بداية متعثرة للبرلمان العراقي في دورته الرابعة

مهلة 10 أيام لانتخاب رئيس له ونائبيه

TT

بداية متعثرة للبرلمان العراقي في دورته الرابعة

بلا أي غطاء دستوري - طبقا لما أفاد به خبير قانوني متخصص - بدأ رئيس السن للبرلمان العراقي الجديد في دورته الرابعة ممارسة سلطاته رئيسا تنفيذيا، بما في ذلك الاجتماع برؤساء الكتل السياسية وتأجيل عقد الجلسات. وكان البرلمان العراقي قد افتتح أول من أمس دورته الرابعة في وقت لم يحسم الشيعة والسنة والكرد خياراتهم، على مستوى التحالفات أو اختيار ممثليهم في المناصب الرئاسية السيادية الثلاثة (الجمهورية والوزراء والبرلمان).
وعقدت الجلسة الأولى برئاسة أكبر الأعضاء سنا، النائب المستقل عن التيار المدني محمد علي زيني، الذي يقول الخبير القانوني جمال الأسدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن له «مهمتين فقط، هما تأدية اليمين الدستورية للأعضاء الجدد ومن ثم فتح باب الترشيح لرئاسة البرلمان»، مبينا أن «هذه المهام قد لا تتعدى ساعة أو ساعة ونصف ساعة، ومن ثم يعود رئيس السن نائبا كالنواب الآخرين».
وردا على سؤال بشأن استمرار عقد الجلسة عند افتتاحها أول من أمس حتى يوم أمس، ومن ثم تأجيلها إلى الخامس من الشهر الحالي، يقول الأسدي إن «كل هذه الإجراءات تمثل خرقا واضحا للدستور ولا يمكن القبول بها تحت أي ذريعة أو حجة». وأوضح الأسدي أنه «في حال ثبت أن رئيس السن قد وقّع على وثيقة بالتأجيل فإنه يضع نفسه تحت المساءلة القانونية ويرتكب مخالفة كبيرة». وكان رئيس السن اجتمع أمس مع قادة الكتل السياسية، وعلى إثره تم الاتفاق على تأجيل جلسات البرلمان إلى 15 سبتمبر (أيلول) الحالي لمنح الكتل السياسية مزيدا من الوقت لحل خلافاتها واختيار رئيس للبرلمان ونائبين له.
وفي الوقت الذي توجه فيه ممثلو الشيعة بكتلتي «الإصلاح والإعمار» التي تضم الصدر والعبادي والحكيم وعلاوي و«البناء» التي تضم المالكي والعامري، إلى المحكمة الاتحادية لحل الخلاف بشأن من هي «الكتلة الكبرى»، فإن السنة لم يتمكنوا من حسم خلافاتهم بشأن اختيار مرشح واحد من بين 6 لرئاسة البرلمان. ويعزو محمد الكربولي عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار والقيادي في المحور الوطني السبب في ذلك قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا يؤكد أنه ليست هناك للسنة مرجعية واحدة يمكن أن تضغط عليهم، وتحدد خياراتهم، كما أنه لا يوجد من بينهم من هو بمثابة أب أو راع كبير يمكن أن يلعب دورا في حسم هذه الخلافات». وفيما أعرب الكربولي عن أسفه لـ«عدم قدرة المكون السني على حسم هذا الخلاف» فإنه يرى أن «التفاهمات التي جرت قبل الوصول إلى تطبيق الاستحقاقات الدستورية لم تكن ناضجة بما يكفي بحيث ظهر لدينا عدد كبير من المرشحين».
إلى ذلك أكد القاضي جعفر الموسوي المتحدث باسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر دستورية الإجراء الذي سلكه «تحالف الإصلاح» بإعلان «الكتلة الكبرى». وقال الموسوي في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «الإجراء الذي سلكه تحالف الإصلاح بإعلان الكتلة الكبرى دستوري». وأضاف الموسوي أن «الإجراء الدستوري بإعلان أكثر الكتل عددا جاء بناء على نص المادة 18 من قانون الأحزاب النافذ والذي نص على أن رئيس التحالف أو الاتحاد هو من يمثله أمام القضاء والمفوضية والجهات الأخرى».
من جهته، دعا زعيم «ائتلاف الوطنية» إياد علاوي إلى ما أسماه حوارا وطنيا عاجلا يشمل الكرد وتحالفي «بناء» و«الإصلاح والإعمار». وقال علاوي في بيان: «كما كان متوقعا، اختل نصاب الجلسة البرلمانية الأولى ولم ينجح البرلمان في انتخاب رئيسه ونائبيه وسط استقطاب شديد نخشى من تداعياته على مستقبل العراق، وهو يمر بأشد ظروفه حساسية وحرجا». وأضاف علاوي «أدعو إلى البدء بحوار وطني عاجل بين أطراف محددة جدا من تحالفي (الإصلاح) و(البناء) من جهة والتحالف الكردستاني من جهة أخرى؛ لمنع تفاقم الأزمة والوصول إلى حلول منطقية مقبولة تضمن سلامة واستقرار البلد، والأهم هو الاتفاق على شكل ونوع البرنامج الحكومي المقبل بعيدا عن الأسماء والمواقع والمسميات». ورأى أن «الظروف الحالية لا تسمح بوجود معارضة حقيقية فاعلة وأن الجميع ينبغي أن يتحملوا مسؤولية النهوض بهذا البلد ومعالجة أزماته».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.