بالخطأ الإنساني «الخطير»، والذي يجب ألا يقع.
وتأتي تغريدة الرئيس ترمب استمراراً لسلسة التحذيرات الأميركية التي أطلقت منذ أسبوعين التي استدعت أرسلت السفير جيمس جيفري مبعوثها في وزارة الخارجية للشؤون السورية، إلى تل أبيب، وأنقرة، والأردن لمناقشة الأوضاع الحالية في سوريا، ومحاولة الوصول إلى حلول عاجلة للوضع في إدلب.
من جهته، حذر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد، أمس الثلاثاء، من أنه إذا شنت القوات الحكومية السورية هجوما كبيرا على محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة فسيؤدي ذلك إلى كارثة إنسانية، وأوصى بدلا من ذلك بتنفيذ عمليات محددة على المتشددين هناك.
وذكر دانفورد، وهو جنرال بمشاة البحرية، أنه لا يوجد شك بشأن المخاطر المحدقة بالمدنيين بسبب طبيعة التضاريس في إدلب وصعوبة بيئة العمليات هناك. وقال للصحافيين خلال زيارة لأثينا: «نحن لا نرى أن العمليات العسكرية الكبيرة ستكون مفيدة للشعب السوري على أي حال». وأضاف: «إذا تم تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة، فنتوقع كارثة إنسانية، وأعتقد أننا جميعا نود تفادي ذلك».
وقدر رئيس هيئة الأركان المشتركة، أن هناك 20 ألفا إلى 30 ألف مسلح داخل إدلب، لكنه قال إنه لم يتضح بعد حجم العملية التي تخطط لها القوات السورية المدعومة من روسيا لإخراجهم من المنطقة. وأوصى بعمليات محددة ضد المسلحين. وقال: «أقترح تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب بطريقة تخفف من مخاطر فقد الأبرياء أرواحهم».
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أكد مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية استعداد الإدارة الأميركية للتدخل العاجل في حال استخدمت القوات السورية الأسلحة الكيماوية في إدلب، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تجاهل نظام الأسد التحذيرات الأميركية، ومنع استخدام الأسلحة المحظورة ضد المدنيين والبنى التحتية المدنية في سوريا.
وأفاد المصدر (فضل عدم ذكر اسمه) بأن الولايات المتحدة الأميركية ما زالت تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير المحتملة للهجوم العسكري من قبل النظام السوري في إدلب، ما سيؤدي إلى عواقب إنسانية مدمرة، ومن هذا المنطلق تم التواصل مع العديد من الأطراف الدولية بما فيها الحكومة الروسية والأمم المتحدة للتحذير من عواقب هذه الضربة، وإيضاح الموقف الأميركي من ذلك.
وأشار إلى أن واشنطن تواصلت مع الحكومة الروسية، والجيش الروسي في تنسيق على أعلى المستويات، لتؤكد أن الولايات المتحدة وشركاءها سيستجيبون لأي استخدام كيميائي متعمد في إدلب أو في أي مكان آخر في سوريا، وذلك بطريقة «سريعة ومناسبة».
وأكد المصدر أن واشنطن تدعم بالكامل عمل المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وجهود الأمم المتحدة في جنيف للتوسط في تسوية سياسية للنزاع السوري وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254، مشدداً على أن الولايات المتحدة ستظل مشاركة مع الأمم المتحدة والأطراف الأخرى بما في ذلك روسيا، لتشجيع جميع الجهود الممكنة لدفع العملية السياسية على النحو المطلوب في قرار مجلس الأمن.
وكان الجنرال جيمس ماتيس وزير الدفاع الأميركي أعلن الأسبوع الماضي في مؤتمر صحافي، أن الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بموقفها بخروج نظام الأسد من خريطة المستقبل السوري، وأن الموقف الأميركي لم يتغير وتدعم مخرجات اجتماعات جنيف ومبادرة الأمم المتحدة التي يقودها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، محذراً من استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، وأن واشنطن لن تقف متفرجة إذا تم ذلك.
وأضاف: «تلتزم الولايات المتحدة الأميركية بموقفها من نظام الأسد، ومخرجات اجتماعات جنيف والمبادرة التي تقودها الأمم المتحدة، بألا يوجد مكان للأسد في المستقبل السوري».
في موسكو، رفض الكرملين أمس، دعوة الرئيس الأميركي، وأكد عزمه تأييد «عملية عسكرية لجيش النظام ضد قواعد الإرهابيين»، ملمحا إلى أن إطلاقها مرتبط باتفاق متوقع خلال القمة الروسية التركية الإيرانية المرتقبة في طهران الجمعة. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أنه «لا بديل عن حل مشكلة وجود الإرهابيين في إدلب»، مشيرا إلى أن «إطلاق تحذيرات من أي عمل عسكري في إدلب من دون أخذ هذه المشكلة في الاعتبار لا يمثل منهجا شاملا وكاملا».
وأوضح بيسكوف أن «موسكو على علم بتحضيرات الجيش السوري لشن عملية ضد الإرهابيين، ولا شك في ضرورة حل مشكلة الوجود الإرهابي في إدلب». وزاد أن «مجرد إطلاق تحذيرات من دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الكبيرة جدا للوضع في إدلب، على الوضع في سوريا بأسرها، لا يبدو منهجا كاملا ولا شاملا».
وأضاف الناطق الرئاسي سببا آخر لتأكيد ضرورة شن عملية عسكرية، لافتا إلى «خطر الإرهاب في إدلب على المصالح الروسية في سوريا». مشيرا إلى «تهديد متواصل وملموس على نقاط التمركز المؤقت لقواتنا في سوريا، وسبق أن تحدث عن ذلك الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) ومن المناطق الواقعة هناك (في إدلب) يجري إطلاق مختلف أنواع الطائرات المسيرة التي تمثل تهديدا لنقاط مرابطة قواتنا».
وأشار بيسكوف إلى أن الوضع في إدلب لا يزال مصدر قلق خاص لدى موسكو ودمشق وأنقرة وطهران، بعد أن تشكل هناك «عش جديد للإرهاب يحتضن أعدادا كبيرة من الإرهابيين». وأضاف أن ذلك «يؤدي إلى زعزعة الوضع العام في البلاد، ما يقوض محاولات الانتقال إلى مسار التسوية السياسية الدبلوماسية».
وفي إشارة جديدة إلى أن القرار النهائي حول عملية إدلب سوف يتخذ خلال القمة الثلاثية في طهران، قال بيسكوف إن «مسألة إدلب ستكون من أهم أولويات القمة الروسية التركية الإيرانية المقبلة».
ورغم التحذير الذي وجهه ترمب أشار خبراء إلى أن الولايات المتحدة تبدو وكأنها تتقبل انتصار قوات النظام السوري في نهاية المطاف. واعتبر جوناس باريلو بليسنر الباحث في معهد هادسون في واشنطن، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن التحذيرات الأميركية بعيدة عن الواقع الفعلي في سوريا.
وقال بليسنر إن الواقع هو أن «الأسد يتقدم على الأرض بمساعدة برية من إيران وجوية من روسيا»، في الوقت الذي تعوّل فيه الولايات المتحدة على عملية سلام في جنيف برعاية الأمم المتحدة والتي يمكن القول بأنها «تراوح مكانها».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.